إن دهاليز السلطة، وإن كانت مكسوة بالذهب ومزدانة بالمخمل، لا تحمي أصحابها من تقلبات المرض وتصاريف الأقدار. فالرؤساء والملوك وأصحاب القرار، مهما علت مكانتهم، يظلون في النهاية بشراً خاضعين لقوانين الجسد وأحكام الزمن. وعندما يتعلق الأمر بالحفاظ على صحتهم، لم يتردد كثير منهم في الإشادة بالدور الجوهري الذي لعبه التصوير الطبي، هذا "النظر الخفي" الذي يخترق الأجساد، ويكشف الأسرار، ويدفع حدود التشخيص إلى آفاق غير مسبوقة.
من اليمين إلى اليسار:
شارل ديغول، جون كينيدي، الملك الحسن الثاني،
فرانسوا ميتران، نيلسون مانديلا، وينستون تشرشل
شارل ديغول والتصوير الطبقي المحوري العجيب
رجل قدر ورسالة، شارل ديغول، الذي حمل على عاتقه إعادة مجد فرنسا، وجد نفسه في أواخر حياته يعاني من آلامٍ بطنية غامضة. في وقت لم تكن فيه تقنيات التصوير بالموجات فوق الصوتية قد بلغت نضجها، كان للتصوير الطبقي المحوري (السكانير) الفضل في توضيح التشخيص وتوجيه التدخلات الطبية. قيل إنه همس ذات مرة ممازحًا: "لا يمكن الحكم على أمة بمعدة مضطربة!"، غير أنه أدرك بوضوح أن التطورات الطبية ليست مجرد ترف، بل هي أداة سيادية لا تقل أهمية عن القرارات السياسية الحاسمة.
جون كينيدي ولغز العمود الفقري
الرئيس الأمريكي الشاب، رمز "كاميلوت" الحُلم الأمريكي، كان يخفي وراء ابتسامته الساحرة معاناة طويلة مع آلام الظهر الحادة. كانت صور الأشعة السينية رفيقه الدائم، إذ اعتمد أطباؤه عليها لتتبع حالته الصحية واتخاذ القرارات العلاجية المناسبة. لو كان التصوير بالرنين المغناطيسي متاحًا في زمنه، لربما أتاح له فرصة علاجية أكثر دقة وأملاً في راحة لم يعرفها قط. كينيدي، الذي عرف ببعد نظره في السياسة، كان ليرى في التصوير الطبي ثورة تستحق التصفيق.
الملك الحسن الثاني ودور الأشعة في صنع القرار الطبي
كان الملك الحسن الثاني، رحمه الله، رجل دولة وفكر، يؤمن بأن المعرفة سلاح، وأن الطب حصنٌ يحمي الأمم كما يحمي الأفراد. كان أحد أوائل القادة الذين أحاطوا أنفسهم بخيرة أطباء الأشعة، مدركًا أن التكنولوجيا الطبية ليست مجرد وسيلة للعلاج، بل أداة للتخطيط الصحي والاستراتيجي. وعندما واجه مشكلات صحية، كانت أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي المحوري في مقدمة الأدوات التشخيصية، تضع الحقيقة أمام الأطباء بدقة لا تقبل الشك، وهو ما كان ينسجم مع منهجه الدائم في اتخاذ القرارات المبنية على العلم والعقلانية.
فرانسوا ميتران والمعركة الصامتة ضد السرطان
الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران، قاد معركتين في آنٍ واحد: معركة سياسية في العلن، ومعركة طبية في السر. ظل لسنوات يخوض حربًا هادئة ضد سرطان البروستاتا، مستعينًا بأسلحة العصر الحديث: التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير الومضاني، والتصوير بالموجات فوق الصوتية. في حقبةٍ كان فيها الكشف عن الحالة الصحية للقادة من أسرار الدولة، كان التصوير الطبي هو الجندي المجهول الذي ساعده على مواصلة الحكم حتى آخر لحظة، دون أن يدرك الشعب الفرنسي أن قائده كان يخوض حربًا خفية داخل جسده.
نيلسون مانديلا وثورة التصوير القلبي
بعد 27 عامًا قضاها في زنزانة ضيقة، خرج نيلسون مانديلا إلى الحرية مثقلًا بإرث السجن الطويل على رئتيه وقلبه. كان لتقنيات التصوير القلبي، سواء الإيكوغرافي أو التصوير الطبقي المحوري للرئتين، دور أساسي في متابعة حالته الصحية، وضبط علاجه بدقة متناهية. "ماديبا"، كما كان يلقبه شعبه، كان يرى في الطب الحديث ثورة تخدم الإنسانية بلا تمييز، وكان يتحدث بإعجاب عن دور العلم في تحسين حياة المرضى، سواء كانوا سادة القرار أم أناسًا بسطاء.
إجماع ملكي ورئاسي: التصوير الطبي ينقذ الأرواح
سواء كانوا ملوكًا أو رؤساءً أو شخصيات تاريخية، فقد استفاد جميعهم من القفزة الهائلة التي حققها التصوير الطبي عبر العقود. فمن أشعة رونتجن الأولى، التي بدت كالسحر في زمنها، إلى أجهزة التصوير المتطورة اليوم، كانت هذه الثورة الهادئة سرًّا في إنقاذ حياة القادة وتخفيف آلام الشعوب.
وإذا كان لا بد من اختتام هذا الحديث بجملة تلخص أهمية التصوير الطبي، فربما يكون الاقتباس المناسب ما قاله وينستون تشرشل عندما تأمل صور أشعته الصدرية مبتسمًا:
"من المطمئن أن نرى العدو مكشوفًا أمام أعيننا."