العربي الزكدوني ومحمد الناجي ينتقدان مخططي المغرب الأخضر وأليوتيس ويكشفان تداعياتهما على الأمن الغذائي

العربي الزكدوني ومحمد الناجي ينتقدان مخططي المغرب الأخضر وأليوتيس ويكشفان تداعياتهما على الأمن الغذائي العربي الزكدوني ومحمد الناجي (يسارا)
سلط خبراء في القطاع الفلاحي والصيد البحري الضوء على الوضع المأزوم الذي يعيشه القطاع الفلاحي نتيجة تداعيات الجفاف والاستنزاف الذي تعرضت له الفرشة المائية وتغليب الطابع التصديري في إطار مخطط المغرب الأخضر ومخطط الجيل الأخضر على حساب المنتجات الأساسية (الحبوب السكر، الزيوت الأمر الذي يفرض بحسب الخبراء إعادة التوازن بين الفلاحة التصديرية والمعيشية لتحقيق الأمن الغذائي

 

وفي مداخلة ضمن الندوة التي نظمتها جمعية مهندسي العدالة والتنمية بعنوان " الأمن الغذائي بين مخططي المغرب الأخضر واليوتيس" وذلك يوم السبت 12 أبريل 2025 لفت العربي الزكدوني، الخبير في القطاع الفلاحي الى أهمية الابتعاد عن الشخصنة في تحليل الوضع الذي يعاني منه القطاع الفلاحي في المغرب، علما أن الأمر يتعلق بمسؤولية جماعية لجميع الأطراف الحكومية، كما أن مخطط المغرب الأخضر تتحمل مسؤولياته

 

مختلف الحكومات المتعاقبة منذ 2008، مشيرا بأن ما آلت إليه فلاحتنا اليوم يعد نتيجة لتراكمات نهجها المغرب منذ زمن طويل.

 

وأضاف الزكدوني أن مشكل الماء ليس جديدا في المغرب، والدليل على ذلك هو نوعية مناخ المغرب، فالأراضي الجافة وشبه الجافة والصحراوية تمثل 90 في المائة من الأراضي

 

المغربية، مما يعني أن الكم السنوي للتساقطات المطرية والثلجية منخفض أي أقل من 400 ملم ويخضع لتقلبات بين سنة وأخرى وقد ينزل الى 200 ملم أو 100 ملم، بل حتى داخل موسم فلاحي واحد يمكن الانطلاق بكمية مهمة من

 

الأمطار وإنهاء الموسم بالجفاف. وهذا النوع من المناخ - يضيف الزكدوني - يختلف من منطقة الى أخرى، وهذا ما أعطى تنوعا كبيرا للفلاحة المغربية والمناطق القروية.

 

وأشار إلى أن استغلال الفرشة المائية انطلق بعد سنوات الجفاف في الثمانينيات من القرن الماضي، بعد إحداث صندوق التنمية القروية عام 1986 والذي دعم استغلال المياه الجوفية من أجل الري، كما رفعت الدولة يدها عن توجيه الإنتاج الزراعي في المدارات السقوية الكبرى.

 

وعند إطلاق مخطط المغرب الأخضر لم تتم مراعاة التوجيهات الملكية للمرحوم الحسن الثاني في نهاية التسعينيات، فيما يتعلق بخطورة الوضعية المائية، حيث كان يركز على تكثيف الإنتاج وهو ما يعني تلقائيا استنزاف الماء، مضيفا بأن الاختيارات التي تم نهجها

 

تجعل المرء يشعر أن المغرب كان في مأمن من الناحية المائية، في حين كان العكس تماما .

 

ما انتقد الزكدوني تركيز مخطط المغرب الأخصر على دعم إنتاج الفواكه الحمراء، لافتا الانتباه الى أن مساحة هذه الأخيرة ورغم هذه الانتقادات تظل محدودة اذا استحضرنا توفر المغرب على 9 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، قبل أن يطلق تحذيره بشأن انتشار زراعة نخيل المجهول والذي لا يجري الحديث عنه يضيف الزكدوني - في كل من بوذنيب والرشيدية ووارزازات في أراضي رعوية وما يعنيه ذلك من استنزاف للمياه الجوفية وبدعم من الدولة ، مشيرا بأن

 

المستثمرين في هذه المناطق يتوفرون على صهاريج مائية مساحتها هكتار، وهي معرضة للتبخر تحت درجة الحرارة الكبيرة التي يعرفها الجنوب الشرقي خلال فصل الصيف .

 

وقال الزكدوني في مداخلته إن الأمر يتعلق بالإجهاز على رصيد وطني لمكون من مكونات الهوية المغربية في الجنوب الشرقي أي الواحات التقليدية من طرف المستثمرين في إنتاج تمر المجهول، متسائلا عن الاستدامة اذا استحضرنا الأهداف المسطرة في مخطط المغرب الأخضر.

 

كما تطرق أيضا الى الدعم القوي للأشجار المثمرة من طرف صندوق التنمية القروية في الجنوب الشرقي، مثل أشجار زيتون محذرا من كون ذلك يتم في أراضي رعوية، كما أن زرع هذا النوع من الأشجار في هذا المناطق يعرضها للضرر والموت، علما أن وزارة الفلاحة - يضيف - لا تمدنا بإحصائيات حول مساحات الأشجار المثمرة التي تعرضت للتلف منذ جفاف 2018.

 

وبخصوص القطاع الحيواني، كشف الزكدوني عن معطيات صادمة قائلا: «اليوم معظم منتجات اللحوم البيضاء والحليب واللحوم الحمراء تعتمد كليا على مدخلات مستوردة من الخارج، بل إن 6 ملايين قنطار من القمح تستعمل كأعلاف بدل توجيهها للاستهلاك البشري».

 

وأكد أن تراجع القطيع الوطني ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات بدأت منذ سنوات بسبب انهيار النظام الرعوي التقليدي، واتساع رقعة الملكية الخاصة وتقلص المساحات المخصصة للحبوب في إطار سياسات المخطط الأخضر، مشددا على وجود علاقة عضوية بين إنتاج الحبوب وتربية الماشية.

 

وفي ختام مداخلته، طالب الزكدوني بضرورة التوفر على أنظمة مستقلة ومتخصصة لتقييم السياسات الفلاحية، قائلا: «ما دمنا لا نتوفر على أجهزة تقييم مستقلة، فسنظل ندور في حلقة مفرغة دون مساءلة حقيقية لنتائج المخططات التي تؤثر في مصير الأمن الغذائي المغربي».

 

في نفس السياق أشار محمد الناجي الأستاذ الجامعي والخبير في الصيد البحري والفلاحة، أن نتائج المخطط الأخضر كارثية ومن مظاهرها استنزاف الفرشة المائية واستنزاف المراعي التي تعتبر مكونا أساسيا من مكونات الأمن الغذائي، محذرا من أن مجموعة الضغط الفلاحي تحاول أن تغير الفلاحة المغربية من منطق تأمين الأمن الغذائي إلى منطق التصدير.

 

وقال الناجي إن المقاربة القائمة في تدبير قطاع الفلاحة هي نفسها المعتمدة في قطاع الصيد البحري، والقائمة على مرجعية نيوليبرالية، والتي لا تعطي الأهمية للمجتمع والبيئة، مما نتج عنه استنزاف للثروة وتركيز على التصدير.

 

ونبه الخبير في الصيد البحري، إلى أن المغرب بعيد كل البعد عن تحقيق السيادة الغذائية بسبب عدم التحكم في المدخلات لارتهاننا بالإمدادات والمنتجات الخارجية» ملفتا إلى أن البذور الأساسية التي يستعملها المغرب لزارعة الخضروات والفواكه لا ينتجها .

 

وقال الناجي، إنه بالرغم من أن بلادنا حققت اكتفاء ذاتيا في بعض المنتجات الفلاحية، إلا أننا لا نملك سيادة غذائية، في الدجاج والطماطم ومنتجات أخرى.

 

ومن جانب آخر، حذر الناجي من أن الثروة السمكية قد عرفت نزيفا غير مسبوق أدى إلى تراجع العديد من المصايد، وانتشار الصيد الجائر، مما يهدد استدامة القطاع على المدى الطويل، منتقدا ضعف فعالية أنظمة المراقبة ومكافحة الصيد غير القانوني وغير المصرحبه ومشددا على أن الحاجة ملحة إلى تعزيز الرقابة والجزر من جهة وتطوير مقاربات بديلة تعتمد على التشاركية.

 

كما توقف المتحدث ذاته، عند التحديات البيئية التي تشكل تهديدا كبيرا للنظم البيئية البحرية وجودة المنتجات السمكية، وتغير المناخ الذي يؤثر على توزيع الأنواع السمكية وإنتاج النظم البحرية وتدهور الموانئ البحرية والساحلية نتيجة الأنشطة البشرية المختلفة.

 

وفي هذا الصدد، حث الخبير الناجي على ضرورة إعادة التوازن بين التصدير وتلبية احتياجات السوق المحلي، وتعزيز الحفاظ على الموارد السمكية والاستغلال المستدام، وتطوير تدريجي لتربية الأحياء المائية، وتحسين نظم الحكامة وآليات التنسيق.

 

وبخصوص مخطط أليوتيس، وجه الخبير في الصيد البحري انتقادات بسبب تركيز الاستراتيجية على تعزيز الصادرات أكثر من تلبية احتياجات السوق المحلي، وازدياد الطلب الخارجي وارتفاع أسعار المنتجات السمكية ما أدى إلى توجيه جزء كبير من الإنتاج نحو التصدير، والنتيجة بحسبه حرمان شريحة واسعة من المغاربة من المنتجات السمكية عالية القيمة واقتصارهم على الأنواع الرخيصة مثل السردين.