دروز: قراءة في القوانين الرادعة للغش في المواد الغذائية

دروز: قراءة في القوانين الرادعة للغش في المواد الغذائية المدني دروز
ارتبطت مفاهيم حماية المستهلك بالتعاملات البشرية منذ القدم، لقد وضعت الأديان السماوية والأنظمة القانونية القواعد والنظم التي تحكم حركة التجارة وتنظم عمل الأسواق، إلا أن الرغبة في الربح السريع لاتزال قائمة الى يومنا هذا، وتدفع العديد من الشركات والتجار والمنتجين والمتعاملين بالمواد والخدمات لاتباع اساليب غير مشروعة للإثراء السريع باستخدام وسائل الغش المختلفة، ومن هنا ظهرت الحاجة لوجود نظم رقابية لتتبع المخالفات وجعلت تبعية هذه النظم الى الجهات المختلفة.

فعلى المستوى الدولي  أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها 248/39 في أبريل 1985 المبادئ الإرشادية لحماية المستهلك. 

في المغرب، عرف زجر الغش في المعاملات التجارية بموجب قانون رقم 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.83.108 بتاريخ 9 محرم 1405 كما تم تغييره بالقانون رقم 31.08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.03 بتاريخ 14 ربيع الأول 1432( 18 فبراير)2011.

ويعتبر صدور قانون الزجر عن الغش في البضائع الذي نفذ بظهير 5/10/1984 تأكيدا لرغبة المشرع المغربي في حماية المستهلكين بعد أن عرفت النصوص المنظمة لزجر الغش تقلبات كثيرة ابتدأت من الرسالة الدورية التي وجهها مندوب الإقامة العامة الفرنسية بالمغرب إلى رؤساء البلديات بتاريخ 17 شتنبر 1913 والمتضمنة لنص نموذجي يجب الاعتماد عليه في صياغة القرارات البلدية المتعلقة بالزجر عن الغش في المواد الغذائية والمواد المخصصة للمداواة.

ويقصد بالبضائع في مفهوم هذا القانون المواد الغذائية والمشروبات والمنتجات الفلاحية أو الطبيعية والمواد المستعملة للمداواة.

على مستوى الميدان، فبالإضافة إلى ضباط الشرطة القضائية التي تباشر البحث في الجرائم وإثباتها ولاسيما إجراء المراقبة وأخذ العينات وتحرير المحاضر والقيام عند الاقتضاء بعمليات الحجز، هناك كل من المحتسبين في نطاق اختصاصهم، موظفي زجر الغش المحلفين، الموظفين المعتمدين خصيصا لزجر الغش من لدن الوزارة المعنية. وكذلك الأشخاص المحلفين الآتي ذكرهم أثناء مزاولة مهامهم؛  البياطرة مفتشي تربية المواشي ، مفتشو الصيدلة، مهندسي الصحة والأطباء مديري المكاتب البلدية للمحافظة على الصحة وتقنيي المحافظة على الصحة والتطهير ؛
و يعتمد على المحاضر التي يحررها في هذا الشأن الأشخاص المشار إليهم أعلاه إلى أن يثبت ما يخالفهايمكن أن تثبت بأية طريقة مفيدة المخالفات للقوانين والأنظمة المتعلقة بقمع الغش، ويترتب على ذلك إما أخذ عينات وإما تحرير محاضر إثبات.

إذا كان الأمر يتعلق بالتلبس بجريمة تزييف أو بيع مواد غذائية مزيفة أو منتجات ثبت أنها فاسدة أو سامة أو انتهى أجل صلاحيتها وجب حجز المنتج. يحرر لهذا الغرض محضر يضمنه المأمور المحرر له، علاوة على البيانات العامة المنصوص عليها قانونا جميع الظروف التي من شأنها أن تثبت أمام السلطة القضائية قيمة أعمال الإثبات المنجزة، ويوجه المحضر المذكور خلال الأربع والعشرين ساعة التالية لتحريره إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك وتوجه نسخة من هذا المحضر إلى المصلحة المختصة وإلى عامل الإقليم.

هذا وقد سن القانون المغربي، وخاصة الظهير الشريف الصادر في 5 أكتوبر 1984، والظهير الشريف الصادر في11 فبراير 2010، عقوبات لردع المخالفين، تتضمن غرامات مالية وعقوبات حبسية أو هما معا، أقصاها السجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كان سبب استهلاك المواد المذكورة الموت دون نية القتل.

وبالرغم من وجود كل هده المقتضيات الزجرية، فان للسلطة الإدارية دورا محوريا في الوقاية من هذه الجرائم عن طريق تكثيف الرقابة على السلع الاستهلاكية وخاصة المواد الغذائية وقمع الغش، والحرص على ضمان السلامة وجودة السلع الاستهلاكية والخدمات بوضع المعايير والمواصفات الإلزامية والطوعية وتشجيع تنفيذها لضمان سلامة وجودة السلع والخدمات.
 
 المدني دروز/ الإعلامي ورئيس جمعية "مع المستهلكين" المدني