محمد عزيز الوكيلي: ترامب بضرائبه الجديدة يقدم خدمة غير مسبوقة للمغرب!!

محمد عزيز الوكيلي: ترامب بضرائبه الجديدة يقدم خدمة غير مسبوقة للمغرب!! محمد عزيز الوكيلي
قد لا يلتفت كثيرون إلى الصخب الهائل الذي أثارته القرارات الضريبية الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المتعلقة بالنسب المئوية من الرسوم الجبائية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية، برسم عُهْدَة ترامب الثانية، على السلع الواردة عليها من مختلف دول العالم!!
 
هذه الضرائب رآها البعض قاسية إلى درجة التعجيز والبهدلة، كما وقع بالنسبة للصين مثلاً، والتي كان نصيب سلعها ومنتجاتها المصدرة إلى السوق الأمريكية تصل إلى نسبة 45 في المائة، وهي نسبة قابلة للتفهم من لدن الباحثين والدارسين والمتتبعين لماجريات عالم المال والأعمال، بالنظر للمنافسة الشديدة والشرسة، التي تمارسها التجارة والصناعة الصينيتَيْن حُيَالَ نظيرتَيْهِما الأمريكيتَيْن، ليس على صعيد أسواق بلاد العم سام وحدها، بل على الصعيد العالمي برمته، والذي باتت المنتجات الصينية فيه تزاحم الصناعات الأمريكية إلى درجة دحرها والحلول محلّها في بعض المواقع، بسبب رخص اليد العاملة الصينية من جهة، ومن جهة ثانية من جراء جودة المصنوعات وقدرتها التنافسية، ثم على صعيد العامل الكمّي، الذي يبدو أن المعامل الصينية تغزو به العالم بثبات وإصرار لم يسبق لهما نظير من جهة ثالثة!! 
 
بالمناسبة، والمناسبة شرط كما يقول المناطقة، فجارتنا الشرقية كان نصيبها نسبة 30 في المائة من قيمة منتجاتها الموجهة إلى الولايات المتحدة، التي صارت في هذه الفترة الصاخبة قمينةً بحمل مُسمّى "بلاد العم ترامب" (!!!) وبالمناسبة أيضا، وهذا هو الأهم، فقد كان نصيب المغرب محدودا في نسبة 10 في المائة، وهي نسبة تفضيلية بكل الدلالات السياسية والاقتصادية والمالية للكلمة، بينما كان نصيب جارتنا الشمالية، الإيبيرية، 20 في المائة، وهو ما جعلها تستشيط غضباً، وتبدأ لتوّها في المعاناة من جراء حملات احتجاج بلغت أقصاها، تقودها مجالسُ إدارة شركاتها الإنتاجية ومصانعها المعنية باالتصدير باتجاه الولايات المتحدة، حتى أن الحكومة الإسبانية اضطرت من الآن إلى الإعلان عن تخصيص دعم لشركاتها المتضررة بفعل القرار الضريبي الأمريكي حددته مبدئيا وبرسم هذه السنة في مبلغ 14 مليار دولار، وهو رقم بالغ الهَوْل والخطورة بالقياس إلى الاقتصاد الإسباني، الذي يستطيع بالكاد أن يحتفظ بموقعه في خريطة "العالم الثاني"، الذي يشارك فيه إلى جانب إسبانيا بعضُ دول كل من أوروبا الغربية ونظيرتها الشرقية، وبعض البلدان ذات الاقتصادات الصاعدة!!
 
بالمناسبة مرة أخرى، فإسبانيا لم تُخفِ تضايُقَها من الحظوة التي استأثر بها جارها المغربي،  وإن كان ذلك لا يصل إلى درجة الحِدّة التي استقبلت بها الجزائر ذلك الفارقَ الهائل، 3 إلى 1، الذي يميّزها عن "عدوها الكلاسيكي"، بتعبير حكامها المجانين!!
 
وعلى ذكر الجزائر، فإن هذه الجارة الشمطاء لن تلبث أن تحرك أقلامها وإعلامها المراحيضي، وباقي مؤسساتها الفضائحية، من أجل نعت الحظوة المغربية لدى الرئيس دونالد ترامب بكونها نتيجة منطقية لتداعيات "اتفاق أبراهام الثلاثي"، وتُرجِع ذلك أيضاً إلى اعتماد المغرب على اللوبيات الإسرائيلية القابضة على أزمّة عوالم السياسة والمال والأعمال في "بلاد العم ترامب" ... وليس من المستبعد أن تَعزُوَ الجزائر ذلك من جهة أخرى إلى ما تُسَمّيه "بالمؤامرة المغربية الصهيونية" الهادفة إلى تقويض اقتصاد بلد "الواحد وثلاثين مليون" شهيد، كما عدّهم الرئيس عبد المجيد تبون في أحد خطبه المشهودة، عندما قال إن فرنسا عندما دخلت بلاده سنة 1830 وجدت فيها أربعين مليون نسمة، فلما غادرتها في سنة 1962 لم تترك فيها سوى تسعة ملايين... فيا لها من كذبة تشيب لها الولدان (!!!) 
 
ولا أعتقد أن تلك الجارة البلهاء، ستنتبه إلى أن الذي يفرقها عن المغرب في علاقتهما معا بالولايات المتحدة الأمريكية أن بلادنا تجمعها بهذه الأخيرة اتفاقية للتبادل الحر عمرت إلى الآن لأكثر من ربع قرن، وأن رقم معاملاتنا التجارية معها يناهز ثمانية ملايير دولار دون غاز ولا نفط، بينما معاملاتها مع الجزائر لا تتجاوز بالكاد نفس الرقم رغم أنها بلاد غاز ونفط، بمعنى أن هذا الرقم مرشح في كل لحظة للسقوط بمجرد وقوع أيِّ انخفاضٍ حاد في أثمنة الغاز والنفط عالميا، وهذا بالذات ما يسعى إليه الرئيس الأمريكي في الآونة الأخيرة، حتى أنه أوعز إلى المملكة العربية السعودية بأن ترفع حجم انتاجها اليومي إلى أقصاه بغرض إغراق السوق بالنفط السعودي، لعلمه بأن الدول النفطية الأخرى لن تلبث أن تحذو حذو الرياض، حتى لا يفوتها نصيبها من الكعكة... وبطبيعة الحال، ستجد الجزائر نفسها عارية إلا بالقليل اليسير الذي يمكن بالكاد أن يستر عورتَها، وساعتئذٍ لن ينفعها حتى الإعفاء التّامّ من الضريبة الأمريكية... والأيام بيننا!!! 
محمد عزيز الوكيلي،  إطار تربوي.