زين العابدين الوالي: الجزائر تغرق فـي عزلة سياسية.. كيف انتصر المغرب دبلوماسيًا فـي 2024؟ 

زين العابدين الوالي: الجزائر تغرق فـي عزلة سياسية.. كيف انتصر المغرب دبلوماسيًا فـي 2024؟  زين العابدين الوالي، رئيس المنتدى الأفريقي للأبحاث والدراسات في حقوق الإنسان
شهد‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬تحولات‭ ‬سياسية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬أبرزها‭ ‬الفشل‭ ‬الواضح‭ ‬الذي‭ ‬مُنيت‭ ‬به‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬محاولاتها‭ ‬لعرقلة‭ ‬صعود‭ ‬المغرب‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانته‭ ‬كقوة‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭. ‬فقد‭ ‬عمل‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬عدائية‭ ‬تجاه‭ ‬المغرب،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬أوراقًا‭ ‬عديدة‭ ‬لتقويض‭ ‬مكانة‭ ‬المملكة‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬تآكل‭ ‬هذه‭ ‬الأوراق‭ ‬وعن‭ ‬العزلة‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬الجزائر‭ ‬نتيجة‭ ‬سياساتها‭ ‬غير‭ ‬المتزنة‭ ‬ورهاناتها‭ ‬الخاطئة‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬استطاع‭ ‬المغرب‭ ‬تحقيق‭ ‬انتصارات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬متتالية،‭ ‬تؤكد‭ ‬فعالية‭ ‬نهجه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬والتعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭.‬

أحد‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬فشل‭ ‬الجزائر‭ ‬كان‭ ‬سعيها‭ ‬المستمر‭ ‬لتأليب‭ ‬دول‭ ‬رئيسية‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬مصر،‭ ‬حيث‭ ‬حاولت‭ ‬الجزائر‭ ‬استغلال‭ ‬قنوات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وإعلامية‭ ‬لتصوير‭ ‬المغرب‭ ‬كخصم‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مركزة‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬الصّحراء‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬باستمرار‭ ‬لتدويلها‭ ‬واستغلالها‭ ‬كورقة‭ ‬ضغط‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مصر،‭ ‬بفضل‭ ‬علاقاتها‭ ‬القوية‭ ‬والمتينة‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬بل‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭. ‬لذلك،‭ ‬كانت‭ ‬القاهرة‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬المتوازن،‭ ‬مما‭ ‬شكّل‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬كبيرة‭ ‬للجزائر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تأمل‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬شرخ‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬المصرية‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬المحاولات‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬أقدمت‭ ‬عليها‭ ‬الجزائر‭ ‬لتأليب‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬كانت‭ ‬محاولة‭ ‬تسريب‭ ‬وثيقة‭ ‬مزورة‭ ‬تتعلق‭ ‬بموقف‭ ‬مزعوم‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭. ‬فالنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬سعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الوثيقة‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬انقسام‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬والقاهرة‭ ‬عبر‭ ‬الترويج‭ ‬لإشاعات‭ ‬عن‭ ‬تدخلات‭ ‬مغربية‭ ‬ضد‭ ‬المصالح‭ ‬المصرية‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المناورة‭ ‬افتُضحت‭ ‬بسرعة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبين‭ ‬زيف‭ ‬الوثيقة‭ ‬ومصدرها‭ ‬المشبوه‭. ‬هذه‭ ‬المحاولة،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سوى‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬خطوات‭ ‬يائسة،‭ ‬أثبتت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أساليب‭ ‬غير‭ ‬أخلاقية‭ ‬وغير‭ ‬مدروسة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬السياسية‭.‬‮ ‬

على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬تعامل‭ ‬المغرب‭ ‬ومصر‭ ‬بحكمة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬الدولتان‭ ‬انسجامًا‭ ‬وتنسيقًا‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات،‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬متانة‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬والتعاون‭ ‬المستمر‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬والقاهرة،‭ ‬الذي‭ ‬تميز‭ ‬بتنسيق‭ ‬اقتصادي‭ ‬وثقافي‭ ‬وأمني،‭ ‬وتأكد‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتأثر‭ ‬بمحاولات‭ ‬التحريض‭ ‬الخارجية،‭ ‬وأن‭ ‬الشراكة‭ ‬المغربية-المصرية‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬تتجاوز‭ ‬المناورات‭ ‬الضيقة‭ ‬والأجندات‭ ‬العدائية‭.‬

في‭ ‬موريتانيا،‭ ‬تكبدت‭ ‬الجزائر‭ ‬أيضًا‭ ‬خسارة‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬احتواء‭ ‬موريتانيا‭ ‬واستمالتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المساعدات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والضغط‭ ‬السياسي،‭ ‬والرباط‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬نواكشوط‭ ‬عبر‭ ‬مبادرات‭ ‬تنموية‭ ‬مستدامة‭ ‬ومشاريع‭ ‬اقتصادية‭ ‬ذات‭ ‬أثر‭ ‬ملموس‭. ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الموريتاني‭ ‬محمد‭ ‬ولد‭ ‬الشيخ‭ ‬الغزواني‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬ولقاؤه‭ ‬بالملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عكست‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬موريتانيا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬كشريك‭ ‬موثوق‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬أجندات‭ ‬ضيقة‭ ‬تسعى‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬فرضها‭.‬

وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬أوسع،‭ ‬استمرت‭ ‬حالة‭ ‬الجمود‭ ‬في‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬مشاريع‭ ‬التكامل‭ ‬الإقليمي‭ ‬بسبب‭ ‬السياسات‭ ‬الجزائرية‭. ‬فرغم‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقّقها‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد،‭ ‬أصرّ‭ ‬النّظام‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬عرقلة‭ ‬أي‭ ‬مبادرات‭ ‬للتقارب،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬المغرب‭. ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬استطاعت‭ ‬المملكة‭ ‬أن‭ ‬تعوض‭ ‬هذا‭ ‬الغياب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬عبر‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬النيجيري-المغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يُعدّ‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭. ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬التعاون‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي،‭ ‬وأن‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬للتنمية‭ ‬والتكامل‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬الضيقة‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬تلقى‭ ‬المحور‭ ‬الجزائري-الإيراني‭ ‬ضربة‭ ‬موجعة‭ ‬بسقوط‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الحلفاء‭ ‬الأساسيين‭ ‬للجزائر‭ ‬وإيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يشكل‭ ‬جسرًا‭ ‬للتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬فقدت‭ ‬الجزائر‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أدواتها‭ ‬للتأثير‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬استثمر‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬التي‭ ‬اعتبرت‭ ‬المملكة‭ ‬شريكًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬بفضل‭ ‬سياساتها‭ ‬المعتدلة‭ ‬ومبادراتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الواعدة‭.‬

في‭ ‬أوروبا،‭ ‬تراجعت‭ ‬مكانة‭ ‬الجزائر‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬بسبب‭ ‬سياساتها‭ ‬العدائية‭ ‬وابتزازها‭ ‬لدول‭ ‬القارة‭ ‬عبر‭ ‬ملف‭ ‬الغاز‭. ‬فالعلاقات‭ ‬مع‭ ‬باريس‭ ‬ومدريد‭ ‬شهدت‭ ‬توترات‭ ‬كبيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬هذه‭ ‬السياسات،‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬الجزائر‭ ‬كطرف‭ ‬غير‭ ‬موثوق‭ ‬به‭. ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬عزز‭ ‬المغرب‭ ‬مكانته‭ ‬كحليف‭ ‬استراتيجي‭ ‬موثوق‭ ‬عبر‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حضوره‭ ‬وتأثيره‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأوروبية‭.‬

هذا‭ ‬التوجّه‭ ‬الإيجابي‭ ‬تُوّج‭ ‬بخطوة‭ ‬محورية‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬الفرنسي‭ ‬بمغربية‭ ‬الصّحراء،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬تاريخية‭ ‬أكدت‭ ‬دعم‭ ‬فرنسا‭ ‬للوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة،‭ ‬وألحقت‭ ‬هزيمة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬قاسية‭ ‬بالجزائر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬تقويض‭ ‬الموقف‭ ‬الفرنسي‭. ‬في‭ ‬صفعة‭ ‬جديدة‭ ‬للجزائر‭ ‬ولوبياتها‭ ‬اليسارية‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬أعلن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬رسميًا‭ ‬عن‭ ‬تخليه‭ ‬عن‭ ‬“المجموعة‭ ‬البرلمانية‭ ‬المشتركة‭ ‬الصّحراء‭ ‬الغربية”،‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬نكسة‭ ‬كبيرة‭ ‬للجهود‭ ‬الجزائرية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬للترويج‭ ‬لأجندة‭ ‬تقسيم‭ ‬المغرب‭. ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬يعكس‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬رفض‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الـ‭ ‬27‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لأي‭ ‬محاولات‭ ‬لزعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬المساس‭ ‬بوحدة‭ ‬المغرب‭ ‬الترابية‭.‬

القرار‭ ‬يأتي‭ ‬كإشارة‭ ‬قوية‭ ‬لدعم‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬واسع‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬النجاحات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المتتالية‭ ‬للمملكة،‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تعزيز‭ ‬شراكاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭. ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬البرلمانية‭ ‬يؤكد‭ ‬أيضًا‭ ‬تزايد‭ ‬القناعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬بعدم‭ ‬جدوى‭ ‬دعم‭ ‬الأطروحات‭ ‬الانفصالية‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬مقابل‭ ‬تأييد‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربية‭ ‬كحل‭ ‬عملي‭ ‬وواقعي‭ ‬للنزاع‭.‬
‮ ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬القرار‭ ‬يمثل‭ ‬انتصارًا‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬الأجندات‭ ‬المضللة‭ ‬للوبيات‭ ‬الجزائر‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والتي‭ ‬لطالما‭ ‬استغلت‭ ‬الشعارات‭ ‬اليسارية‭ ‬والحقوقية‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬المواقف‭ ‬الأوروبية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬ظهر‭ ‬الموقف‭ ‬الأوروبي‭ ‬أكثر‭ ‬انسجامًا‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬بمنطقة‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬موقع‭ ‬المملكة‭ ‬كشريك‭ ‬موثوق‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة‭.

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬شريكًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬بفضل‭ ‬دبلوماسيته‭ ‬المتزنة‭ ‬ونهجه‭ ‬التنموي‭ ‬الذي‭ ‬يراعي‭ ‬مصالح‭ ‬شركائه‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬عزلة‭ ‬متزايدة‭ ‬للجزائر‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬مواكبة‭ ‬التحولات‭ ‬الدولية‭ ‬وأظهرت‭ ‬افتقارًا‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬دبلوماسية‭ ‬فعالة‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬الجزائر‭ ‬انهيارًا‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬لنفوذها‭. ‬فبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬عانت‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬نتيجة‭ ‬سياساتها‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬رؤية‭ ‬تنموية‭ ‬حقيقية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تمكن‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬لاعبًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بفضل‭ ‬استثماراته‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مثل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬التعليم،‭ ‬والصحة‭. ‬المراكز‭ ‬التعليمية‭ ‬والمستشفيات‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬السنغال‭ ‬وكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬باتت‭ ‬نموذجًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬به،‭ ‬مما‭ ‬عزز‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬كقوة‭ ‬ناعمة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتنمية‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الجزائرية‭ ‬تعكس‭ ‬عزلة‭ ‬متزايدة‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬عاجزًا‭ ‬عن‭ ‬مجاراة‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭. ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المواجهة‭ ‬وخلق‭ ‬الأزمات‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬رؤية‭ ‬المغرب،‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬والشراكات‭ ‬البناءة‭. ‬المغرب،‭ ‬بقيادة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السّادس،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬معتمدًا‭ ‬على‭ ‬دبلوماسية‭ ‬حكيمة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستدامة‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬شكّل‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية-الجزائرية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يمضي‭ ‬قدمًا‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحاته‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬بينما‭ ‬تعاني‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬التّراجع‭ ‬المستمرّ‭ ‬نتيجة‭ ‬سياساتها‭ ‬العقيمة‭. ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬أكّدت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬النّجاح‭ ‬لا‭ ‬يُبنى‭ ‬على‭ ‬الأزمات،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الجسور‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬نموذجًا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنطقة.