تعرف علي اقتراحات رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين لتجاوز أزمة البطالة

تعرف علي اقتراحات رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين لتجاوز أزمة البطالة من إجتماع رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين
تقدمت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين بخطة استعجالية من 10 نقاط لتعزيز إحداث فرص شغل مستدامة في المغرب للإيجاد حلول جديدة تساهم في الحد من معضلة البطالة التي تظل إحدى أكبر التحديات التي يواجهها المغرب، حيث يشكل ارتفاعها الأخير مصدر قلق كبير. ففي سنة 2024 بلغ معدل البطالة 13,3% مقابل 13% في سنة 2023.
وترتكز هذه الخطة على عدة محاور أبرزها تحسين الموافقة بين العرض والطلب في سوق الشغل ودعم استثمارات المقاولات الصغرى والمتوسطة وتحفيز ريادة الأعمال وتنمية فرص الشغل في العالم القروي وتسهيل الولوج إلى التمويل وتشجيع أنماط جديدة من الشغل وتعزيز القطاعات الناشئة مثل اقتصاد الرعاية والاقتصاد الأزرق والاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الرقمي.

وتهدف هذه التدابير التي تستند إلى التحولات الاقتصادية العميقة والاوراش الكبرى التي يشهدها المغرب، حسي رابطة الاقتصاديين الاستقلالين، إلى الاستفادة القصوى من العائد الديموغرافي الذي لا يزال المغرب يتمتع به لفترة قد لاتطول، وتوجيه المملكة نحو مسار نمو شامل ومستدام. وفيما يلي التدابير التي تقترحها الرابطة.


1إعداد تشخيص شفاف ودقيق للعرض والطلب في سوق الشغل ولأسباب التفاوت الفعلي بينهما

-إن تشخيصًا دقيقًا، سواء من الناحية الكمية أو النوعية، سيساعد في فهم أفضل للأسباب التي تجعل المشغلين يواجهون صعوبة في العثور على الموارد البشرية التي يحتاجون إليها، في وقت يستمر فيه عدد العاطلين عن العمل في الارتفاع.

إن زيادة معدل البطالة تخفي التحولات الإيجابية التي شهدها سوق الشغل خلال الثلاث سنوات الأخيرة، خاصة زيادة الشغل المؤدى عنه الذي انتقل من 9.2 مليون سنة 2021 (85,8%) إلى 9.6 مليون سنة 2024 (90%)، وهو ما يعكس بشكل رئيسي ارتفاع نسبة العمل المستأجر من 60,4% إلى 66,6%. وقد تم تسجيل فقدان الشغل أساسًا في العمل غير المؤدى عنه الذي انخفض من 1.5 مليون (14,2%) في 2021 إلى 1.1 مليون (10%) في 2024.

-البطالة لا تزال مرتفعة بشكل خاص بين الشباب من 15 إلى 24 سنة (36,7%)، وحاملي الشهادات (19,6%)، والنساء (19,4%)، والسكان الحضريين (16,9%).

-فيما يخص "النيت" (أي الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين)، تظل النساء الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة بنسبة 72%، مع العلم أن الغالبية العظمى منهن (87,5%) غير نشيطات، وذلك أساسًا بسبب مسؤولياتهن العائلية (94,5% منهن ربات بيوت).

- شهد سوق العمل فقدانًا صافيًا لـ 99 ألف منصب شغل خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وعلى الرغم من وجود دينامية إيجابية في بعض القطاعات، مثل قطاع الخدمات (+339 ألف منصب شغل)، والصناعة بما فيها الحرف (+81 ألف منصب شغل)، والبناء والأشغال العامومية (+31 ألف منصب شغل)، إلا أن هذه الزيادات لم تكن كافية لتعويض فقدان 554 ألف منصب شغل في قطاع الفلاحة والغابات والصيد، وذلك بسبب الجفاف المستمر على مدى ست سنوات.
-من حيث الدينامية الجهوية، فإن المناطق الأكثر تأثرًا بزيادة البطالة بين 2021 و2024 هي مناطق بني ملال-خنيفرة (+2,9 نقطة، من 9,6% إلى 12,5%) والمنطقة الشرقية (+2,8 نقطة، من 18,1% إلى 20,9%)، بينما تميزت منطقة طنجة-تطوان-الحسيمة بتحسن طفيف في معدلات البطالة (-0,2 نقطة، من 10,4% في 2021 إلى 10,2% في 2024).

في هذا السياق تدعو رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين إلى تجاوز الجدل حول الأرقام المتعلقة بالتشغيل، معتبرًة أن تنوع البيانات المقدمة من قبل مختلف المؤسسات يساهم في تنوير أفضل لصناع القرار والرأي العام حول هذا المعطى

2ضمان توافق أفضل بين العرض والطلب في سوق الشغل

-من أجل الاستجابة للتطور السريع والبنيوي لاحتياجات سوق الشغل الوطني والدولي، من الضروري إعداد خريطة احتياجات المملكة، الحالية والمستقبلية، من المهارات، مع مراعاة التنقل الدولي للكفاءات. الذي اصبح معطى لا محال عنه

-يجب أن تصاحب هذه المبادرة إطلاق برامج واسعة النطاق للتكوين السريع والإدماج المهني على مستوى كل جهة، والتي تجمع بين المهارات التقنية المتخصصة واللغات الأجنبية والمهارات الشخصية.

-تستهدف هذه البرامج بشكل أساسي القطاعات التي تشهد طلبًا كبيرًا على الموارد البشرية مثل السياحة والمطاعم والخدمات الموجهة للأشخاص (خصوصًا المربيات والمساعدات للأطفال) والمهن الرقمية، وكذلك المهن المرتبطة بالصناعات المتطورة مثل صناعة السيارات، الطيران، الطاقات المتجددة، تطهيرالمياه المستعملة، إعادة تدوير النفايات وتحلية المياه.

-تحضير الشباب للمهن المرتبطة باللوجستيك، والإنتاج الفني والرقمي، وإرشاد الزوار، والأمن... التي يجب أن تواكب تنظيم الأنشطة الدولية التي تحتضنها بلادنا سواء كانت رياضية (مثل كأس أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030)، وكذلك الثقافية، والسياسية، والاقتصادية والتجارية...

-في الوقت نفسه، من الضروري تعزيز التعلم عبر برامج التكوين التبادلي (programmes d’alternance)، والتكوين المستمر بما في ذلك المستويات الوسطى من الإدارة (middle management)، والتي يجب تطوير مهاراتهم وقدراتهم القيادية.


3تحفيز استثمار المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وريادة الأعمال والابتكار

حسب معطيات للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة (OMTPME)، كانت هذه الأخيرة تمثل، في عام 2021، 99% من الوحدات الاقتصادية في المغرب وتشكل محركًا أساسيًا لخلق فرص العمل.

-في هذا الصدد، من الضروري تبسيط مسار المستثمر بشكل أكبر، لا سيما من خلال تسريع جهود التحول الرقمي.

-إن تفعيل المرسوم الخاص بالمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في إطار ميثاق الاستثمار يمثل أولوية، مع إعادة تفعيل آليات الدعم مثل تلك التي توفرها وكالة مغرب المقاولات (Maroc PME) والتي لم يتم تجديدها.

-من الضروري أيضًا تخصيص نسبة هامة من المشاريع الكبرى الجارية والمستقبلية في افق 2030 ومن الطلبيات العمومية لهذه الفيئة من المقاولات والحث على استفادتها الفعلية من عقود المناولة، لتتمكن من النمو والتطور. وللتذكير، وحسب دراسة تم نشرها سابق من طرف رابطتنا، فان الاوراش التي اطلقها المغرب منذ 2022، ستترجم بضخ ما يقرب من 1300 مليار درهم في افق 2030 ان شاء الله.

-إن إنشاء شبكة من "محطات الشركات الناشئة" في كل جهة من المملكة، التي تجمع بين فضاءات البحث، والحاضنات، والمسرعات، ومساحات العمل المشتركة، سيساهم في تعزيز الابتكار وريادة الأعمال.

-يجب زيادة تعبئة صندوق محمد السادس للاستثمار لتقليل المخاطر ودعم المبادرات المبتكرة، من خلال تقديم الدعم الفعلي للمشاريع الواعدة.

4تفعيل الأفضلية الوطنية وتشجيع المنتوج المغربي (made in morocco):

-يجب أن يتم تنفيذ المشاريع الكبرى والمشاريع الهيكلية في المقام الأول من قبل الشركات المغربية.حيث تمثل الطلبيات العامة نحو 24% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل أكثر من 300 مليار درهم في عام 2023. تشكل هذه الطلبيات أداة قوية لتحفيز خلق مناصب الشغل المحلية، وينبغي استغلالها بشكل فعّال من خلال تطبيق معايير تفضيلية لصالح الشركات والمنتجات الوطنية، مع تشجيع استخدام الموردين والمقاولين المحليين.

-في نفس الوقت، من الضروري دعم الإنتاج المحلي بشكل أكبر وزيادة توعية المستهلكين حول أهمية "صنع في المغرب" على الاقتصاد المحلي، حيث أن شراء المنتجات المغربية يساهم في توفير أو الحفاظ على فرص الشغل الوطنية.


5إدماج القطاع غير المهيكل لتوسيع فرص الشغل مع الحفاض على كرامة الشغيلة

حسب التقرير الأخير الذي نشره البنك الدولي والمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، يشكل القطاع غير المهيكل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل 77% من العمالة في المغرب.

-إدماج الشركات غير المهيكلة في الاقتصاد المهيكل سيوفر لها إمكانية الوصول إلى برامج الدعم الحكومية وإلى الصفقات العمومية وسيسهل ولوجها لتمويل نموها.

-إدخال برامج تشغيل تدريجية (دوام جزئي) مع تخفيضات ضريبية.

-تعزيز مكافحة التداول الواسع للأوراق النقدية، وذلك من خلال إدخال العملة الرقمية تدريجيًا أو حتى إصدار أوراق نقدية جديدة.
6تسهيل الحصول على التمويل للشركات التي تساهم في خلق فرص الشغل
-تقترح الرابطة وضع آليات تمويل بأسعار فائدة مخفضة للشركات التي تلتزم بخلق فرص الشغل لعدد كبير من الشباب.

-تشجيع وتحفيز الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على اللجوء إلى أساليب التمويل البديلة (البورصة، الأسهم الخاصة Private Equity...).

-توفير المساعدات التقنية والدعم المالي للمقاولات المشغِّلة التي تعرف صعوبات الأداء للقروض الممنوحة اثنا ازمة كزونا على غرار قرض اوكسيجين،

-يمكن أيضًا تشجيع أساليب التمويل الأخرى مثل التمويل الجماعي (crowdfunding)، بهدف توجيه المدخرات بشكل أفضل (بما في ذلك مدخرات مغاربة العالم) نحو الاستثمار المنتج والمولد للقيمة.

7تشجيع وتنظيم أشكال الشغل الجديدة لتحقيق المزيد من المرونة والشمولية

يجب أن يتطور سوق الشغل ليتكيف مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد.

-من الضروري تحسين تنظيم وتقنين وتسهيل الشغل النسبي (à temps partiel)، والعمل من المنزل، والعمل عن بُعد، خاصة بالنسبة للشباب في طور التكوين والتدريب، والنساء، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

-يجب تطبيق تدابير مساعدة مثل تطبيق ساعات عمل مرنة، ودعم التنقل، ورياض الأطفال المدعومة من قبل السلطات المحلية، لتحسين وصول هذه الفئات، خاصة النساء، إلى فرص الشغل.

-علاوة على ذلك، ولدعم المقاولات في فترات الأزمات، يُوصى بتوفير مرونة في العمالة تصل إلى 15% للشركات التي تبرر انخفاضًا في رقم معاملاتها يزيد عن 15% خلال سنة، شريطة أن تلتزم بإعادة التشغيل في حال انتعاشها.

-في الوقت نفسه، ومن أجل تشجيع الاستثمار في التشغيل، تقترح الرابطة تقديم تخفيض بنسبة 50% من المساهمات الاجتماعية المتعلقة بالرواتب على مدى خمس سنوات لصالح المشغلين الذين يقدمون برامج نمو تتضمن زيادة صافية في أعداد الشغيلين، في إطار عقد نمو-تشغيل (Contrat de Croissance Emploi-) .

-يجب تعزيز التزام واخلاص الاجراء من خلال تطوير آليات تحفيزية لتحسن الأداء من خلال المساهمة الأرباح او حتى في رأس مال الشركات. ستساهم هذه الآليات في الاحتفاظ بالكفاءات وجذب كفاءات جديدة من خلال توفير فرص للتطور والمشاركة في تحقيق النجاح الجماعي.

8إنعاش وتطوير المناطق القروية (التي تمثل 38% من سكان المغرب) من خلال التكوين، والاستثمار وكذا تنويع و وتثمين مواردها:

-تكوين الشباب في المهن التي يمكن العمل فيها عن بُعد ومن المنزل سيساهم في استقرارهم واندماجهم في سوق الشغل.

-إطلاق برنامج جديد لدعم الإنتاج الزراعي العائلي بتمويل من "صندوق التنمية القروية"، للمساعدة في إعادة بناء الثروة الحيوانية والأشجار التي تأثرت بالجفاف.

-تثمين الاقتصاد القروي من خلال تطوير السياحة عبر مسارات موضوعاتية (طبيعة، ثقافة، حرف يدوية).

-دعم التحويل المحلي للمنتجات المجالية عبر التعاونيات ومراكز التثمين.

-تعزيز البنية التحتية للنقل والكهرباء والاتصال بالإنترنت لضمان الوصول الأفضل إلى الخدمات العمومية وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق القروية.

9تحديد أهداف لحجم الاستثمارات الإنتاجية وخلق فرص الشغل للجماعات الترابية، خاصة في إطار عقود البرامج بين الدولة والجهات:

-يتعلق الأمر بتفعيل إحدى الصلاحيات الرئيسية الخاصة بالجهات من خلال إنشاء صناديق استثمارية جهوية، وتعبئة أراض مخصصة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بالقرب من التجمعات السكنية، بما في ذلك المناطق القروية، وتوفير برامج تكوينية موجهة للاندماج تتناسب مع الأنشطة المحلية، في إطار شراكة بين المجالس الجهوية والمؤسسات التعليمية العليا، ومدن المهن والكفاءات.

-شن حملات تكوينية في البرمجة والخدمات الصحية والسياحية وكل ما يتعلق بالاقتصاد الدائري لصالح الشباب على صعيد كل الأقاليم لسد الخصاص المهول الذي تعرفه هذه التقنيات على الصعيد الوطني والدولي



10تسريع نمو القطاعات الاستراتيجية الجديدة:

-يجب على المغرب استغلال إمكانيات القطاعات الناشئة لخلق فرص اقتصادية، وتعزيز تنافسيته، وتعزيز جيل جديد من فرص الشغل.

-تطوير اقتصاد الرعاية، وهو سوق في توسع مستمر (يشمل التعليم ما قبل المدرسي، الصحة والرفاه، رعاية المسنين)، من خلال هيكلة هذا القطاع الحيوي عبر تشريعات ملائمة، وتكوين متخصص، وشراكات بين القطاعين العام والخاص في الخدمات الاجتماعية.

-تثمين الاقتصاد الأزرق بالاستفادة من الساحل والفضاء البحري، وتحديث القطاعات التقليدية (الصيد، السياحة الساحلية، النقل البحري، وبناء السفن)، والاستثمار في مجالات مبتكرة مثل التكنولوجيا الحيوية البحرية والطاقة البحرية المتجددة.

-تسريع الانتقال الطاقي والاقتصاد الدائري من خلال تشجيع مشاريع متوسطة وصغيرة الحجم لإنتاج الطاقة النظيفة مع تحرير منَظَّم لهذا القطاع، وتطوير تجمعات متخصصة، وتحفيز الإنتاج المحلي من المعدات والمواد المناسبة.

-مرافقة واستثمار الفرص التي تقدمها التحولات الرقمية، من خلال جعل المغرب قطبًا أفرو-أطلسيًّا في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، عبر تعزيز منظومة التكوين والبحث والابتكار، وجذب الكفاءات المغربية من الخارج، ودعم الشركات الناشئة في التكنولوجيا العميقة عبر الحوافز الضريبية ووضع الإطار التنظيمي الملائم لها.