فؤاد زويريق: ملامح من شخصية دونالد ترامب في فيلم "محامي الشيطان"

فؤاد زويريق: ملامح من شخصية دونالد ترامب في فيلم "محامي الشيطان" فؤاد زويريق وملصق الفيلم
الحياة تمنحك اختياران فقط حتى تنجح، فإما أن تكون قاتلا أو أن تكون فاشلا، فماذا ستختار؟ هو ليس سؤالا، هو اختيار مصيري معقد، وضعه المُعلم والمحامي روي كوهن أمام تلميذه الطموح دونالد ترامب، فاختار ترامب أن يكون قاتلا! هكذا وضعنا الفيلم الروائي ''المتدرب'' 2024 ''The Apprentice'' الذي أخرجه المخرج الإيراني علي عباسي، داخل شخصية الرئيس دونالد ترامب لنستكشف عوالمها وأبعادها النفسية، ونتعرف على كيفية تحولها ووصولها إلى ما نعرفه عنها اليوم.

أخيرا أتيحت لي اليوم الفرصة لمشاهدة هذا الفيلم الذي عبر من عدة مهرجانات عالمية مهمة، وهو فيلم يستحق المشاهدة كونه سرد بكل سلاسة وعمق سيرة دونالد ترامب في بداياتها الأولى وكيفية تشكل شخصيته، الفيلم لم يتناول سوى سنوات السبعينات والثمانينات من حياته، أي بدايات صعوده، وقد أظهره بشخصية مقززة ومستفزة، شخصية وصولية، وانتهازية، وخبيثة، وغير وفية، وخائنة، وبراغماتية، ومتسلقة، ومتملقة، ومبدعة في خلق النجاحات من اللاشيء، وذكية في عقد الصفقات، ونرجسية، محبة لنفسها، أنيقة في شكلها، تصادمية... هي صفات تبدو شيطانية لكنها هي التي شكلت جسرا لترامب عبَر من خلاله الى النجاح كرجل أعمال ثم كرئيس لأقوى دولة على وجه الأرض.

لم يكتشف ترامب هذه الصفات فيه إلا بعد أن التقى صدفة في ناد للأغنياء بالمحامي روي كوهن وهو محام متمرس ومحترف كان يتّبع كل الطرق المشبوهة وغير قانونية لكسب قضاياه، وقد شكل هنا النواة الأولى في تخليق شخصية ترامب في بعدها الانتهازي، فهو كان بمثابة معلمه قبل أن يكون محاميه وصديقه، ولقنه ثلاث قواعد رئيسية جعلته ''قاتلا'' لا فاشلا، القاعدة الأولى العالم فوضى، إذاً عليك بالهجوم، ومن رفع عليك سكينا ارفع عليك رشاشا، والقاعدة الثانية بأن الحقيقة لا توجد فانكر كل شيء ولا تعترف بأي شيء، والقاعدة الثالثة لا تعترف أبدا بالهزيمة، ادّع النصر دائما، هنا في هذا الدور بالضبط، دور المحامي الذي أداه بجدارة وبراعة الممثل جيريمي سترونغ تذكرت آل باتشينو في فيلم "محامي الشيطان"، فكأننا أمام الشخصية نفسها وكأن ترامب هو كيانو ريفز في الفيلم نفسه، الشخصية التي باعت نفسها للشيطان من أجل تحقيق أحلامها.

ترامب في النهاية يتمرد على محاميه ويبتعد عنه في عز احتياجه له، وهنا يظهر لك الترامب غير الوفي لمحاميه ومعلمه وصديقه وصانع نجاحه، الفيلم أظهر لنا أيضا خيانات ترامب لزوجته إيفانا/الممثلة ماريا باكالوفا، وقسوته عليها بالعنف اللفظي والجسدي والاغتصاب، ليس هذا فحسب بل نقف على علاقته مع شقيقه وكيف تبرأ منه وطرده عوض مساعدته، وعلاقته المتوترة بأبيه ومحاولة الاحتيال عليه.

الممثل سباستيان ستان الذي أدى دور ترامب، كان صادقا ومقنعا ومتمكنا من الشخصية، شخصيا لم ألمس منه أي تقليد لدونالد ترامب، وهذه نقطة إيجابية تجعلك تتماهى بعمق مع الأبعاد الداخلية للشخصية التي أمامك على الشاشة دون استحضار الشخصية الأصلية وعمل مقارنات شكلية معها تشتت تركيزك، الفيلم يتخذ الأسلوب الكلاسيكي في السرد، وبشكل بسيط وسلس يقرب منك الشخصية الرئيسية بمحيطها وعلاقاتها بباقي الشخصيات المتفرعة.