من إسطنبول.. دعوة لبناء الأمل من الركام..هل تبدأ إعادة إعمار فلسطين من هنا؟

من إسطنبول.. دعوة لبناء الأمل من الركام..هل تبدأ إعادة إعمار فلسطين من هنا؟
في مدينة إسطنبول، وتحت شعار "من الركام نبني الأمل" – ينعقد ملتقى الهيئة العربية الدولية للإعمار في فلسطين، الذي انطلقت اشغاله يوم 18 أبريل 2025، جامعاً بين مهندسين، وخبراء تنمية، وممثلي منظمات دولية، وحالمين بإعادة الحياة إلى أرض أنهكها الحصار والحرب.

في قاعات النقاش، لم يكن الصوت الفلسطيني وحده هو الحاضر. بل رُفِعَت أصوات تجارب عالمية من أوروبا إلى اليابان، ومن العراق إلى البوسنة، لتقديم دروس في كيف يمكن أن تقوم الشعوب من تحت أنقاض الدمار، إن توفرت الإرادة، وتوقفت النار، وتجمعت الموارد.

وخلال أشغال هذا المؤتمر طرح المتدخلون نماذج استثنائية في الإعمار، مثل خطة "مارشال" التي انتشلت أوروبا من رماد الحرب العالمية الثانية، وتجربة اليابان التي تحولت من الهزيمة إلى قاطرة للتكنولوجيا. كما توقف البعض عند درس العراق، حيث الإعمار رافقه اختلال سياسي وأمني عطّل كثيراً من المشاريع.

السياق الفلسطيني، كما هو واضح، أكثر تعقيداً. الحصار، والانقسام السياسي، واستمرار العدوان، كلها عوامل تجعل أي خطة إعادة إعمار أقرب إلى الحلم منها إلى الواقع. لكن من بين الركام، برزت أفكار هندسية خلاقة.

واحدة من أهم المحاور التي لاقت اهتماماً في الملتقى هي إعادة تدوير مخلفات المباني المدمرة. فبدلاً من أن تظل الركامات شاهداً صامتاً على الدمار، يمكن تحويلها إلى مادة بناء، تعاد صياغتها في أساسات المدارس والمنازل والمستشفيات. في هذا الإطار، تم عرض دراسات وتجارب عملية من غزة، وبعض الجامعات الفلسطينية التي تشتغل في ظروف بالغة الصعوبة لتطوير هذه التقنيات.

لكن العقبة الأكبر تظل أمنية: الألغام غير المنفجرة التي تنتشر وسط الحطام، تشكل تهديداً لحياة السكان والمهندسين، وتعرقل كل جهود الإعمار.

منذ تأسيسها عام 2008، نفذت الهيئة العربية الدولية للإعمار مشاريع بقيمة تناهز 70 مليون دولار، شملت قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والمياه. غير أن هذه الجهود، بحسب مسؤولي الهيئة، تظل مجرد بداية، ما لم يتم التوافق على خارطة طريق ثلاثية المراحل تشمل: التدخل الإغاثي الفوري، حصر الأضرار وتقييمها ميدانياً، إطلاق عملية إعمار شاملة ومستدامة.

هذه الخطة تتطلب قبل كل شيء، كما اجمع المشاركون في المؤتمر "وقف العدوان... فبدون ذلك، كل لبنة بناء تصبح هدفاً محتملاً".

الملتقى طرح سؤالا مهما وجوهريا هو: هل هناك فعلاً إرادة دولية حقيقية لدعم الفلسطينيين في نهوضهم من الدمار؟ أم أن الإعمار سيظل ملفاً معلقاً، رهينة للمساومات السياسية؟