يرى بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن الحكومة تمكنت من تمرير " المشروع التكبيلي للإضراب " بمجلس النواب معتمدة على أغلبيتها العددية، علما أن الأغلبية العددية أصبحت متجاوزة في البلدان الديمقراطية ، مشيرا بأن التوافق لم يحصل مع النقابات الأمر الذي يتنافى مع اتفاق 30 أبريل، مطالبا الحكومة بسحب المشروع من مجلس المستشارين وإعادة الى طاولة التفاوض من أجل الوصول الى التوافق على غرار ما حصل في مدونة الشغل، علما أن المشروع الحالي يميل الى الطرف القوي في علاقات الشغل بدل الطرف الضعيف، كما أنه يتضمن عدد من العراقيل التي تحد من ممارسة الحق في الإضراب بل والإجهاز عليه لدى بعض فئات المجتمع، ملوحا بالدخول في برنامج احتجاجي قد يصل حد خوض إضراب وطني كقرار سياسي يتعدى المقاربة العددية..
كيف تقيمون تعاطي الحكومة مع مقترحات النقابات بشأن تعديل مشروع القانون التنظيمي للإضراب؟
في الحقيقة وبكل صدق وبكل أمانة كنا ننتظر أن تكون هذه الحكومة بديلا للحكومات السابقة، وخاصة الحكومة التي سبقتها، مع الأسف صدمنا علما أن لدينا إرادة من أجل التجاوب والتقاطع من أجل الخروج بخلاصات واتفاقيات مع هذه الحكومة، على غرار اتفاق 30 أبريل والذي يعد إشارة واضحة من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على أنها مستعدة لمعالجة كل المشاكل الاجتماعية، حيث ننطلق من نقطة أساسية وهي الوطن والمجتمع، واتفاق 30 أبريل ليس استثناء فهناك مجموعة من المكتسبات والاتفاقيات وقد تم كل ذلك بتوافق، فالشرط الأساسي هو التوافق وليس الصراع العددي داخل قبة البرلمان. مع الأسف ورغم ذهابنا للحوار سجلنا تلكؤا بل مناورات مكشوفة وقد سجل هذا من البداية وقد نكون مساهمين في ذلك، وأقصد الحوار المركزي الذي ينبغي أن تحضره جميع النقابات، وأن يكون النقاش وجها لوجه، لكن اختارت الحكومة بصورة ذكية أن تظهر أنها متقاطعة ومساندة وأنها رهن إشارة المجتمع والعمل النقابي، وقد تمت زيارات ميدانية للمقرات النقابية وقد اعتقدنا أننا سنعيش طفرة نوعية في معالجة المشاكل العالقة، لكن للأسف تبين أن الحكومة الحالية تنتهج خطة " فرق تسد " حيث تجري النقاش مع كل نقابة على حدى دون أن نعرف ماذا يدور في علاقتها مع هذه النقابة أو تلك..لقد انتقلنا للأسف الشديد من التفاوض الى التشاور علما أن منظمة العمل تعترف بالتفاوض وتجاوزت مسألة الحوار، ولكن الحكومة تعتمد على " التشاور "..أي شاوره ولا تعمل برأيه .
وما رأيك بخصوص مشروع قانون الإضراب؟
مشروع القانون التنظيمي للإضراب تم إعداده من طرف حكومة العثماني حيث أنزلت هذه الحكومة بعض المقتضيات والتي ما أنزل الله بها من سلطان، وقد تضمن المشروع في نسخته السابقة العقوبات الحبسية وكذا من الإجراءات الزجرية والذعائر، وكأننا ليس أمام نص تكبيلي بل تجريمي للإضراب، وقد تصدينا للمشروع في تلك الفترة، ثم جاءت فترة الحكومة الحالية، حيث اتفقنا معها على أساس مناقشة المشروع فنحن لا نتهرب من النقاش، على أساس الوصول الى توافق، وللإشارة فإننا لما نجتمع فإننا نجتمع فقط مع وزير الشغل وليس مع الحكومة، ولما نتفق لا نرى لذلك أثرا على مستوى المسودة، مما جعل وزير الشغل يتحول الى مجرد وسيط دون أن يملك أية صلاحيات بينما كنا في الحكومات السابقة نحسم الموضوع من خلال الاجتماع مع وزير الشغل بما فيها فترة وزير الداخلية الأسبق ادريس البصري وكذلك حكومة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، وحكومة ادريس جطو التي فاقت جميع الحكومات فيما يتعلق بتبني المقاربة التشاركية مع النقابات، حيث كانت تلك الفترة فترة ذهبية في العمل النقابي، وتم خلالها إصدار مدونة الشغل ومعالجة مجموعة من المشاكل الاجتماعية المزمنة، كما شهد المغرب طفرة في العمل النقابي في عهد حكومة عباس الفاسي حيث تم إبرام اتفاق 26 أبريل ومن بين المكتسبات التي تحققت آنذاك هي توحيد الأجر بين القطاع الصناعي والقطاع الفلاحي، وبعدها عينت حكومة بنكيران والتي ضربت بعرض الحائط كل هذه المكتسبات ..
اذا، لم يحصل التوافق مع الحكومة بشأن المشروع رغم الجلسات التي عقدت مع النقابات؟
الحكومة مررت المشروع في مجلس النواب معتمدة على أغلبيتها العددية، علما أن الأغلبية العددية أصبحت متجاوزة في البلدان الديمقراطية، حيث لم يحصل التوافق مع النقابات، علما أن الشرط الأساسي هو التوافق قبل المصادقة على المشروع من طرف مجلس النواب، وهذا الشرط مدون في اتفاق 30 أبريل، فلابد من التوافق بشأن قانون الإضراب وقانون النقابات وقانون التقاعد أو مدونة الشغل مستقبلا ، حيث ناقشنا مع وزير الشغل المشروع وأدركنا في نهاية المطاف أن الحكومة قام بتكبيله قبل أن تكبل النقابات..لقد كان جد متفهم لمطالب النقابات بناء على الحجج التي تقدمت بها النقابات، لكن لما نغادر نجد أنه لا شيء تغير على أرض الواقع، لدرجة أنه حتى تعريف مفهوم الإضراب فيه إشكال كبير..نشعر حقيقة أن الحكومة تميل الى الطرف القوي في علاقات الشغل وليس الطرف الضعيف..وقد كان همنا الأساسي هو الخروج بقانون يرضي الجميع، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل خلال الحوار كان هاجسها الأساسي ليس هو الدفاع عن ذاتها التنظيمية بل ظلت تتحدث عن الطبقة العاملة وتطرقت الى الإضراب السياسي و إضراب القطاع الطلابي، وإضراب المهنيين. فكل فئات المجتمع من حقه أن تعلن عن خوض الإضراب للدفاع عن حقوقها المشروعة ومكتسباتها ومطالبها، وكل هذه الأمور موثقة. نحن متشبثون بالحق في خوض الإضراب الوطني بدل الإضراب القطاعي..
يعني المشروع يتضمن قيود كثيرة تحد من ممارسة الحق في الإضراب؟
المشروع يتضمن الكثير من العراقيل والتي تتعدى تسمية " القيود "..تصور أنه ومن أجل تنفيذ قرار بالإضراب فإنه يلزمك " سمفونية " من الاجراءات..المشروع يتضمن أيضا جزاءات في مواجهة الطبقة العاملة والتي تعاني أصلا من تردي أوضاعها الاجتماعية تفوق الجزاءات المطبقة على أرباب العمل..هناك توجه لمساندة الطرف القوي في علاقات الشغل وليس الطرف الضعيف..وصراحة نحن في وضع صعب جدا في ظل الحكومة الحالية، ونحن نطالب بسحب المشروع من مجلس المستشارين من أجل مناقشته نقطة بنقطة بحضور جميع النقابات، بموضوعية كي نخرج بتوافق حول المشروع، كما وقع في مدونة الشغل التي تمت المصادقة عيلها في عهد حكومة ادريس جطو ، علما أن مدونة الشغل لم تعرف طريقها الى التطبيق من طرف " الباطرونا " رغم حصول التوافق حولها..علما أن مشروع قانون الإضراب يعد قانونا تكبيليا خطير جدا ويضرب في العمق الحق في الإضراب والحريات النقابية بل يضرب الحريات العامة بصفة عامة..
ماهو برنامجكم الاحتجاجي في حالة عدم التجاوب مع مطالبكم وتمرير المشروع من طرف مجلس المستشارين؟
لقد أعلنا برنامجنا الاحتجاجي من أجل المطالبة بسحب المشروع وإعادته الى طاولة التفاوض، والتي تتضمن وقفات احتجاجية في الأقاليم ومسيرة احتجاجية جهوية ووقفات احتجاجية أمام البرلمان وصولا الى مسيرة وطنية تنظم في الرباط ، ولتتحمل الحكومة مسؤوليتها الكاملة في حالة استمرار تعنتها ومحاولة تمرير المشروع، فنحن لن نصمت حتى ولو اقتضى الأمر خوض إضراب وطني باعتباره قرار سياسي يتعدى المقاربة العددية ..