مصطفى العراقي: ترامب والرشاش

مصطفى العراقي: ترامب والرشاش مصطفى العراقي
يبدو ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجرب في المائة يوم من ولايته الرئاسية وصفة جديدة من الابتزاز. يوظف في جزء منها ما تعددت تسمياته في فنون السياسة والاعلام، وما أنتجته مؤسسات التفكير من أساليب في التواصل تضع الطرف الآخر في الزاوية الضيقة للهيمنة عليه ودفعه الى التنازل عن مواقفه ومطالبه ...
 
لست متخصصا في تلك النظريات لكني كغيري من المتابعين لوقائع ما يقدم عليه ترامب أستنتج أن فريقا من المتخصصين هو من يبني منصة تصريف هذه النظريات سواء أثناء توقيعه للمراسيم التنفيذية أو مخاطبته الرأي العام او في استقباله لضيوفه .فريق يعد خلفية المنصة ويضبط الأضواء ويرتب المقاعد ويختار زوايا البث وتعامل عدسات الكاميرا...ويضع لائحة المواضيع والقضايا التي سيثيرها ترامب  وهي كرشاش بطلقات متتالية  وعيارات مختلفة .ما إن تحاول استيعاب الطلقة الأولى حتى تفاجئك الطلقات التي بعدها ...بل إن فريق الاخراج هذا يحرص على ان يقدم هذا الرئيس وصلة ما قبل البث او ملصق العرض بإدلائه بتصريحات تبدو وكأنها قرارات أو خلاصات اجتماع أو لقاء  لازال لم يعقد...ومثال على ذلك موضوع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الذي فاجئ به العالم وبدا وكأنه    يزين به صدر رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنياشين الإشادة على ما أنجزه هذا الأخير من تقتيل وابادة ودمار بهذا القطاع ...وما أعقب ذلك اللقاء من تصريحات تجاه مصر والأردن وحول "ريفيرا" الشرق الأوسط ...
 
 ترامب بوصفته هاته، بتصريحاته، بنواياه ، ب"بلطجيته السياسية" هاته. ما هو في الحقيقة سوى امتداد لمدرسة أمريكية   اقترفت جرائم ضد الانسانية عبر تاريخها ، أبادت سكانا اصليين.. واستعبدت بشرا تم استقدامهم لها قسر من افريقيا.. وتناحر جنوبها مع شمالها في حرب بشعة .. ومنحت لبيضها سلطة العنصرية على سودها ..واحرقت مدنا بقاطنيها خلال الحرب العالمية الثانية باستعمالها للقنابل النووية ..وهاجمت دولا ودمرت بنياتها وزرعت فيها فوضى عارمة...
 
لم يخرج أغلب رؤساء هذه الأمريكا  وإلى اليوم عن نطاق أن لا يروا الانسان انسانا له كرامة والشعوب شعوبا لها تاريخ وثقافات وتقاليد.. يرونهم مجرد مناجم معادن وآبار نفط وأسواق أسلحة وبضائع... 
 
في سبعينيات القرن الماضي خصصت مجلة مصرية واسمها "الطليعة" عددا موضوعه "أمريكا ذات الوجهين" . أبرزت فيه ان هناك أيضا أمريكا الإنسانية ، المدافعة  عن الحقوق المدنية والسياسية، المناهضة للعنصرية ، المساندة للنضالات المشروعة للشعوب ،المنتجة للفن الرفيع أدبا وسينما و...لكن يبدوا ان هذه الوجه تراجع تأثيره في العقود الأخيرة . لكن أحداث غزة أحيت ما تبقى منه من روح في الجامعات ولدى الفصائل الطلابية وفي بعض وسائل الاعلام.. واعتقد أنه لمواجهة رشاش ترامب هناك جبهتان ضروريتان: الأولى اتساع هذه الروح لتشكل معارضة لسياسات زعيم الجمهوريين التي تهدد  العالم ..والثانية ، وحدة المواقف في العالم العربي والإسلامي والاوربي على الخصوص  حتى   تكون  طلقات ذلك الرشاش مجرد طلقات في الهواء ..