القنب الهندي.. مشاركون في يوم دراسي يثمنون قرار التقنين ويطالبون برد الاعتبار للمناطق المعنية بزراعته

القنب الهندي.. مشاركون في يوم دراسي يثمنون قرار التقنين ويطالبون برد الاعتبار للمناطق المعنية بزراعته اليوم الدراسي حول تقنين زراعة القنب الهندي، نظمه "منتدى كفاءات إقليم تاونات "

أجمع المشاركون في اليوم الدراسي حول تقنين زراعة القنب الهندي، نظمه "منتدى كفاءات إقليم تاونات " مؤخرا بمدينة تاونات؛ تخليدا للذكرى 69 لعيد الاستقلال، على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية الكبرى المتوخاة من الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وهو ما ينذر بتحولات إيجابية على مستوى تنمية المناطق المعنية، بفعل الأنشطة الزراعية والتحويلية المرتبطة بهذا النشاط، وما تتيحه المواد المستخلصة من هذه النبتة من إمكانيات كبيرة لتطوير قطاعات الصيدلة والبناء الإيكولوجي والنسيج وتنشيط القطاع السياحي.

 

وأكد المتدخلون في اليوم الدراسي، المنظم تحت شعار " أي مستقبل لزراعة وتحويل وتصدير القنب الهندي بالمغرب؟” والذي تزامن مع احتفالات الذكرى الثلاثين (30عام) لصدور جريدة “صدى تاونات”، أن تقنين زراعة القنب الهندي بإقليم تاونات على غرار إقليمي شفشاون والحسيمة، يفرض ضرورة إحداث وتسريع كافة المشاريع المرتبطة بتقوية البنية التحتية، خاصة بإقليم تاونات، عن طريق خلق وتشجيع أنشطة اقتصادية موازية، وخلق وحدات صناعية تحويلية، وتعزيز الشبكة الطرقية، لأجل زيادة جاذبية هذا الإقليم للاستثمار في قطاع القنب الهندي وقطاعات أخرى، إضافة إلى التسريع بإنشاء منطقة صناعية وتجارية، بما يضمن تحقيق استفادة اقتصادية متكاملة تسهم في محاربة البطالة بالمنطقة، ودعم الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل.

 

واعتبر الخبير الدولي في مجال النباتات الطبية والعطرية، البروفيسور المغربي محمد احماموشي، في مداخلته خلال هذا اللقاء، أن الاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي تطرح تحديات كبيرة على كل الشركاء في عملية إنتاج وتحويل وتصدير هذه النبتة، لأجل أن يكون المنتوج المحلي على درجة كبيرة من التنافسية والفعالية في السوق الدولية، مشيرا إلى أن البوادر الأولى لتقنين هذه الزراعة بالإقليم توحي بنتائج إيجابية من خلال إحداث تعاونيات منظمة للإنتاج، واختيار البذور الجيدة، واستعمال التقنيات الزراعية الملائمة.

 

وأشاد البروفيسور احماموشي المقيم بالديار الكندية بالتقدم الكبير الذي حققه المغرب في مجال تقنين القنب الموجه للاستعمال الطبي والصناعي، عبر سنِّ مجموعة من القوانين المنظمة، وإحداث وكالة متخصصة لمواكبة تقنين هذا النشاط الذي ظل محظورا إلى عهد قريب، وهو ما سيفتح آفاقا جديدة للصناعات الطبية والغذائية، وقطاعات البناء والتجميل، ذلك أن القانون 13-21 المتعلق بالاستخدام القانوني للقنب الهندي لأغراض طبية من شأنه تحفيز الاقتصاد وتشجيع البحوث الطبية والصناعية ، وخلق فرص حقيقية لتنمية الاستثمارات المتعلقة بهذا النشاط وتحسين الظروف المعيشية للسكان الذين يزاولون هذه الزراعة، وفتح الطريق أمام إمكانيات تنمية جديدة للمنطقة والبلاد عامة.

 

وفي مداخلة أخرى، استعرض الأستاذ زكرياء الغلماني، المحامي بهيأة الرباط، الوضعية الحالية لتقنين زراعة القنب الهندي بالمغرب والسيرورة التاريخية التي رافقت هذه الزراعة واستعمالاتها بالمغرب، وما رافق ذلك من سجال فقهي وقانوني ، بدءا بظهير04 ماي 1915 الذي يعتبر أول نص تشريعي اهتم بعملية تنظيم احتكار جلب الدخان والكيف، حيث سمح هذا الظهير بزراعة هذه النبتة وبيعها وتصنيعها واستيرادها داخل المغرب، ثم جاء ظهير 24 أبريل 1954 الذي أقر بمنع زراعة هذا المنتج بالمنطقة الاستعمارية الفرنسية... إلى أن تم إقرار القانون 21-13 بعد تصويت البرلمان المغربي في 26 ماي 2021 على إضفاء الشرعية على استخدام القنب الهندي، الذي تم بموجبه تقنين هذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية، وهو ما ساهم في ضبط الاستعمالات المشروعة لهذه النبتة، وإقرار مقتضيات تنظيمية ومعايير واضحة ودقيقة لإنتاجها وتحويلها وتصديرها، فضلا عن وضع نظام صارم للتتبع والمراقبة لمنع أي تحويل للقنب الهندي ومشتقاته إلى استعمالات غير مشروعة.

 

من جهته، تحدث الدكتور شكيب الخياري، منسق "الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي"، في مداخلة ثالثة خلال اليوم الدراسي، عن الرهانات المستقبلية لتقنين القنب الهندي بالمغرب، حيث أنه من شأن تثمين هذا المنتوج في استعمالاته القانونية أن يشكل طفرة تنموية بالأقاليم الثلاثة المعنية بإنتاجه، مشيرا إلى احتمال اتساع نطاق زراعته مستقبلا ليشمل مناطق أخرى، بالرغم من أن المساحة الحالية لإنتاجه لا تتعدى 37 ألف هكتار، وتشمل مناطق جبلية صعبة وغير خصبة من ناحية التربة وشح الموارد المائية.

 

ولفت المتدخل الانتباه إلى أهمية الاقتداء بتجارب عالمية في مجال الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي إلى جانب استعمالاته الطبية والصناعية، ما يقتضي بنظره سن قوانين تنظم هذا الاستعمال الترفيهي، وتحد من الآثار السلبية الناجمة عن الاستعمال العشوائي والمحظور على المستويين الصحي والاقتصادي، حيث أظهرت بعض التجارب، خصوصا في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأمريكا اللاتينية، أهمية تقنين الاستخدام الترفيهي لهذا المنتوج، من خلال قوانين صارمة تنظم استعمال القنب الهندي للأغراض الترفيهية، مثل الترخيص باستهلاك كميات محددة من الحشيش، أو زراعته منزليا في نطاق محدود، كما هو الحال في إيطاليا وهولندا والمكسيك ومالطا وفرنسا وأوروغواي وكندا...

 

وشدد المتدخل ذاته على أن الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي بالمغرب يعود إلى سنوات طويلة بالرغم من عدم مشروعيته، لافتا في هذا السياق إلى وجود توجه إيجابي حاليا ببلادنا لتقنين الاستعمال الترفيهي ل "الكيف"؛،منها ما ورد في التقرير الصادر سنة 2022 عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي دعا إلى التفكير في تضمين استراتيجية تقنين زراعة القنب الهندي، في المرحلة الموالية، الاستعمال الشخصي باعتماد قنوات توزيع خاصة وبكميات محددة وفي أماكن معينة، فضلا عن ما جاء في التقرير الصادر عن لجنة النموذج التنموي الجديد الذي لم يوص فقط بتقنين زراعة القنب الهندي، ولكن برفع التجريم عن استهلاك كميات محددة منه.

 

وأبرز الخياري أن تنظيم القنب الهندي لأغراض ترفيهية، فضلا عن مكاسبه الاجتماعية والسياحية، ودوره في تقليص حجم رواجه بالسوق السوداء، من شأنه أن يساعد على التقليل من الأضرار الصحية، في الوقت الذي تتعالى فيه الدعوات للمطالبة بإجراء المزيد من الأبحاث لتحديد تأثير تشريع الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي على الصحة العامة.

 

من جهته، أكد إدريس الوالي، رئيس “منتدى كفاءات إقليم تاونات”، أن تنظيم يوم دراسي حول مرامي وآفاق تقنين القنب الهندي بإقليم تاونات على غرار إقليمي الحسيمة وشفشاون، يشكل حدثا هاما في سياق نقاش عمومي محلي ووطني يتزامن مع بداية تنفيذ تقنين زراعة هذه النبتة وتصنيعها.

 

وفي هذا الصدد، أشار الوالي إلى أن "منتدى كفاءات تاونات" سبق له في شهر غشت الماضي أن ثمن العفو الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب عن المئات من المتابعين والمدانين والملاحقين بسبب زراعة القنب الهندي بإقليم تاونات، حيث شمل العفو الملكي 1341 شخصا، من مجموع 4831 شخصا على الصعيد الوطني.

 

وأوضح إدريس الوالي أن إقرار قانون يسمح بتقنين زراعة "الكيف" يندرج ضمن الاختيارات الاستراتيجية الهادفة لبناء مغرب جديد، يضمن كرامة الجميع تماشيا مع مقتضياته الدستورية، لتعزيز مسارات التنمية المستدامة، على رأسها تأهيل المناطق المعنية بزراعة القنب الهندي ومنها إقليم تاونات

وقد أصدر "منتدى كفاءات إقليم تاونات" في وقت سابق، بيانا عبر فيه عن امتنانه للالتفاتة الإنسانية في العفو عن المتابعين في قضايا زراعة القنب الهندي، حيث كان لها وقع طيب وإيجابي على ساكنة المنطقة بصفة عامة، والمستفيدين منها وكذا أسرهم وعائلاتهم بصفة خاصة، شأنهم شأن باقي المستفيدين من مختلف أقاليم الشمال المعنية، نظرا لما كانوا يعانونه جراء شكايات كيدية نتجت عنها أحكام قضائية ومتابعات كانوا موضوعا لها.

 

ووصف بيان المنتدى قرار العفو الملكي ب "الحكيم والشجاع، الذي رفع الظلم على فئة من ساكنة الأقاليم الشمالية، وأنصفها بعد معاناة طويلة من تداعيات هذه الزراعة التي كانت إلى وقت قريب ممنوعة"، مضيفا أن الرهان حاليا هو أن "تقوم هذه الفئة بالاشتغال في أنشطة قانونية مدرة للدخل، والانخراط في مسار زراعة القنب الهندي بشكل قانوني وفقا للتشريعات التي وضعتها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي منذ إحداثها قبل سنتين، من خلال تصنيع وتحويل وتصدير القنب الهندي واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية".

 

ودعا منتدى كفاءات تاونات في ختام هذا اليوم الدراسي إلى تبني التوصيات التالية:

- اتباع نظام ونهج مضبوط ومنظم للوصول إلى الأسواق العالمية، ضمان التنافسية والإنتاج المستدام؛

-ضرورة امتثال الشركات المغربية المتخصصة في زراعة وتحويل القنب الهندي مع المتطلبات التنظيمية والمعايير الدولية كمؤشر ضروري لنجاحها؛

-توجيه الوكالة الوطنية لتقنين القنب الهندي الشركات المختصة لاحترام التشريعات المغربية والقوانين المستهدفة للحصول على التراخيص؛

-ضمان الممارسة الحكيمة للزراعة و التجميع ضمانا لسلامة المنتوج وتتبعه بالاسواق  الخارجية ؛

-ضمان جودة المنتوج انطلاقا من نظم فعالة مع تتبع وتقييم جيد عن طريق اجراء تحاليل دورية للدفعات للتحقق من نسب الكانابينويد وخلوها من شوائب التلوث ؛

-استخدام الرقمنة المالية لتتبع المنتوج خلال سلسلة الإنتاج؛

-احترام الشركات للمعايير الاخلاقية والبيئية مع ضمان الشفافية في ظروف العمل وتقليل الأثر البيئي؛

-دعوة المشرع المغربي للتفكير في آلية لتخزين الفائض من المنتوج وتعويض المزارع عن الفائض المسجل.

 

كما أنه وعمليا يوصى بالآتي:

1.تعزيز القدرات الداخلية؛

2.تدريب المزارعين والفنيين على الممارسة الجيدة ومتطلبات السوق؛

3.ضمان التكوين والتدريب المستمر للفلاحين والمزارعين الصغار بالأقليم المعنية؛

4 .تشجيع الشركات للإستثمار بالأقاليم المعنية بالقنب الهندي؛

5.انشاء شركات مع خبراء دوليين لدعم عمليات الحصول على الشهادات؛

6.التعاون داخل مختبرات معتمدة لإجراء تحليل مراقبة الجودة؛

7.الاستثمار في البنية التحتية في المناطق المعنية بالقنب الهندي؛

8.خلق منشآت تحويل تتوافق مع المعايير  الدولية؛

9.اقتناء معدات حديثة لتحسين الكفاءة وضمان جودة المنتوج؛

10.ضمان الوصول إلى الأسواق الدولية؛

11.تحديد الأسواق ذات الأولوية اساسا الاتحاد الاوربي، أمريكا الشمالية واسيا؛

12.تطوير استراتيجية تسويقية لابراز تنافسية المنتجات المغربية؛

13.تعزيز دور الشركات المغربية ومكانتها الدولية.

 

وعرف هذا اليوم الدراسي حضور أكاديميين وخبراء وباحثين مختصين ومستثمرين ومزارعين في هذا المجال، أغنوا النقاش العام الذي ساد اللقاء بمجموعة من التجارب والأفكار التي انصبت حول التعريف بالاستعمالات الاقتصادية والطبية والصناعية لنبتة القنب الهندي، وبحث السبل الكفيلة للاستفادة منها، مع تغيير الصورة النمطية التي ظلت ملتصقة بهذه الزراعة، فضلا عن إبراز مجموعة من العوائق والتحديات التي تواجه المرحلة الأولى لتفعيل تقنين هذه الزراعة، وكذا الفرص المتاحة والرهانات المستقبلية لتطوير هذا النشاط؛ إن على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي... وإلى جانب المساهمات ذات الطابع العلمي، تم تعزيز مخرجات اليوم الدراسي بشهادات وتجارب ميدانية تمتح من واقع مزارعين ومنتجين ورؤساء تعاونيات.

 

وفي ختام اليوم الدراسي مباشرة، جرى تكريم بعض الشخصيات والفعاليات التي أسدت خدمات جليلة للإقليم وللوطن في مجالات عديدة؛ منهم الأستاذة سلوى الكوبيطي (فاعلة حقوقية وإطار سام بوزارة التربية الوطنية، تنحدر من الإقليم) والسيد عبد الله اعميمي (مسؤول سام سابق؛ينحدر من الإقليم) والدكتور أحمد مفدي (أستاذ جامعي وبرلماني سابق وشاعر ينحدر من الإقليم)والدكتور نورالدين بلحداد (أستاذ جامعي وخبير في شؤون الصحراء المغربية؛ ينحدر من الرباط) والصحافي والناشر حسن أعراب (مدير موقع “حدث كوم”؛ينحدر من الحسيمة).

 وبهذه المناسبة خصص “منتدى كفاءات إقليم تاونات” جائزة مالية لأحسن تغطية صحفية لتلاميذ مستوى الباكالوريا بإقليم تاونات لهذا اليوم الدراسي حول تقنين القنب الهندي تحت إشراف لجنة مختصة على رأسها عبد السلام الزروالي الحايكي (مندوب جهوي سابق لوزارة الإتصال بجهة فاس وجهة العيون) والإعلامي محمد الزوهري (أستاذ جامعي للإتصال بفاس) والإعلامية مريم المغاري (صحافية بالإذاعة الجهوية بفاس) والإعلامي حميد الأبيض (صحافي بجريدة “الصباح” بفاس).