ما السرُّ في غلاء مادة "الثُّومَةْ" صديقة أطباق الفقراء من وجبات السّردين والبِصَارَةْ والعدس والُّلوبْيَا؟

ما السرُّ في غلاء مادة "الثُّومَةْ" صديقة أطباق الفقراء من وجبات السّردين والبِصَارَةْ والعدس والُّلوبْيَا؟ تعتبر التومة صديقة أطباق السمك
منحت مبادرة الكشف عن الثمن الحقيقي للكلغ الواحد من سمك السردين في سوق الجملة والذي لا يتعدى في اقصى الحالات، ثلاث دراهم، قبل حلول شهر رمضان ـ منحت ـ الحق لكل المواطنات والمواطنين البسطاء في توجيه أصابع الاتهام للوبيات مفترسة من الحيتان الضخمة التي تعيش وتحيا بيننا، وتجد الحصانة والدعم اللازمين من طرف جهات معينة داخل مؤسساتنا التنفيذية والتشريعية.

هي ببساطة لوبيات فساد تنهش جيوب الناس البسطاء بعد أن ألفت اقتسام كعكعة الثروة الوطنية مع المضاربين والمحتكرين، بكل أنواعها الغذائية، النباتية والسمكية والحيوانية والزراعية، من لحوم بيضاء وحمراء، وخضراوات وفواكه وقطاني وتوابل وغاز وشاي وسكر وزيوت وحليب وألبان ومشتقاتها.

في هذا السياق تسوق جريدة "أنفاس بريس" مثالا صارخا في استغلال الفرص لاستغلال السوق وطحن المواطن المغربي، وبيعه مواد استهلاكية بربح يتجاوز أكثر من نسبة مائة في المائة، وقس على ذلك مواد أخرى يتم استيرادها من آسيا أو أوروبا على سبيل المثال لا الحصر.

الأمر يتعلق بمادة استهلاكية أساسية تجد طريقها بسهولة للمطبخ المغربي طيلة السنة، وهي مادة الثُّومَةْ، التي لا يمكن أن تفارق شرائح الأسماك المطهوة بنكهتها الرائعة، وهي صديقة مفضلة لوجبة السردين وطبق البيصارة اللذيذ في فصل الشتاء وأطباق القطاني من عدس وفاصوليا "الُّلوبْيَا" التي عرفت ارتفاعا صاروخيا منذ جائحة فيروس كورونا اللعين.

لقد كان من اللازم على وزارة الفلاحة والصيد البحري منذ تبني ما سمي بالمخطط الأزرق أن تعمل على تأمين وإنعاش سوق المواد الاستهلاكية من حاجيات الأسرة المغربية من خلال الدورة الفلاحية الإنتاجية وتؤمن حاجيات المواطن الضرورية، دون اللجوء إلى الاستيراد مقابل الإعفاءات من الرسوم، دون الحديث عن تقديم الدعم المالي بملايين الدراهم لحفنة من المحظوظين دون نتائج تذكر على مستوى تقليص هامش الربح ومحاربة الغلاء.

 
فعلى سبيل المثال فقد أفاد مصدر جريدة "أنفاس بريس" من الجالية المغربية أن هناك لوبي تجاري يهيمن منذ زمن طويل على استيراد مادة الثّوم "الثُّومَةْ" من إسبانيا بثمن 40 درهم للكلغ الواحد، حيث تصل ـ هذه المادة الأساسية في مجموعة من الوجبات الغذائية المغربية ـ إلى المستهلك بسعر يتجاوز في بعض الأحيان 85 درهم إلى 90 درهم للكلغ الواحد.

السؤال الذي ينتصب هنا بعيدا عن فلسفة تحرير السوق، هل من المعقول والمنطق أن يربح التجار المحتكرين والمضاربين في المواد والسلع الإستهلاكية أكثر من مائة في المائة؟ وهل تعوزنا الإمكانيات لزراعة وإنتاج الثّومة المغربية في زمن المخطط الأخضر؟
 
مصدرنا من إسبانيا، تحدث عن هيمنة لوبي احتكار استيراد مادة الثّومة والمضاربة فيها، حيث يحقق تجارها أرباحا خيالية في السوق المغربية، ولا يسمح هذا اللوبي الْمُتَغَوِّلُ لأي منافسة شريفة في هذا الميدان، وأكد نفس المتحدث للجريدة بأن هذا اللوبي المحتكر لمادة الثّومة قادر على تكبيد أي منافس تجرأ على الدخول واقتحام عالم تجارة الثّوم خسارة كبيرة داخل السوق المغربي، ولو اقتضى الأمر أن يفضل حراس هذه التجارة المربحة بيعها بثمن استيرادها أو بالخسارة حتى يهزم المنافس ويستسلم في هذه الحرب القدرة.

إن هذا الأسلوب غير الأخلاقي في ميدان التجارة في أسواق الجملة بالمغرب بتنوع اختصاصاتها يمارسه لوبيات الفساد والريع لمحاربة كل من تجرأ على دخول هذا الميدان، حتى يخلو لأهله وممارسيه جو المنافسة والتربع على كرسي المكاسب وأمام طاولات الدعم الفلاحي والزراعي والإعفاء من رسوم الاستيراد.