رأيته وهو يتحدث عن مسار الأمازيغية في التعليم، وكيف يحتفل بوجبة من المائدة الأمازيغية...
كان الرجل منتشيًا وسط الأهازيج الأمازيغية...
كنت أتابعه بأسى، وأخشى عليه بعد سنة من الحجارة...
كنت أتابع قلقه، فشيء ما فيه يجعله في وضع غير مريح.
سأقول لأخنوش: الأمازيغية ليست مجرد وجبة أصيلة لم تعد تطالها الأسر الأمازيغية...
أتظن أن العسل وزيت الزيتون وزيت أركان وكل الوجبات التقليدية ما زالت على طاولة الأمازيغ والعرب وغيرهم من المغاربة في زمنك؟ الأمازيغية أكبر من حساء بالشعير والزعتر...
لأنها تل الزعتر حين نتيه عن رائحة الوطن...
الأمازيغية أكبر من لقمة خبز منتشية في عسل "حر"، لأنها هي وجه الحرية التي ضاقت في زمنك.
هي أكبر بكثير من عد زمني يؤرخ لانتصار زعيم على زعيم، فتاريخها يبدأ مع الأرض ومن الأرض وبالأرض...
وحيث السلام والسخاء والبهاء... والمطر والخصب والعشق والحرية... تنمو شجرة أمازيغية... لا يقتلها القهر... ولكن يقتلها الشوق لطبول أحواش ومواويل أحيدوس...
باشر عد الزمن الأمازيغي، في تاريخنا... أنى وجدت الكرامة مصانة...
والسنة الأمازيغية أكبر بكثير من احتفال بالزي والذوق والأهازيج...
هي احتفال بالحرية والكرامة والسلام والعدل والمساواة...
هي أكبر بكثير من صخب فكري ضد الآخر...
هي صديقة السماء قبل النماء...
هس السلام عليكم بلغة الأرض والسماء...
هي المسجد والمنارة... والحصير والمسيد والخيمة والنشيد...
تكلم بما شئت وكن حرا.. تكن أمازيغيا...
اختر قبلتك... وكن وفيا... صرت أمازيغيا..
عش معنا الرمضاء والرخاء... تقاسم معنا الموت والحياة.. شرط أساس لتكون أمازيغيا...
الأمازيغية عيش وقيم.. لا زي ولا غناء...
هي كل البهاء الذي يأتينا حين تضيق الحياة..
سل عنها الأمازيغيات اللواتي يلدن على الطريق...
سل عنها الأمازيغيات اللواتي يمتن على نعوش من أعمدة مخشبة بين فج وآخر بحثًا عن طيب...
سل عنها النساء اللواتي قهرهن القر والحر والعراء بين خرب الحوز في الخيام.
سل عنها طفولة أمازيغية ضائعة في الجبال، تحلم بحذاء يقيها الشوك. ظ
سل عنها الدواوير النائية التي تعيش العوز بكبرياء الأرض..
سل عنها كل واحات النخيل التي تموت واقفة حالمة...
سل عنها امرأة ماتت على بوابة مستشفى...
سل عنها شيخا لا يجد الدواء ولا العزاء ولا حطب الشتاء..
سل عنها فتيات كن صنع الألم والوجع والقهر في خرائط الجبل والمدشر والدواوير...
سل عنها نساء يرحلن في الغبش رحلة الماء...
سل عنها نساء يهجرن المنازل نحو الأندلس المفقودة من أجل العملة الصعبة في الأزمة الصعبة...
سل عنها المرضى والحوامل والعاطلين... كل المختفين في مغرب لا تعرفه. .
سل عنها مدارس متإكلة على حافة الجبل... تعلم الصبر والفرح المزيف ...
سل عنها طريقًا لا تصل أبدًا لباب يغلقه الشتاء...
سل عنها حظائر لا خوار فيها ولا ثغاء... وسطوح لم تعد يملؤها صياح ديك السعد..
سل عنها مصايف حزينة جدباء بلا أعراس ولا أحواش ولا أحيدوس...
سل عنها كتب الأولين من أمغار إلى أغرام إلى لمرابط...
سل عنها الموت الذي يحلق فوق سماء الأحرار... لمجرد لدغة عمري...
سل عنها موائد الفقراء... وهلوسات الأولياء وغربة النساء في خيام الشقاء
لا تسل عنهاةمن يبحث في الهوية وينسى العدالة؛ لأنه يطعم في مطاعم راقية في الرباط... وينسى أن الهوية مجرد تغطية للغنيمة ..
لا تصدق من يحييك بالأمازيغية ويفكر بلغة أعجمية... ويعيش زمنا عباسيا بامتياز... ويكره بني أمية...
لا تصدق الكتب والشعراء والمفكرين وهم يتحدثون عن الأول والأصل والنوع واللباس والإيقاع...
فأكثرهم أمازيغ الحالة المدنية لا الحالة الاجتماعية...
أمازيغ العبور لا الحبور
أمازيغ الخريطة لا الذخيرة...
أمازيغ الأصول لا الفصول...
أمازيغ الكراسات لا الحبر والمعاناة
تبدأ السنة الأمازيغية يا أخنوش... بعيدا عن قريتك الهوليودية...
تبدأ من أي مكان بالمغرب...
بالحرية والعدالة...
فحين تجد العدالة والحق طريقهما نحو المنافي، وحين لا تموت امرأة على خشبة وعصبي من الرجال يحملونها نحو المجهول..
وحين لا تجوع امرأة، ولا يضيع طفل، ولا يجف نبع الأمل..
تعال نحتفل بالسنة الأمازيغية بعيدًا عن صخب الوهم... وعن النظريات...
وحيث توجد الحرية والكرامة يوجد صف الأمازيغ....
والأمازيغ هم نحن حتى العرب، لأن الأمازيغية ليست مجرد عرق؛ فهي الحرية وكلنا أحرار دون أن نكون تجمعيين.