محمد أنور الشرقاوي: "عَرَب" .. العُملةُ المُوحِّدة والمشيدة لغزة

محمد أنور الشرقاوي: "عَرَب" .. العُملةُ المُوحِّدة والمشيدة لغزة محمد أنور الشرقاوي
هذه حكاية من نسيج الخيال… ولكن كم من خيالٍ صار حقيقة، وكم من حُلمٍ غدا تاريخًا تُسطِّره الأجيال .

هبّت رياحٌ جديدة على العالم العربي، رياحٌ لا تُقاوَم، لا تعترف بالحواجز، لا تنحني أمام الهيمنة.

في قصرٍ باذخٍ بالرياض، أعلن وليُّ العهد، الأمير سلمان، عن إنشاءِ صندوقٍ ضخمٍ بقيمةِ مئةِ مليون دولار لإعادةِ إعمار غزة، صندوقٌ لا يُموَّلُ بالقروض ولا بالإملاءات، بل بزكاةٍ طاهرةٍ، جُمِعَت من أفئدةِ الملايين ممن قصدوا بيت الله في الحجِّ والعمرة، يُهتفون بالدعاء، ولا يدرون أنَّ أموالهم تُشيِّد الغد، تضعُ أولى الأحجارِ في صرحِ المستقبل لفلسطين الجريحة.

لكن سلمان ليس وحيدًا في هذه الملحمة. ها هم ملوكُ الخليج، وأُمراءُ الأرضِ التي تُنجبُ النفطَ والغاز، وسادةُ الشواطئِ المغربية والشامية، قد عقدوا العزم على الانضمام إلى المسيرة.

لقد تفتّحت أعينُهم على حقيقةٍ صارخة: ثرواتُ الأمة ليست للأبراجِ الزجاجية، ولا للجُزرِ الصناعية، بل للمدنِ العريقة، للبيوتِ التي تملؤها أصواتُ الأطفال، لطرقاتٍ تنبضُ بالحياة، لغزةَ التي لن تموت.

تحالفُ الضمائر

في لحظةِ صحوةٍ، في رجفةِ خوفٍ من يومِ الحساب، قرّر بعضُ الزعماء أن يُعيدوا للشعوبِ ما نُهِبَ منها، أن يُطهِّروا خزائنهم بما غنموه من سنين القهر، أن يُكفِّروا عن صمتهم الطويل.

ملياراتٌ من الدنانير والريالات والدراهم، طالما كانت حبيسةَ البنوكِ المجهولة، أُفرِجَ عنها، أُعيدت لأصحابها، وتحولت إلى صدقاتٍ لا استجداءَ فيها، بل فرضٌ وحق، كأنها تكفيرٌ عن ذنبٍ طويلٍ ممتدٍّ لعقود.

لم تعد المبادرةُ مقصورةً على الحُكّام.
لقد اجتمعَت عقول الأمة، مهندسون ومعماريون، من قاهرةِ المُعزّ، ومن دمشقَ التي أنجبت قلاعَها، ومن بغدادَ، من تونس، من رباطِ الفتح، من كلّ مدينةٍ أبت أن تُطفِئ مجدها.

مدارسُ العمارةِ الأندلسية، وساحاتُ فاس، وقصورُ إسطنبول، وحدائقُ فارس… كلها نُقِشَت في المخيّلة، وأصبحت حجارةً تُرسَم، تُخطَّط، تُشَيَّد، في غزةَ الجديدة.

أما كبارُ شركات البناء العربية، فقد ألقت بثقلها في هذه النهضة. حديدُ الجزائر، إسمنتُ مصر، خشبُ الأرز اللبناني، رخامُ المغرب، زجاجُ إيران… كلها موادٌّ توحّدت لأجل بناءٍ واحد، هدفٍ واحد، مصيرٍ واحد.


النهضةُ الخضراء والاقتصادية

ولكن، ما فائدةُ المدنِ إن بقيَت الأرضُ جرداء؟

من أعماقِ الصحراءِ المغربية، ومن وديان النيل الخصبة، ومن جبال الأطلس، ومن بساتين العراق، جاءت القوافلُ تحملُ النخيل، والزيتونَ العتيق، وشجرة " أركان " وبذورَ الحياة.
جاء الفلاحون لا يرفعون الشعارات، بل يزرعون الأمل، يتعهّدون الأرض، يُعيدون إليها خضرتها الأولى.

لأن غزةَ لا تحتاجُ فقط إلى حجارةٍ، بل إلى بساتين، إلى ظلالٍ يستريحُ فيها أطفالها، إلى حبوبٍ تُنبِتُ خبزًا وكِرامة.

عَرَب… العُملةُ التي ستكسرُ القيد

وفي مكانٍ بعيد، في مكتبٍ يضجّ بالرؤى، كان هناك رجلٌ يفكرُ في الغد. ليس مُهندسًا ولا سياسيًا، بل مصرفيٌّ، يعرفُ كيف تُحرَّكُ الأموال، كيف يُدارُ العالم، كيف يُفرضُ الاستقلالُ الاقتصادي.

وهكذا وُلدت فكرةٌ جريئة، فكرةٌ تمزّقُ عقودَ التبعية، فكرةُ "العَرَب"، العُملةُ العربيةُ الواحدة، عُملةٌ لا تخضعُ للدولار، ولا تنحني لليورو، عُملةٌ تولدُ من رحمِ الأمة، وتكونُ سيفًا يُموِّلُ نهضتها بلا قيود، يُعيدُ لها سيادتها بلا ابتزاز.

التحدي الكبير

إنها رسالةٌ إلى الغرب، إلى القوى التي لطالما وضعت العراقيلَ أمام قيامِ أُمّةٍ موحَّدة، إلى من ظنّوا أنَّ الفُرقةَ قدرٌ لا فكاكَ منه.

وغزةُ ليست سوى البداية، غزةُ هي الأملُ الذي اشتعل، الشرارةُ التي لن تنطفئ.

موعدُ النهضة

لم يعُد هناك وقتٌ للتردُّد، لم يعُد هناك مكانٌ للضعف.

لقد نهض العرب، لا كقبائلَ متفرِّقة، بل كأمةٍ واحدة، يدُها في يدِ بعضِها، تقاتلُ لأجلِ الحياة، تبني لأجلِ البقاء.

غزةُ لم تعُد أنقاضًا… غزةُ انبعاثٌ جديد.

ويوماً ما، ستتجلّى هذه الحكايةُ على أرضِ الواقع، وسينحني التاريخُ ليُدوّنها بأحرفٍ من ذهب.

يومها، لن يكون "العَرَب" مجردَ عملة، بل سيكون رمزًا للكرامة، لنهضةٍ لن يُطفئها الزمن.

"بيتكون عرب " آت. الغرب وأمريكا يرتجفان.