في قراءة للوضع في الصّحراء، هناك تنوع عرقي، ولدينا دراية كبيرة بالمحيط الإقليمي. جلنا (الموريتانيون) تجار في إفريقيا في الطوغو والنيجر ومالي وبوركينافاسو حتى إلى أنغولا وجنوب إفريقيا، تمتد من الجيل الأول، وهذا ينبغي أن يتماشى وطموحات التّجار المغاربة والتّجار الموريتانيين، والشّعبين المغربي والموريتاني، الذين لهم مكانة كبيرة وكبيرة جدّا وكانوا وما يزالون محطّ تقدير واحترام. اليوم وغدا يجب أن تزول كلّ الحواجز التي تؤثر. وفي هذا السياق تندرج زيارة ولد الغزواني إلى المغرب للقاء الملك محمّد السّادس.
كثير منا، نحن الموريتانيين، من أصول وجاليات مغربية، وهذا نموذج لتلاحم الشعب في صحرائه وفي مراكش وابن جرير وتارودانت تمتد من صنهاجة والمرابطين إلى الدولة العلوية اليوم. نحن الموريتانيين نراهن على اتفاقيات استراتيجية بين البلدين الشقيقين من قبيل استمرارية طريق تيزنيت الداخلة حتى نواكشوط، والسكك الحديدية من مراكش وأكادير إلى دكار عبر نواكشوط، ممّا سيفتح آفاقا اقتصادية كبيرة. كما نراهن على اتفاقيات استراتيجية أمنية بين الرباط ونواكشوط، خاصة وأن تجارب المغرب الأمنية مشهود بها دوليا، حتى نؤمّن حدودنا التي تمتد لنحو 2000 كيلومتر، للاستفادة من خبرات المغرب، لأنه لدينا الخوف الآتي من الصحراء الكبرى على مستوى الإجرام والتنظيمات الإرهابية، والحكومة الموريتانية تدرك هاته الخطورة والمخاطر.
نحن من المجموعات السياسية، التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي المعقولة، ودعمنا هذا المشروع المغربي في المغرب وفي موريتانيا، وشرحنا المقترح المغربي، وهو مهم لحل مشكلة الصحراء. للأسف الشّديد بعض الموريتانيين والبوليساريو لا يفهمون ما يحصل، والبوليساريو يخافون من ذلك، والمقترح المغربي لم يطّلع عليه الكثير من الناس، وهو مقترح معقول وسياسي ومنطقي. وهو ما سيخلق ضغطا كبيرا على البوليساريو.
فالجزائر لها أطماع سياسية وتواجد البوليساريو هو مجرد وسيلة حتى تتنفّس الجزائر على المحيط الأطلسي، وبالتالي اتخذت هذه الأخيرة من جبهة البوليساريو أداة ووسيلة ضغط، وهذا غير طيّب. وهو ما ترتب عنه من تداعيات في الصّحراء، إن حل مشكلة الصّحراء يبدأ في موريتانيا وينتهي في موريتانيا.
هناك من يستغلّ قضية الصّحراء ليستفيد. فحلّ مشكلة الصّحراء لم يعد في صالح البعض، حيث تدعم ماديا في المخيمات، ويستفيد من الخيرات. وهذا خطير جدّا، حيث ينشط التهريب. وهذا يحتاج إلى نقاش مفتوح حتى تصير الأمور واضحة.
على المجتمع المدني أن يلعب دورا كبيرا في مشكلة الصّحراء للخروج بقرارات في صالح المنطقة، علما أن الحكم الذاتي هو في صالح الدولة المغربية. فحدود المغرب على مدى التّاريخ تمتدّ إلى تومبوكتو، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ولا تتغير، وإمارة المومنين تدخل في الطريقة التيجانية. وبالتالي يجب أن يكون للدولة المغربية حضور في الشرق الموريتاني للوصول إلى تومبوكتو، فالشيخ ماء العينين له امتدادات حتى موريتانيا وما يزال.
أمنيتنا، نحن الموريتانيين والمغاربة، دولتين وشعبين، أن يكون هناك اندماج بين البلدين ببعد استراتيجي لنؤمن استمرار واستقرار الدول في منطقة الساحل، لأنه تربطنا علاقات تاريخية وعرقية ودينية كبيرة ومميزة، ونحن نتطلع للاستفادة من الخبرات التجارية والأمنية والاقتصادية الاستراتيجية المغربية في موريتانيا.