توصلت جريدة "أنفاس بريس" بهذا المقال الهام جدا، حيث يرى الأستاذ محمد وفقي بأن المغرب بمعية إسبانيا والبرتغال مقبلون على تنظيم كأس العالم 2030، حيث يعتبر السانحة التاريخية هي مناسبة و"فرصة لتحول تنموي نوعي وكبير وتاريخي بالنسبة للمغرب"، وشدد أيضا على أن الفرصة هي "حدث تاريخي" لأنه يتميز بـ "فرادته "، على اعتبار أن المغرب لم "يشهده من قبل، وقد لا يتكرر في الأمد المنظور".
وأكد محمد وفقي الأستاذ الباحث في تاريخ منطقة الوليدية على أن الحدث تاريخي لأنه "عظيم" لأن "ما بعده لن يكون مثل ما قبله". ليس فقط على مستوي "بنية المرافق الرياضية، بل أيضا على مستوى البنية الطرقية والسياحية والثقافية والجمالية، بل حتى على مستوى الذهنية البشرية".
في هذا السياق اعتبر محمد وفقي أن الاستفادة من هذه الفرصة التنموية تستدعي إعدادا واستعدادا كبيرين، ومن هذا المنطلق أدلى بهذا التصور الذي يخص بالأساس مدينة الوليدية، حول الإعداد والاستعداد للاستفادة من الطفرة التنموية التي سيتيحها تنظيم كاس العالم 2030، وكيف يمكن أن تستفيد مدينة الوليدية جوهرة دكالة من هذا التنظيم "الفرصة التاريخية"؟
قد يكون من باب الإطالة في السرد وتكراره، تبيان واقع مدينة الوليدية الراهن الذي هو واقع سياحي بامتياز، بشاطئها المتميز وبحيرته الرائعة ورماله الجميلة، إلى جانب الفنادق والمطاعم المصنفة والإقامات المتوفرة بكفاية. وينضاف إلى كل هذا، زخم وكنوز المعطيات التاريخية والإمكانات الثقافية والبيئية الكامنة، وبالتالي فإن السؤال الذي لابد من طرحة هو: ماذا ينقصنا ليكون الإعداد والاستعداد كاملا تاما يستجيب لدفتر تحملات الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي يتيحها تنظيم كاس العالم؟
على مستوى الأهداف:
الإستفادة من إيواء فرق رياضية: هذا هدف يتطلب أولا وقبل كل شيء ليس فقط فنادق والإقامات السكينة من أجل الإيواء وهي متوافرة، بل وهذا هو الأساسي بنية تحتية رياضية تستوفي شروط الفيفا.
الإستفادة من إيواء الجماهير أو على الأقل زيارتها للوليدية: إذا كان من الصعب إيواء فرق كرة القدم، أو فريق رياضي، فإن الإستفادة من إيواء أو على الأقل زيارات جماهير كروية هو المأمول والمنشود من خلق نشاط سياحي تستفيد منه جوهرة دكالة مدينة الوليدية. ومن هذه الجماهير الكروية نذكر بالخصوص الجمهور الهولندي والفرنسي أيضا، نظرا للارتباط التاريخي بين هولاندا وفرنسا بمدينة الوليدية الساحلية. فما هي الإجراءات العملية والميدانية لتحقيق هذه الأهداف، أي ما العمل بدء من الآن؟
1-تعزيز البنية التحتية الرياضية:
لا يتعلق الأمر بدعوة إلى إحداث ملعب رياضي كبير، بل فقط توفير فضاءات رياضية للتداريب والتربصات، وقد يكون تأهيل ملعب الوليدية وفق دفتر تحملات الفيفا وإحداث المركب الرياضي، ثم تفعيل ملاعب القرب الموعودة من أهم المتطلبات.
2 - توفير النقل وضمان التنقل الجيد والآمن:
توفير وسائل النقل داخل المدينة، وهذا يتطلب فسح المجال أمام المستثمرين للحصول على رخص النقل الآمن بمختلف انواعه، فضلا عن تجويد الطرق ليس فقط داخل المدينة بل أيضا ـ وهو المطلوب بحدة ـ تلك الطرق الرابطة بين مدينتي الجديدة والوليدية، وإذ نثمن ونشيد بالعمل الدؤوب الذي تقوم به جهة مراكش أسفي على مستوى تأهيل الطريق الساحلي الرابط بين أسفي والوليدية، وكذا الطريق الرابط بين مراكش وأسفي، فإن على جهة الدار البيضاء سطات أن تقوم بنفس المبادرة من أجل إصلاح الطريق الرابطة بين مدينتي الجديدة والوليدية.
3 - الإهتمام بالبنية التحتية العامة:
ونخص هنا بالذر، تأهيل مركب الشمس والكورنيش المطل على البحيرة، إلى جانب تأهيل السوق الأسبوعي، فضلا عن ضرورة ترصيف أزقة الأحياء السكنية مثل حي النهضة، جون نسيان أهمية تحديث شبكات المياه والكهرباء لضمان خدمات جيدة، ولا التفريط في تجويد وتحسين خدمات البيئة والنظافة.
4 ـ الخدمات الطبية والعلاجية:
ويتعلق الأمر بإحداث مستشفى يمكّن من تقديم الخدمات الطبية اللازمة والتي تقتضيها مثل هذه المناسبات الكبيرة مع توفير سيارات إسعاف وفرقة طوارئ.
5 ـ الأمن والسلامة :
لابد من إحداث مركز للشرطة لتوفير الأمن والسلامة الطرقية وتزويده بالعدد اللازم كما ونوعا ـ الشرطة السياحية ـ لخدمة الضيوف والزوار وحماية مختلف المرافق.
6 ـ السياحة والثقافة :
من المعلوم أن مدينة الوليدية مصنفة كمركز سياحي بشواطئها الرملية وبحيرتها وفنادقها ومطاعمها وفواكه البحر خاصة المحار، لذلك من اللازم العمل على ما يلي:
ـ تثبيت نصف ماراثون السباحة كنشاط رياضي يجعل من أهدافه التحسيس بأهمية البحيرة والسبخة كأماكن رطبة محمية باتفاقية رامسار.
ـ الإسراع بتاهيل قصبة الوليدية كمعلمة تراثية تاريخية وتعزيزها بمرافق اجتماعية وثقافية وبيئية تشكل بنية تحية لمختلف الأنشطة الثقافية التي يمكن برمجتها من قبيل قاعة للعروض والندوات ومقهى أدبي، ومتحف تريخي (متحف دكالة ...)
ـ تأهيل مختلف المواقع الأثرية بالوليدية: نذكر منها مثلا - مغارة تاكوت - خلوة مولاي عبد السلام - تادناست...
ـ العمل على خلق نواة للأنشطة الثقافية والسياحية والترفيهية التي يمكن برمجتها خلال أيام المونديال لفائدة الزوار والضيوف، ومن تمة خلق إشعاع سياحي لفائدة الوليدية كوجهة مفضلة لقضاء العطلة الصيفية وغيرها من الأوقات خلال السنة.
7 ـ تعزيز البنية الرقمية والتواصل:
ـ توفير شبكة انترنيت عامة عالية السرعة والصبيب داخل المدينة، والعمل على ضرورة الاستفادة من الجيل الخامس G5
ـ التحسيس بأهمية تطوير منصات ومواقع على الانترنيت وتطبيقات خاصة تعرف بجوهرة دكالاة مدينة الوليدية وتاريخها ومواقعها الأثرية من أجل استقطاب السياح.
8 - البيئة والاستدامة البيئية :
ـ تبني الاستدامة البيئية في كل مشروع بنية تحتية يتم إنجازه، مما يستدعي وضع خطة إجراءات عملية لسياسة بيئية بالمدينة سواء على مستوى تدبير النفايات أو معالجة المياه العادمة.
ـ الحفاظ على الأماكن الرطبة ـ خاصة بحيرة شاطئ الوليدية ـ وحمايتها من الترمل، فضلا عن ضرورة رد الاعتبار للسبخة باعتبارها موروثا بيئيا ومكانا رطبا محميا باتفاقية رامسار.
9 ـ تحسيس الساكنة وتوعيتها:
الحرص على تطوير كفاءات المجتمع المدني عبر تكوين أطره للقيام بحملات تحسيسية لفائدة الساكنة وتوعيتهم، واعداد الجمعيات ذات الصلة لما تقتضيه الاستفادة من تنظيم كأس العالم.
10 - الشركاء المعنيون بإنجاز:
قد لا تتطلب مدة إنجاز هذا المشروع أربع سنوات فقط، على اعتبار أن جميع الجهات المعنية من قبيل الجامعة الملكية لكرة القدم، ووزارة الداخلية، وجهة الدار البيضاء - سطات، والمجلس الجهوي والاقليمي والجماعي والمجتمع المدني والفاعلون الاقتصاديون والمنعشون السياحيون من أمثال أرباب الفنادق والاقامات السكنية.
على سبيل الختم: هذه مجرد اقتراح ليس إلا، لرؤية تنموية مستدامة نتمنى أن تلقى قبولا ولو من باب التعبير عن عدم جدواها واعتبارها لغوا، والأمل كل الأمل في تدخل والي جهة الدار البيضاء سطات في تبني المشروع، حيث نغتنم المناسبة لنتقدم إليه بالشكر الجزيل والتقدير على تبنيه لمشروع تأهيل قصبة الوليدية.