أحمد الحطاب : تَمَغْرَبِيتْ

أحمد الحطاب : تَمَغْرَبِيتْ أحمد الحطاب
"تَمَغْرَبِيتْ" لفظٌ أصبح متداولاً في شبكات التواصل الاجتماعي. والمقصود منه هو أن الوطنَ المغربي والشخصية المغربية لهما خصوصيات اجتماعية وثقافية ينفرد بها الوطنُ والشخصية المغربية. وهذه الخصوصيات ليست وليدةَ الأمس، بل تضرب جذورُها في أعماق التاريخ، وتتمثَّل في مجموعة من القيم les valeurs والمبادئ les principes الأنسانية.
 
وهذه القيم والمبادئ لم تُمطِرها السماء. بل التاريخ هو الذي صنعها، من خلال تساكن وتعايش الناس داخلَ المجتمعات. بمعنى أن هذه القيمَ والمبادئ وطنية أو محلِّية المنشأ، بحُكم التفاعل الذي كان ولا يزال قائماً بين أعضاء الأجيال المتعاقبة على العيش داخلَ المجتمعات.
 
وعلى رأس هذه القيم والمبادئ، يأتي الانتماء للوطن بجميع روافده الإثنية، الاجتماعية، الثقافية، اللغوية… التي تنصهر كلُّها في المواطنة و وحدة الوطن وفي الشخصية المغربية. كل الفوارق تنمَحِي ويبقى الانتماءُ للوطن appartenance à la nation هو الجامع للناس le rassembleur des gens حول كل القضايا ذات الصِّبغة الوطنية. كل مغربي حر ومُؤمنٌ إيماناً راسِخا بمواطنته، يجعل من الانتماء للوطن الخيطَ الناظمَ لوجودِه وتصرُّفاتِه. حينَها، يصبح من أشرس المدافعين عنه في السراء والضراء.
 
ولقد أبَان أو عبَّر المغاربةُ عن حقيقة أنتمائهم للوطن مباشرةً بعد وقوع "زلزال الحوز" حيث هبُّوا متضامنين لمساعدة أخواتِهم وإخوانهم، ضحايا هذا الزلزال. والانتماء للوطن هو الذي جعل المغاربةَ يصطفُّون وراء جلالة الملك لنُصرة وحدتِنا الترابية notre intégrité territoriale.
 
تأتي بعد الانتماء للوطن، عزَّة النفس l'estime de soi أو l'amour propre وكرامتُها sa dignité. كل مغربي حر ومؤمنٌ بمواطنته، لا يسمح لأيٍّ كان أن يخدشَ أو أن يُلحِقَ ضرراً بعِزَّة نفسه وبكرامتها. وعزَّة النفس وكرامتُها هما الركيزتان الأساسيتان والدَّاعِمتان لقيمة الانتماء للوطن. فكل مَن ألحق ضرراً بالانتماء لهذا الوطن، فكأنه ألحق ضرراً بعِزة النفس وكرامة المواطنين.
 
وقد أبان المغاربةُ عن رسوخ هذه القيم الثلاثة في وِجدانهم حينما استجابوا لنداء المرحوم الحسن الثاني القاضي بتنظيم المسيرة الخضراء la marche verte لاستكمال وحدتِنا الترابية pour parachever notre intégrité territoriale. 
 
أما الشخصية المغربية la personnalité marocaine، فهي معروفة، منذ القِدم، داخلياً وخارجيا بكرم الضيافة hospitalité  والانفتاح على الثقافات الأخرى. وهذه الشخصية موجودة منذ ما يزيد عن 3000 سنة. وهي التي أفرزت دوَلَتَي الموحدين والمرابطين اللتان امتد نفوذهما شرقا وشمالاً وجنوباً. اليوم، بواسطة العلويين، ذاع صيتُ الشخصية المغربية إفريقياً ودوليا، وبالأخص، من الناحية الدبلوماسية. دبلوماسية كلها نجاح بفضل التكتُّل والانسجام القائم بين الشعب وملكه.
 
وقضية وحدتنا الترابية العادلة جلبت للشخصية المغربية الاحترامَ المتزايدَ من طرَف المجتمع الدولي ومن جميع القوى الحية المؤمنة بالسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان.