يثير إلغاء عيد الأضحى في المغرب نقاشاً معقداً لانه يجمع بين البعد الديني، الاجتماعي، والاقتصادي. فهو موضوع حساس بالنسبة للمجتمع المغربي لما يحمله من رمزية روحية عميقة.
على المستوى الاجتماعي، عيد الأضحى ليس مجرد طقس ديني، بل يمثل فرصة للتضامن والتٱزر داخل الأسر المغربية، خاصة في الأحياء الشعبية والقرى. حتى الأسر ذات الإمكانيات المحدودة تسعى للمشاركة فيه، وغالباً ما تلجأ إلى الاقتراض. هناك من يقضي سنة كاملة في تسديد القروض التي أخذها لاقتناء أضحية العيد، وهو أمر لا يبدو أن الحكومة تأخذه بعين الاعتبار.
اقتصادياً، المغرب يمر بظروف صعبة تشمل ارتفاعاً مهولاً في الأسعار، إلى جانب عامل الجفاف. هذا يزيد العبء على الأسر المغربية، ما جعل البعض يقترح إلغاء العيد كحل مؤقت لتخفيف هذا العبء. لكن هذا الاقتراح، في حال تطبيقه، قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على قطاعات تعتمد بشكل كبير على نشاطات عيد الأضحى، مثل تربية المواشي والتجارة.
الحكومة مطالبة بالإجابة على عدة تساؤلات. فمنذ توليها المسؤولية، لم تقدم حلولاً فعالة للأزمات المرتبطة بالجفاف وغلاء المعيشة، بل اعتمدت على إجراءات ترقيعية مثل دعم المستوردين، وهي إجراءات لم تحقق الأهداف المرجوة. بدل دعم اللوبيات والمضاربين، كان ينبغي توجيه الدعم للفلاحين الصغار والأسر الفقيرة التي تعجز عن اقتناء الأضحية.
المقاربة الحكومية يجب أن تكون شاملة ومبتكرة، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الاجتماعية، القدرة الشرائية، وغلاء المعيشة. على الحكومة أيضاً تعزيز الوعي بأن الأضحية ليست فرضاً على من لا يستطيع تحمل تكاليفها، والعمل على تخفيف تكاليف الإنتاج لدعم الفلاحين، مما قد ينعكس إيجاباً على أسعار الأضاحي.
فشل الحكومة في إدارة هذه القضايا يتطلب قرارات مبنية على حوار مجتمعي يأخذ في الحسبان الحفاظ على القيم الدينية، مع تخفيف العبء الاجتماعي والاقتصادي. هذا الحوار يجب أن يوازن بين دعم الفلاحين الصغار والمربين، وبين الحد من استغلال المضاربين.
ختاما، فالمسؤولية تقع على الحكومة، التي لم تتمكن حتى الآن من تقديم حلول جذرية لمشاكل تفاقمت وأثقلت كاهل المغاربة.
فاطمة التامني، برلمانية فيدرالية اليسار الديمقراطي