إدريس جنداري: هل العقلية المغرببة أمازيغية؟!

إدريس جنداري: هل العقلية المغرببة أمازيغية؟! إدريس جنداري
هل هو أمر عاد أن يندفع رموز التزييف العرقجي في حالة مدّ حاد يمزغون الأخضر و اليابس بجرة قلم (رصاص) عابرة.. ويا للمفارقة، بلغة/ثقافة عربية خالصة ؟! أم إن الأمر مخطط له ضمن مشروع متكامل الأركان، يقوده المركز الفرنكفوني بباريس في شراكة مع المركز الصهيوني بتل أبيب؟
 
هذه أسئلة تراود كل باحث وطني نزيه، وهو يتابع ما يجري، باستغراب، في بلد قاومت مؤسسته الملكية وحركته الوطنية مشروع الظهير البربري، و ضحت بالغالي و النفيس من أجل إسقاطه، يتساوى في ذلك نفي الملك المجاهد محمد الخامس مع أسرته، بنفي رموز الحركة الوطنية علال الفاسي ومحمد بن عبد الكريم الخطابي، باستشهاد رموز المقاومة الوطنية موحا و حمو الزياني و علال بن عبد الله. 

هذا المشروع الموؤود على يد القوتين الوطنيتين، القوة الأولى في علاقة بالمؤسسة الملكية و القوة الثانية في علاقة بالحركة الوطنية، تتم استعادته، الآن،  على يد القوة الثالثة، بتعبير الجابري، من بقايا قياد الاستعمار الفرنسي و ممثليه في السياسة و الثقافة، و وكلائه في الاقتصاد. 

الخرجات المشبوهة لرموز التزييف الإيديولوجي الفرنكفوني والعرقجي، والتي يتم التنسيق بينها بشكل دقيق ومضبوط في الزمان والمكان، يؤكد أن الأمر أكثر من آراء شخصية يتم التعبير عنها في المنتديات الثقافية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، هذا التنسيق المضبوط يؤكد أن هناك مركز قيادة وتوجيه يصوغ المشروع ويوفر أدوات التنفيذ. 

ما معنى أن يُشغّل الضوء الأخضر بلا تغيير في وجه رموز التزييف العرقجي يمزغون الحجر والشجر، ويفترون بلا حدود، و يطعنون في الأنساب، و يسيؤون لأصول المغاربة التي تثبت الدراسات الجينية البيولوجية تعدديتهم، قبل أن تؤكدها الدراسات الأنثربو-سوسيو-تاريخية. 

جينات المغاربة ليست واحدة موحدة، وانتماؤهم الاجتماعي والثقافي، كذلك، ليس موحدا، بل الأمازيغ أنفسهم لا يشكلون وحدة جينية و لا سوسيو-ثقافية، لأنهم جماعات متعددة و مختلفة دخلت المغرب من الشمال والجنوب، كما يؤكد الأستاذ عبد الله العروي في كتابه "مجمل تاريخ المغرب" بعدما استقرأ الوثائق المادية المتوفرة. 

المجتمع المغربي مُركّب، بطبعه، Société Composite بتعبير السوسيولوجي الفرونك-مغربي بول باسكون P.Pascon، تمازجت مكوناته الجينية عبر التزاوج، على امتداد أكثر من اثني عشر قرنا، بله مكوناته السوسيو-ثقافية التي تمازج فيها العربي الإسلامي مع الإفريقي و المتوسطي. 

القول بأمازيغية العقلية المغربية (تصريح حسن أوريد) تزوير بواح لا يقول به عاقل بله النزيه الذي لا يحترف التزييف تحت أي ترهيب أو ترغيب كان. 

العقلية المغربية، من منظور تاريخي، تشكلت في مركز حضارة الغرب الإسلامي بعاصمتها المراكشية، بعدما تأسست على يد الأدارسة الشرفاء في العاصمة الفاسية، ومن منظور ابستملوجي تشكلت العقلية المغربية، تكوينا وبنية، من منظور برهاني رشدي، انعكس على التدين الإسلامي للمغاربة فولد المنهج المقاصدي (أطروحة الجابري/نقد العقل العربي).

الثقافة الأمازيغية مكون أساسي من مكونات الهوية المغربية، ولا ينكر هذا إلا مزيف إيديولوجي في الاتجاه المعاكس (أطروحة الخطيبي) لكن هذا لا يعني أن العقلية المغربية أمازيغية، لأن الأمازيغية لا تعدو أن تكون ثقافة شعبية شفهية لا تمتلك أي رصيد فكري أو علمي يمكنه أن يصوغ عقلية المغاربة. وعلى العكس من ذلك، تمتلك الثقافة العربية الإسلامية ما يكفي من الرصيد العلمي والثقافي القادر على صياغة عقلية المغاربة.

 لذلك، يجب الاعتراف، من منظور ابستملوجي علمي، بالطابع العربي- الإسلامي الأصيل للعقلية المغربية دون نفي التأثير  الأمازيغي، وذلك على شاكلة النموذج الفرنسي الذي لا ينفي التأثير الغالي Nos Ancêtres les Gaulois دون أن يتجرأ أي باحث فرنسي ليتفوه بكون العقلية الفرنسية غالية !.