انطلقت فترة الانتقالات الشتوية للبطولة الاحترافية لكرة القدم يوم الأربعاء 15 يناير2025، حيث تتطلع الأندية إلى تعزيز صفوفها بلاعبين جدد أو استبدال عناصر لم تقدم ما كان منتظرا منها بأسماء أخرى، استجابة لتطلعات الجماهير المطالبة بتحقيق نتائج إيجابية خلال الشطر الثاني الذي يمكن اعتباره مرحلة استدراكية.
لكن في مشهدنا الكروي، لا يتردد مجموعة من المسيرين في الانتقال من فريق لآخر ومن من منصب إلى آخر، مكرسين حياة الترحال بين الأندية.
“أنفاس بريس” تستعرض أبرز الأسماء التي تنقلت بين المناصب في أكثر من فريق.
الأب “جيكو” مؤسس الوداد ومدرب الرجاء
جمعت شخصية واحدة بين قطبي الكرة المغربية، الرجاء والوداد الرياضيين، والأمر يتعلق بالأب “جيكو” الذي كان من بين مؤسسي الوداد، قبل أن يساهم في إحداث ثورة في الرجاء كمدرب لازالت تتغنى به جماهير الفريق الأخضر.
يعتبر الأب “جيكو“، وإسمه الحقيقي محمد بلحسن العفاني، من رواد كرة القدم بالمغرب، حيث جمع بين الدراسات العليا وتلقين لعبة كرة القدم. فقد كان معلمة رياضية وطنية، وكان من بين مؤسسي أعرق الأندية الوطنية في فترة الاستعمار الفرنسي، الوداد الرياضي، والذي حقق معه العديد من الألقاب المحلية وعلى صعيد شمال أفريقيا في فترة الحماية.
بدأ محمد بلحسن مساره الكروي لاعبا ومسيرا في نفس الوقت بحكم ما راكمه من معارف، بل إنه أشرف على تدريب فريق “يوسا“، قبل أن يرتبط اسمه بالرجاء.
بدأت علاقته بعالم المستديرة كظهير أيمن لفريق اليوسا “بطل العصبة المغربية لسنتي 1927 و1929“. وبسبب ميولاته الوطنية الواضحة ورغبته في توظيف كرة القدم كوسيلة للنضال ضد الاستعمار الفرنسي، انضم إلى مجموعة من الوطنيين الذين أسسوا سنة 1937 نادي واد الأمة بمبادرة من محمد بنجلون الذي ترأس الفريق وأسند للأب جيكو مهمة كاتب عام للفريق.
وأثناء وجوده على رأس الفريق استطاع أن يفوز بأربعة ألقاب للدوري، وثلاثة ألقاب في دوري شمال إفريقيا.
بدأت إسهاماته مع فريق الوداد الرياضي كلاعب وفيما بعد كمدرب رئيسي للفريق وككاتب عام وذلك لمدة 15 سنة، وبسب خلافه مع أحد أعضاء المكتب المسير، قرر مغادرة القلعة الحمراء. وتزامنت هذه المغادرة مع وفاة والده الأمر الذي دفعه إلى الاعتكاف والابتعاد عن مدينة الدار البيضاء.
وبعد خروجه من حالة العزلة التي عاشها في ضيعة ضواحي تارودانت، عاد المدرب الغاضب إلى الدار البيضاء، بملتمس من المعطي بوعبيد وأصبح مدربا لفريق الرجاء البيضاوي، ليشكل ذلك ولادة جديدة وحقيقية لهذا الفريق وذلك بعد سبع سنوات من ولادته الرسمية سنة 1949، واستمر الأب جيكو في بصم فريق الرجاء بأسلوبه لمدة 13 سنة ليتقاعد سنة واحدة قبل مماته.
العسكي.. انتقل من الرجاء إلى جمعية الحليب للضرورة المهنية
يعد عبد اللطيف العسكي، المسير والعضو السابق بفريق الرجاء الرياضي، من قيدومي مسيري الفريق الأخضر، إذ شغل على مدى 35 عاما منصب نائب الرئيس عدة مرات، إلى جانب تقلده لعدة مهام أخرى داخل الفريق، فضلا عن مهامه في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
كان العسكي مهندس الاندماج الذي تم خلال تسعينات القرن الماضي بين فريق الرجاء البيضاوي وفريق الأولمبيك البيضاوي، الذي حقق معه ستة ألقاب محلية وعربية، علما أن انتقاله جاء نتيجة اشتغاله في مؤسسة “أونا“ الراعية الرسمية لفريق جمعية الحليب.
وقد واكب عبد اللطيف العسكي،كبار رؤساء الفريق الأخضر، كالمعطي بوعبيد وعبد الواحد معاش وعبد القادر الرتناني وعبد لله غلام وأحمد عمور وعبد السلام حنات وعبد الحميد الصويري.
بعد اندماج الأولمبيك البيضاوي والرجاء، سيعود العسكي إلى فريقه الأم لممارسة مهامه ضمن المكاتب المسيرة والمتعاقبة على تدبير الفريق، وكان ضمن الفريق المسير الذي أنشأ مركز التكوين “رياضة-دراسة“، الذي احتضنه المركب الرياضي التابع للمكتب الوطني للتكوين المهني بعين برجة.
وبعودة عبد اللطيف العسكي إلى الرجاء، سيساهم في صنع أمجاد “النسور“، خاصة إبان تسعينات القرن الماضي، حينما حقق مع فريقه ستة ألقاب متتالية للبطولة، وهو رقم قياسي وطني، إضافة إلى إنجازات مهمة على الصعيد القاري.
هشام أيت منا الرجل الذي مارس التعدد الرئاسي
مباشرة بعد انتخاب هشام أيت منا، نجل أحمد أيت منا، الرئيس السابق لشباب المحمدية، بالإجماع رئيسا لفريق فضالة الأول في 4 يناير 2018، وعد هشام بإعادة الشباب إلى القسم الأول وهو ما حصل بعد مجهود كبير لانتشال الفريق من قسم الهواة.
ما أن صعد الفريق إلى القسم الأول خلال سنة 2020، حتى دخل عالم السياسة بانضمامه لحزب التجمع الوطني للأحرار وتحول إلى برلماني للمدينة ورئيسا لمجلسها البلدي، ونال عضوية لجنة برلمانية سنة 2021. وعضوا في لجنة برلمانية سنة 2021. هذا الوضع السياسي جعله يصطدم بحاجز “حالة التنافي“ فعاش شباب المحمدية حالة خصاص قصوى. انتهت بانتقال أيت منا، من رئاسة الجمعية الرياضية إلى رئيس للجمعية الرياضية شباب المحمدية حيث قدم استقالته من منصبه الأول في 30 مارس 2022.
في دجنبر 2023وضع هشام آيت منا، الرئيس السابق لفريق شباب المحمدية، حدا لمسيرته التسييرية بالفريق بتقديم استقالته من منصبه رئيسا للشركة الرياضية لممثل مدينة الزهور. وفي 25 يوليوز 2024، انتخب هشام أيت منا، رئيسا للوداد الرياضي، خلفا لعبد المجيد البرناكي، خلال الجمع العام المنعقد بأحد فنادق مدينة الدار البيضاء، بعدما تم التصويت عليه بالإجماع من قبل منخرطي، تاركا فريقه الأم عرضة للضياع.
وكانت الطريق معبدة لهشام أيت منا، لتولي رئاسة المكتب المديري للوداد الرياضي، بعد انسحاب كل منافسيه، ليبدأ بذلك الفريق الأحمر صفحة جديدة، بعد طي صفحة سعيد الناصيري المعتقل، وعبد المجيد البرناكي المستقيل، لينضم هشام إلى لائحة الرؤساء الرحل.
عبد السلام بلقشور..المسير الذي تنقل بين أربع فرق
في الزمامرة، راكم عبد السلام بلقشور الحقائب السياسية، بدءا بانتخابه رئيسا لبلدية المدينة وبرلمانيا بالمنطقة، قبل أن يصبح رئيسا لنهضة الزمامرة، وهو المنصب الذي عبد له الطريق نحو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ويصبح عضوا في المكتب الجامعي في عهد الجنيرال حسني بن سليمان.
في المنظومة الكروية، راكم بلقشور عدة مناصب أبرزها، رئاسة العصبة الاحترافية لكرة القدم، التي كان ناطقا رسميا باسمها، إلى أن عين رئيسا لهذه الهيئة خلفا لسعيد الناصري.
خبر عبد السلام بلقشور، مجال التسيير مبكرا وهو الوحيد الذي انضم لأربعة فرق بشكل متفرق، نهضة الزمامرة رئيسا، وحسنية أكادير رئيسا، والدفاع الجديدي عضوا في المكتب المسير، ثم الرجاء الرياضي منخرطا.
وفي يوم 12 أبريل 2022، أعلن عبد السلام بلقشور تقديم استقالته من رئاسة المكتب المديري لنادي النهضة أتلتيك الزمامرة، بسبب تنازع المصالح. إذ أوضح فريق نهضة الزمامرة، في بلاغ نشره على حسابه الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن قرار تقديم الاستقالة يأتي تجاوبا مع دورية وزارة الداخلية حول تنازع المصالح، وتفاديا لوجود حالة التنافي، بصفته رئيس المجلس الجماعي لمدينة الزمامرة. اليوم يتردد اسم بلقشور كمرشح لرئاسة الرجاء الرياضي خلفا لعادل هالا، ما يكرس ظاهرة الترحال الكروي، علما أن بلقشور مارس أيضا الترحال السياسي بين الأحزاب.
بلبودالي: الحاجة لقانون يمنع مغادرة أي رئيس لمنصبه قبل تسوية ملف منع الانتقالات
أوضح عبد العزيز بلبودالي، الكاتب والصحافي الرياضي في حديثه لـ “أنفاس بريس“، أن ظاهرة تنقل المسيرين والمنخرطين من فريق لآخر منتشرة في الوسط الكروي، وازداد الوضع حدة خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى عدم وجود قانون يمنع انتقال المسيرين من ناد إلى آخر، كما لا يوجد قانون يمنع المنخرطين من إنهاء ارتباطهم بالفريق الأصلي والالتحاق بفريق آخر، لكنه أشار إلى أن مسببات الظاهرة تدفع إلى التساؤل.
وأضاف محاورنا ”في منظومة كرة القدم المغربية كان دائما الدافع هو الانتماء العاطفي والروحي لفريق ما، فيكون الانخراط في الفريق بدافع الانتماء العاطفي، كذلك المسير في غالب الأحيان يكون ابن المدينة التي يوجد فيها الفريق ويكون من أعيان المدينة وعليه إجماع من طرف الجمهور والمنخرطين ومحبي الفريق“.
وعاد عبد العزيز بلبودالي، للتذكير بعدم وجود قانون يمنع انتقال أي مسير من فريق للآخر، مشيرا إلى أن الظاهرة، انضافت إلى ظاهرة انتقال اللاعبين بين الفرق، مشيرا أن التاريخ يسجل انتقال نجوم من الوداد إلى الرجاء أو العكس وكان الجمهور يتقبل بصعوبة الأمر فما بالك بانتقال المسيرين.
وختم عبد العزيز بلبودالي، حديثه قائلا: “لابد قبل انتقال أي مسير إلى فريق آخر، لابد قبل مغادرته لفريقه الأول حل المشاكل التي كان سببا فيها، مثلا قرار المنع من الانتدابات، وما يترتب عنها من ديون، ويختار وجهة أخرى، أعتقد أنه على غرارا جامعة كرة القدم على غرار لقرار يقضي بأن كل رئيس غادر واستقال من فريقه لا حق له في المطالبة بأي دين، سيكون من الأفضل أن تصدر الجامعة قرارا يمنع مغادرة أي رئيس لمنصبه إلا بعد رفع المنع عن فريقه“.