البعد الديني والروحي، ذلك أن الصيام ينظر إليه كفريضة تعزز الشعور بالالتزام الديني والتقرب إلى الله، لذا يشعر بعض المرضى أن الإفطار يقلل من قيمتهم الروحية، حتى وإن كان لديهم عذر شرعي.
ثانيا، تلعب الضغوط الاجتماعية والخوف من الوصم دورا سلبيا على نفسية المرضى. ففي المجتمعات المسلمة، يعتبر الصيام سلوكا اجتماعيا عاما، وقد يشعر المريض بالحرج أو بالضغط النفسي إذا أفطر، خاصة إذا لم يكن مرضه ظاهرا للآخرين. هناك أيضا عامل التحدي الشخصي والإرادة، ذلك أن بعض المرضى يرون في الصيام تحديا شخصيا وإثباتا لقدرتهم على مقاومة المرض، حتى وإن كان ذلك يعرض صحتهم للخطر. ثم هناك عامل العادات والتقاليد، إذ أن التنشئة الاجتماعية تلعب دورا كبيرا، إذ ينمو الأفراد على اعتبار الصيام جزءا أساسيا من الهوية الدينية والثقافية، مما يجعل التخلي عنه صعبا، حتى عند وجود مبرر صحي وترخيص شرعي وطبي.
كما أن الجهل وعدم استيعاب المخاطر الصحية؛ فيقلل بعض المرضى من خطورة وضعهم الصحي، أو يعتقدون أن بإمكانهم تحمل الصيام دون تأثير سلبي، خاصة إذا لم يشعروا بأعراض فورية. كما أن بعضهم يعتمد على تجارب سابقة دون استشارة طبية.
إذن كخلاصة، فإنه رغم أن الدين الإسلامي يعطي رخصة الإفطار للمرضى، إلا أن العوامل الاجتماعية والثقافية والدينية تلعب دورا حاسما في قرارهم بالالتزام بالصيام. لذا، يوصي علماء الاجتماع بضرورة نشر الوعي بضرورة احترام الرخص الشرعية، وإعادة صياغة الخطاب الديني والاجتماعي بما يخفف الضغوط على المرضى، ويؤكد أن الحفاظ على الصحة لا يقل أهمية عن أداء العبادات.
فتحي برادة/ مختص في علم الاجتماع