عادل الزبيري:ماذا يجري في سوق "البودكاست" المغربي؟

عادل الزبيري:ماذا يجري في سوق "البودكاست" المغربي؟ عادل الزبيري
في شهر رمضان، في شهر الخير، في شهر هو خير من ألف شهر، كثر الحديث في المغرب عن ظاهرة إعلامية مغربية بلغت ذروتها، برامج البودكاست، بل إن الأمر أمسى معركة حامية الوطيس، مع اتهامات بالسرق.

اشتعلت في شهر الرحمة في المغرب، حرب بسوس رمضانية اسمها البودكاست، جميل كل هذا الإقبال على إنتاج برامج جديدة؛ لأن الجمود في الإعلام التقليدي المغربي، دفع المغاربة إلى البحث عن إنتاجات جديدة من الممكن أن تكون أفضل أو بديلا ممكنا، وأيضا أصبح في المغرب سوق حقيقي لبرامج البودكاست، سواء تقديم برنامج على شكل عمود مكتوب ولكنه مقروء، في خلطة بين التعليق والتعقيب والرأي، أو برنامج حواري طويل أو متوسط الطول، مقدم وضيف مع ميكروفونين طويلين يعتمدان على عصا منعرجة.

لا أعتقد مهنيا أن أحدا يملك في المغرب ورقة قانونية تبين أنه المالك الشرعي لأصل البودكاست، الظاهرة إيجابية جدا ومحمودة، ولكن أن يدعي أي كان فردا أو جماعات، أنه يملك الرسم العقاري فهو واهم، لأننا نعيش في قرية كونية لما بعد العولمة، لم تعد التقنيات الحديثة أو التكنولوجيات ملك لأحد.

يحتاج المغرب إلى جرعة كبير جدا لتنشيط الدورة الدموية للمجتمع في النقاش العمومي، حيال القضايا التي يعرفها بلد إفريقي، يستعد لخوض تحديات تاريخية رياضيا، ويخوض بشجاعة غير مسبوقة، في تحولات اقتصادية واجتماعية.

ففي منصات التواصل الاجتماعي في المغرب، للأسف الشديد، يجري تداول الكثير من الكذب والإفك الإعلامي، وجرعات من السوداوية، ومحاولة رسم كثير من صور غير موضوعية، إما صور بيضاء ناصعة مغرقة في لغة الخشب، أو صور سوداء مغرقة في العدمية، لأن غياب الأمن الإعلامي، الذي من المفترض أن يضمنه الإعلام العمومي، وفق التسمية المغربية، جعل التطبيقات والمنصات مصادر إخبارية مفضلة وسط المغاربة.

في تحولات المغرب، بقي الإعلام يركب قطارا يشتغل بالديزل، ويتوقف في كل المحطات، بينما العالم يعيش بسرعة أكبر من البراق؛ ما يعني أن البحث عن البدائل الإعلامية الجديدة، أنتج ظواهر سلبية وإيجابية، ومنها البودكاست، وهو ظاهرة إعلامية غربية؛ أساسها تصوير البرامج الإذاعية، وبثها على منصات التواصل الاجتماعي.

نجح المغاربة كما هي عادتهم التاريخية، في إيجاد بدائل إعلامية، يصرفون من خلالها مواقفهم أو يستهلكون إعلاميا ما يرونه مواتيا لأذواقهم، وسط تعطش كبير لمعرفة أخبار المغرب الداخلية؛ ما يعكس فقرا في الإخبار المهني للمواطنين المغاربة، ونهاية صلاحية النماذج الإعلامية المغربية.

ومن حسنات منصات التواصل الاجتماعي، أنها أسقطت الأقنعة عن مؤسسات من المفترض، أنها تنظم مهنة الصحافة، ولكنها لم تواكب هذه التحولات المتسارعة، ما يجعل عودة تدبير قطاع الصحافة إلى البيت الحكومي، في تقديري؛ سيكون خيارا أنجح.

كما أن أسماء صحافية مغربية حولت المنصات التواصلية الاجتماعية إلى دعائم نشر جديدة، وتريد أن تمارس الصحافة، وأن تشتغل بدون أي سقف، مع رفض الخضوع لأي قوانين منظمة لمهنة اسمها الصحافة.

هنالك نوع من الخلط عالميا وفي المغرب أيضا، بين المنصات التواصلية الاجتماعية، باعتبارها نوعا جديدا من واجهات نشر العمل الصحافي وبين التعبير عن الرأي، أي أن القرن الحادي والعشرين أنتج نوعا جديدا من المناشير، بعد الإذاعة والتلفزيون والجريدة الورقية والمواقع الإخبارية، فهل العالم يعيش صحافة منصات التواصل الاجتماعي؟؟؟

فمن يوجدون اليوم على منصات التواصل الاجتماعي، يقدمون دروسا، ويتحدثون في كل شيء، ولكن عليهم الاختيار بين صناعة المحتوى وبين الاختيار التاريخي؛ أي العمل الصحافي المهني الاحترافي.

بالتأكيد أن اللعاب يسيل أمام إغراءات الأدسانس، أي العائدات المالية لمنصات التواصل الاجتماعي، مع العبارة الذهبية "اشتركوا رجاء، وفعلوا الجرس، وتقاسموا"

بالتأكيد أن التردد في المضي قدما في تطوير العمل الصحافي المهني المغربي، لأسباب يعرفها الجميع، ولأن الجمهور أصبح أكثر من أي وقت مضى، سيد الموقف في الممارسة الصحافية في زمن المنصات التواصلية الاجتماعية، فإن البودكاست هو الواجهة الجديدة للتنافس بين الجميع، لأن لا أحد لديه الحق لإطلاق الذباب الإلكتروني لصناعة رأي لصالحه، أنه البودكاست مان المغربي.

يبقى الملعب أمام الجميع، ومرحبا بالجميع، من الصحافيين ومن غير الصحافيين، لتقديم مواد متلونة ومتنوعة، تخدم التعددية والتنوع في المغرب.

في تجارب تطوير الممارسة المهنية تاريخيا، التدافع والتنافس ولد الإنتاجية والتطور، فيما منطق أنا "مول الكورة" جعل صاحب العبارة خارج منطقة المنافسة.