أريري: "أفضوز" بالماعز.. رمز الضيافة لدى قبائل أيت حديدو بإملشيل

أريري: "أفضوز" بالماعز.. رمز الضيافة لدى قبائل أيت حديدو بإملشيل الزميل عبد الرحيم أريري يتناول "أفضوز"
حين تكون على ارتفاع يفوق 2200 متر عن سطح البحر، وفي موقع يتميز بجو صقيعي تقترب فيه درجة الحرارة من الصفر، فإن أحسن ما يمكن أن يقدمه لك سكان قبائل أيت حديدو بجبال الأطلس الشرقي كوجبة غذائية، هي أكلة «أفضوز" ( البعض ينطقها "أفدوز").
 
اليوم الأحد 22 دجنبر 2024، كنت محظوظا باستضافتي من طرف سي حمو ببلدة إملشيل، الذي قدم لي وجبة "أفضوز"، وهو في أزهى مراتب الفرح، على اعتبار أن هاته الأكلة تعد من الرأسمال اللامادي المهدد بالانقراض، ليس فقط لدى قبائل أيت حديدو، بل لدى عموم اتحادية أيت إيفلمان التي تضم القبائل التالية: أيت حديدو، أيت مرغاد، أيت ازدك وأيت يحيى.
 
أكلة "أفضوز" تحضر بالخصوص في فترة البرد القارس التي تمتد من مطلع دجنبر إلى مطلع مارس تقريبا، لكي يتسلح الجسم بما يكفي من السعرات الحرارية الكافية. وهي عبارة عن أكلة الكسكس يكون وجوبا من الشعير ويطهى مع اللفت الأبيض البلدي فقط والسمن البلدي القديم( حايل)،المحفظ منذ أربع سنوات أو اكثر. لكن بحكم الاختلاط وتثاقف العادات والطقوس بين مكونات المجتمع المغربي، أضحت قبائل الأطلس الشرقي تضيف الى "كسكس أفضوز"، خضر أخرى مثل: "الكرعة الدكالية" و"الكرعة الطويلة" و"الكرعة لمكركبة" والجزر والفلف الحار، وباقي الخضر.
سي حمو ، الذي ينتمي لأيت يعزة( وهي مكون قبلي فرعي تابع لأيت حديدو، هاته الأخيرة التي تضم مكونا قبليا فرعيا آخر يسمى أيت إبراهيم)، حرص على أن يستضيفني بوجبة كسكس "أفضوز" محضر مع "كتف الماعز" ، حتى تكون "النسمة" واللذة مكتملة وتكون الوجبة سببا "ليأكل المرء أصابع يديه"!
 
قبائل الأطلس الشرقي، لم تعتمد على مر التاريخ، على أكلة "أفضوز" لوحدها لمواجهة قساوة صقيع أشهر الخريف والشتاء، بل اشتهرت بأكلة أخرى تسمى "أحرير"، وهي عبارة عن وجبة تهيء من القمح الأبيض المكسر الذي يخلط بدوره مع السمن الحار ويترك يغلي في الماء، تم يؤكل مثل "بركوكش".
 
وتوجد أكلة أخرى مشهورة لدى هاته القبائل، تؤكل بدورها في فترة البرد، تعتمد على طهي البطاطا في طاجين مع الشحمة المخزنة منذ مدة.

أما في الفطور فالأنسب هو تناول الشاي والخبز مع السمن البلدي "المعتق" الذي يعود تخزينه إلى أربع أو خمس سنوات خلت، لتزويد الجسم بسعرات حراية تسمح له بتحمل قساوة البرد.
 
وبهاته الوجبات الغذائية أمكن لسكان أعالي جبال الأطلس الشرقي مقاومة الطبيعة القاسية ومواجهة البرد القارس، بمهاراتهم وطقوسهم المتوارثة عبر الأجيال، وهي الطقوس التي أضحى عدد من الفاعلين، ليس بإملشيل وبوزمو وتلمي والريش وغيرها بل بالمغرب ككل، يتخوفون اليوم من زوالها وانقراضها، ما لم تتبنى الأجهزة العمومية المختصة( وطنيا ومحليا)، مسؤولية حماية هذا الموروث الثقافي، الذي يعد من أثمن ما ورثناه عن أجدادنا كرأسمال لامادي.