مؤتمر المستقبل.. ولد الرشيد يبرز أهمية المبادرات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي أطلقها المغرب في علاقته بدول إفريقيا جنوب الصحراء

مؤتمر المستقبل.. ولد الرشيد يبرز أهمية المبادرات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي أطلقها المغرب في علاقته بدول إفريقيا جنوب الصحراء محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين
أكد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين على أن الفكرة التي يجتمع حولها اليوم المشاركون في فعاليات مؤتمر المستقبل الذي يحتضنه المغرب اليوم الثلاثاء 17 دجنبر 2024، تتعلق بكون المصير الإنساني مشترك، وأن التحديات التي تواجه الوجود الإنساني اليوم أضحت تتخطى الحدود التقليدية، تحديات عابرة لحدود الجغرافيا وللخصوصيات المحلية والثقافية، تحديات لا يمكن اختزالها في مجرد قضايا تقنية تحل بمعادلات رياضية أو سياسات قطاعية، بل هي قضايا وجودية تمس جوهر الإنسانية ووجودها، على اعتبار أن التغير المناخي، على سبيل المثال، هو نتيجة للاختلال في علاقة الإنسان بالطبيعة، وهو تحدي يضعنا أمام مخاطر كبرى.

وأضاف ولد الرشيد في كلمة افتتاحية له، أن المغرب يعي حجم هذه المخاطر، من خلال حرصه على تبني توجه استباقي قائم على  استراتيجيات تنموية، لتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان السيادة الطاقية، وتسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر، لا سيما على مستوى الاستثمار في الطاقات المتجددة، وفق أهداف "الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050"، التي قدَّمها المغرب للأمم المتحدة في نهاية عام 2021.

وزاد قائلا:"لا يقتصر الالتزام على قضية المناخ فحسب، بل يمتد ليشمل الأمن الغذائي، خصوصا في ظل الاكراهات والتغيرات المناخية والنزاعات الإقليمية، و بلادنا لعبت وتلعب دورا رياديا بقيادة الملك محمد السادس، في إطلاق ودعم عدد من المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى تطوير الشراكات بين عدد من مناطق ودول العالم، وخصوصا المنطقة العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية والكارييب، وعلى رأسها المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة "Triple A» التي أطلقها الملك بمناسبة قمة المناخ "كوب 22".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن احتضان برلمان المملكة المغربية، النسخة الحالية من "مؤتمر المستقبل"، باعتبارها أول دورة تنعقد خارج جمهورية الشيلي وأمريكا اللاتينية، له دلالاته الرمزية القوية، كونه تأكيد، من جهة، على المكانة الرائدة والثقة التي تحظى بها بلادنا على الصعيدين الدولي والإقليمي، تحت قيادة الملك محمد السادس.

كما يعكس متانة، وقوة العلاقات المتميزة، والعريقة التي تجمع بلدينا الصديقين، المغرب والشيلي، منذ ما يقارب 64 عاما على إقامة علاقاتنا الدبلوماسية، والتي تشهد اليوم مرور عشرين (20) سنة على الزيارة التاريخية للملك محمد السادس لهذا البلد الصديق، وهي أيضا علاقات الصداقة المتينة والراسخة، المسنودة بالإرادة والطموح المشترك من أجل أفق أرحب لشعوبنا الصديقة، علاقات تجسدها مشاعر التقدير العميق الذي يحظى به جلالة الملك محمد السادس، في منطقة أمريكا اللاتينية والكارييب، علاوة على روح الإيمان الصادق بعدالة القضية الوطنية، والدعم الأخوي النبيل للوحدة الترابية للمملكة المغربية.

وشدد المتحدث ذاته أن استضافة المغرب لهذه النسخة من المؤتمر تأتي أيضا في إطار إشعاع هذه المبادرة داخل القارة الإفريقية، خصوصا وأن المملكة المغربية جعلت من تعزيز موقعها الإقليمي في القارة الإفريقية واحدا من أهم أهدافها السياسية والجيو_استراتيجية العامة، القائمة على اعتبار التعاون جنوب-جنوب ودعم المبادرات التنموية والتضامنية،  كأحد أركان السياسة الإفريقية للمغرب. 

وفي هذا السياق، أكد ولد الرشيد على أهمية المبادرات الاقتصادية، والسياسية الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات القليلة الأخيرة في علاقته بدول إفريقيا جنوب الصحراء، بمبادرة ورعاية الملك محمد السادس، من بينها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، ومبادرة  تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي من شأنها تعزيز أسس الاستقرار في المنطقة ومعالجة القضايا المرتبطة بالهجرة والأمن والتنمية. 

وأبرز أنه من القضايا التي ستستأثر باهتمام المشاركين مسألة السلم والأمن الدوليين، والمملكة المغربية أظهرت على الدوام التزاما ثابتا ودائما لفائدة حفظ السلام والأمن في العالم، وذلك انسجاما مع رؤية ملكية للسياسة الخارجية المغربية، المرتكزة على الالتزام بالعمل المشترك، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون البناء، ونشر قيم الحوار والسلم والتعايش في العالم، والمساعدة على إقراراهما حفاظا على الأمن ونبذا للصراعات والحروب، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وفيما يتعلق بقضية الهجرة، اعتبر المتحدث ذاته أنها ليست مجرد أزمة عابرة، بل ظاهرة أضحت تتخذ أبعادا مقلقة، وتتطلب إدارتها رؤية إنسانية شاملة توازن بين السيادة الوطنية وحقوق المهاجرين. والمغرب، يقدم نموذجا يمكن أن يحتذى به في هذا الاطار، ولا أدل على ذلك، التوافق الدولي حول "الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة"، الذي تم اعتماده خلال الاجتماع رفيع المستوى المنعقد بمدينة مراكش في دجنبر 2018، والذي شكل لحظة تحول تاريخية في التعاطي مع قضية الهجرة.

وأضاف أنه ثمت قضايا أخرى لا تقل أهمية، كالصحة، والمساواة بين الجنسين، وقيم التسامح، والذكاء الاصطناعي، والتحولات في مجال العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية، وغيرها من  المواضيع ذات الصلة بالمحاور المطروحة على جدول أعمال هذا المؤتمر، والتي لا يسعنا الوقت لتناولها.