إدريس المغلشي: الفن رسالة قبل أن يكون تجارة

إدريس المغلشي: الفن رسالة قبل أن يكون تجارة إدريس المغلشي
الفن مرآة تعكس مستوى ثقافة وحضارة ورقي المجتمع. لكن بالمغرب هناك من يسعى لربط العمل الفني بكل تجلياته مسرح ،سينما ،مسلسلات وفنون أخرى منسية في شهر واحد ويتعلق الأمر برمضان الذي يحمل معه كثيرمن التساؤلات والهموم أيضا، فلم يتركوه يتمتع بقداسته وروحانيته، بل سارعوا لإفساد كل الأجواء.استهدفواكل عوامل الاستقرار النفسي ولم يذخروا جهدا ليغتالوا أدواره وسط كم هائل من التفاهة والسفاهة وبأموال عمومية بلاحسيب ولارقيب. كثيرا مايوضع السؤال التالي لماذا كل هذا اللغط حول الدراما في هذا الشهر؟ لماذا سلم فيصل العرايشي في إصرار زمام الأمور للباطرونا والإشهار لتعبث بذوق المشاهد في زمن نحتاج فيه لجلسة من أجل تصحيح كثير من أعطابنا الاجتماعية بشكل هادئ وهادف يرسخ لدى الناشئة سلوكا مواطنا ويحقق لنا جميعا السلم الاجتماعي ونسعى معه لخلق نقاش يساهم في الوعي حول تحديات المرحلة. وجعل كل رهانات الوطن في متناول الجميع من خلال خلق نقاش منفتح على جميع الحساسيات بما يعزز منظومة القيم والتربية على المواطنة.
يبدو أننا نعيش مرحلة مختلفة احتكر فيها المال كل شيء لم يترك مجالا لم يقتحمه ويسيطر عليه. صادر حق الفاعلين في الحقل السياسي من خلال مصادرة التشريع وصناعة القرار داخل الغرفتين بأغلبية متحكم فيها مقابل معارضة لا تأثير لها.لجأ إلى الإعلام بكل أصنافه وأحكم قبضته عليه من خلال الدعم فيما بقي الإعلام المستقل صامدا مسنودا بدعم جمهور يقاوم خطط الاستهداف وقضايا المحاكم ولم يترك له مجالا كي يتفرغ لمواضيع ذات حساسية تهم المواطن في أجواء من قمع الحريات ومصادرة حق الاختلاف ووضع سياسي مقلق وصل إلى وضعية من الرداءة غير مسبوقة ، نتساءل مع كل هذا ،كيف نطلب فنا راقيا وسط هذا الكم من الانحطاط ؟ لايمكن تحقيق الطلب في ظل شروط منعدمة للقيام بالتأهيل المطلوب .
الفن الحقيقي يرقى بمستوى وعي الناس ومساحات الحرية والإبداع المتميز وهو مشروط بالأساس بمعطى الديمقراطية الحقة وحرية التعبير. الملاحظ أن أصناف الأعمال الفنية المقدمة عبرالإعلام العمومي لم تخرج كالعادة عن دائرة أعمال متواضعة يغيب عنها الإبداع بالنظر للامكانات المطروحة ، اصبحت مثار احتجاج ورفض تلك النماذج التي اجمع النقاذ على أن هناك ازمة تأليف بل تشير بشكل قوي إلى وجود ازمة كتابة ومضمون نص ، كيف أصبح الفنان رهينة في يد مال المقاولة تملي عليه شروطها دون الالتفات لخصوصيته أو أدواره كي يفرضها في المنتج . صرنا نشاهد مكرهين أعمالا لاتمت لقيمنا الأصيلة ولاتبعث فينا أي دافع إنساني للإحساس بالانتماء لهذا الوطن ولا لدستوره،بل تسعى لتدمير ماتبقى منا. ما خلفته تطاحنات الشارع بكل صراعاته وتخلفه. غابت عنا البرامج الهادفة والمسلسلات ذات القيمة الفنية العالية وراينا كيف اصبح الابتذال والكلام الساقط والإيحاءات المخلة بالآداب العامة تطل علينا عبر الشاشة. كيف تقتحم سلوكات مناقضة لتقاليدنا واعراف بيوتنا في صمت مريب لجهات مسؤولة. كيف اصبح مجموعة من (أشباه فنانين) بلارأي خنوعين مقابل غلاف مادي .ومنصاعين ليؤدوا ادوارا بليدة لاتتناسب مع مستواهم المعروف.
مادمنا في عهد حكومة تستورد كل شيء وفقدت سيادتها على كل الاتتاج ،غير قادرة على الحفاظ على الإنتاج الوطني المحلي وتشجيعه من أجل تطوره كما كان في السابق، رأينا كيف انحرفت الدراما بشكل مفاجئ لتقتبس بشكل مشوه عادات وتقاليد صعيد مصر في تضارب وتناقض صارح لايمت للبادية المغربية التي تختلف جذريا عما يعيشه الآخر .انظروا المستوى الذي وصلنا إليه فكتابنا المرموقين لم يعودوا قادرين على انتاج نص ينسجم ويعكس قضايانا ومواضيعنا الأساسية.لنقل صراحة هناك تضييق ممنهج عرى واقعا مأزوما في الثقافة.كيف يوزع المال العام على الفراغ واللاشيء .مما أحدث عزوفا يوازي بالضرورة مثيله في السياسة وغيرها من القطاعات. حكومة بارعة في تحطيم كل ماهو جميل بالوطن لم يسلم من مخططاتها العبثية أي قطاع اينما حلت حل الخراب لطفك يارب ..!