الطيب دكار: الصحراء المغربية - مجلس الأمن.. النشاط الدبلوماسي المكثف ينطلق في أكتوبر المقبل

الطيب دكار: الصحراء المغربية - مجلس الأمن.. النشاط الدبلوماسي المكثف ينطلق في أكتوبر المقبل الطيب دكار
في دورته المقبلة في أكتوبر، قد يعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا جديدا يكرس الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد لقضية الصحراء. وسوف يدعو المجلس أيضاً الأطراف إلى المفاوضات من أجل تنفيذ هذا القرار، الأمر الذي من شأنه أن يغلق بالتالي هذا الملف داخل أروقة الأمم المتحدة ، ولا سيما الجمعية العامة واللجنة الرابعة.

ومن المؤكد أنه ابتداء من شهر أكتوبر ،وبعد المصادقة على مثل هذا القرار، فإن الحكم الذاتي، ولا شيء غير الحكم الذاتي، سيضع حدا لأي فرضية أخرى حول مستقبل الصحراء المغربية. من بين انعكاسات هذا القرار هناك تساؤل حول مصير الجمهورية الصحراوية المزعومة التي ينبغي أن تذوب لتفتح المجال لاحتمال تأسيس حزب سياسي للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المستقبلية. ولكن كيف سيتعامل الاتحاد الأفريقي مع هذا المخلوق الآن بعد أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حكما بالإعدام ضد الطموحات الطوباوية للجزائر ؟

السؤال الذي يطرح هو:

كم من الوقت سوف تستغرق المفاوضات؟ هل سيحدد مجلس الأمن جدولا زمنيا وموعدا نهائيا؟

الجزائر قد تمتنع عن المشاركة في المفاوضات، كما قد تأمر صنيعتها بنهج نفس السلوك. فرضية أخرى: الجزائر سوف تشارك في هذه المفاوضات، ولكنها ستستخدم مختلف الحيل لعرقلة المفاوضات ، لأطول فترة ممكنة، في انتظار نهاية ولاية دونالد ترامب، على أمل حدوث تغيير يناسب مصالحها.

الجزائر غير راضية إطلاقا عن تأكيد الاعتراف بمغربية الصحراء، بل إنها تراجعت عن مشاركتها في مناورات أفريكوم، رغم أنها كانت قد التزمت بحضورها بصفة مراقب، آملة حينئذ أن تتخلى واشنطن عن دعمها للمملكة.

من الصعب أن نراهن على فرضية "الاستسلام" ، لأن الجزائر متورطة حتى النخاع في هذه القضية إذ يصعب تصور انسحابها بكل بساطة. ومن غير المستبعد أن يكون تورطها السياسي والمالي والدبلوماسي والعسكري سببا في البؤس الذي يعيشه الشعب الجزائري يوميا. والحل الأبسط هو الرجوع إلى الوراء تكتيكيا بلباس دولة مجاورة ومراقبة حقيقية (مثل موريتانيا) وتوجيه صنيعتها للمشاركة في المفاوضات وتحمل مسؤولياتها كاملة.

الجزائر تستضيف على أراضيها بمخيمات تيندوف سكانا ليسوا جميعا من الأقاليم الجنوبية للمغرب، وفي رأيي ،ستسعى إلى إيجاد حل من شأنه أن يضع حدا نهائيا لمخيمات تندوف. إن القول بأن المغرب لن يستقبل إلا المواطنين المنتسبين للصحراء المغربية، لن يرضي الجزائر التي ستسعى إلى "تصفية" مخيمات تندوف من كل ساكنيها مرة واحدة وإلى الأبد. لأن الاستفتاء لتأكيد وضع الحكم الذاتي لن يكون، في رأيي المتواضع، مخصصا فقط للصحراويين، مواطني الإقليم وأحفادهم. نحن أمام استفتاء تأكيدي، يحظى باتفاق الأطراف، وليس استفتاء تقرير المصير الذي تقتصر المشاركة فيه على السكان الأصليين فقط.
كل هذه الإشكالات ستطرح على طاولة المفاوضات، إضافة إلى صلاحيات المؤسسة التي ستؤول إليها إدارة الحكم الذاتي، وكذا اختصاصات السلطة المركزية في الرباط. ومن الطبيعي أن يتعلق الأمر أيضًا بالانتخابات المحلية والإقليمية والحملات الانتخابية. لن يكون هناك بعد الآن أي مجال لحصر المشاركة في الانتخابات على الصحراويين الأصليين. لم نعد أمام استفتاء حول تقرير المصير.
 
الطيب دكار، كاتب صحفي