نوفل البعمري: الدرس السوري.. إلى النظام الجزائري

نوفل البعمري: الدرس السوري.. إلى النظام الجزائري نوفل البعمري
لاشك أن الإنهيار السريع، الغير المتوقع لنظام بشار الأسد الذي ظل مستنداً على العكس والجنرالات والجيش هو انهيار لم يكن يُتوقع حدوثه بالسهولة التي شاهدناها وتابعناها جميعاً على القنوات التلفزية وعلى وسائل التواصل الإجتماعي خاصة الصفحات السورية التي ظلت تنقل أخبار تقدم الميليشيات والعناصر المسلحة نحو مختلف المدن والمحافظات بدون أية مقاومة ولا إطلاق الرصاص… ويبدو أن عاصمة دمشق قد انهارت بفعل تقدم العناصر المسلحة إليها ومحاصرتها كما سبقتها كبريات المدن السورية من حمص و حلب وحماه.
وإذا كان هناك من نظام يجب أن يستخلص الدروس مما حدث ويحدث بسوريا هو النظام الجزائري الذي تجمعه عدة قواسم مشتركة مع نظام البعث يمكن تعداد بعضها:
 
- في سوريا ظل الحزب الوحيد هو المسيطر على الحياة العامة، وتداخل فيها حزب البعث بالسلطة حتى بات الحزب هو السلطة، و ظلت مختلف "الأحزاب" السياسية الأخرى الصغيرة جزءاً من حزب البعث، هو نفسه ما يوجد في الجزائر حيث جبهة التحرير الوطني هي حزب الدولة، والدولة الجزائرية هي جبهة التحرير والتعددية التي تعيشها هي أكثر من صورية مادام أن مختلف مما يسمى بالأحزاب السياسية تطوف وتتحلق حول "الجبهة".
 
- حافظ الأسد وصل للحكم على الدبابة وظل يحكم بالدبابة وسلم السلطة لإبنه تحت حماية العسكر والجيش السوري، حتى بات الجيش السوري هو المتحكم في زمام الدولة ولا يمكن أن تكون هناك حياة عامة إلا بتحكم و تدخل منه، وهو ما حدث في الجزائر الذي وصل فيها بومدين إلى سدة الحكم بانقلاب عسكري على أحمد بن بلة وهو من أسس لدولة العسكر والجنرالات الذين لم يتوانوا في اغتيال بوضياف الرئيس الذي كان سيقود الجزائر نحو انتقال ديموقراطي داخلي، وعاد العسكر والجنرالات للعبتهم المفضلة في تعيين الرؤساء والتحكم والحكم من خلف ستار.
 
- في سوريا خرجت العديد من المظاهرات بشكل سلمي مطالبة بالتغيير والإنتقال الديمقراطي لكن واجهها نظام بشار الأسد بالحديد و النار وقام بتخوين عناصرها ومطاردتهم حتى باتت المعارضة إما خلف أسوار السجون أو مطاردة خارج سوريا؛ في الجزائر الوضع مماثل لما حدث في سوريا خرجت المظاهرات والمسيرات المطالبة بالتغيير والإصلاح بدل أن يقوم النظام الجزائري بالإستجابة لمطالبهم عمد إلى تخوينهم واعتقالهم في محاكمات صورية وتمت مطاردتهم خارج الجزائر وجرى اختطاف بعضهم، وبدل أن يتم الإستجابة لمطالب الشعب واجه العسكر الشعب بدموية وعنف كبيرين، مما قد يدفع الشعب إلى البحث عن سبل أخرى للتغيير الغير السلمي رداً على عنف الجيش، وقد يفتح الباب أمام خلق بدائل شعبية متطرفة في ظل انسداد الأفق السياسي.
 
- سوريا ونظامها وضع بيضه في السلة الإيرانية والروسية، وإذا كانت روسيا تتعاطى مع الوضع بشكل براغماتي خاصة وأنها دخلت في مواجهة داخل أوكرانيا دفاعاً عن مصالحها، فإن إيران الذي يتقاسم مع النظام السوري نفس البعد والخلفية الدينية الشيعية وظل يعتبر سقوط بعض مدنه خاصة حمص خط أحمر لما في ذلك من قلب للمعادلة السورية وإعلان واضح عن انهيار النظام السوري الذي يبدو أن إيران قد تخلت عنه وتركته يواجه مصيره ورفعت يدها عن بشار الأسد لوعيها في آخر لحظة بأن القادم مختلف خاصة مع ما الترتيبات التي تحدث في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقرب وصول ترامب للحكم في يناير المقبل، وهي كلها ترتيبات تعاطى معها النظام الإيراني بانتهازية كبيرة متخلياً في آخر لحظة بعد أن احتلت مليشياته سوريا عن نظام بشار الأسد فقط للحفاظ على مصالحها الإقليمية، وهو الدرس الذي يجب أن يعيه النظام الجزائري الذي يضع بيض سلطته في سلة النظام الإيراني وامتداداته بالمنطقة وهو بيض قد يتركه النظام الإيراني الذي أثبتت الوقائع سواء في غزة أو جنوب لبنان و الآن سوريا أنه نظام انتهازي، وصولي لا أمان،لا عهد ولا وفاء له إلا لمصالحه.
 
هذه القواسم وغيرها اللتين يتشاركان فيها النظام السوري والجزائري هي قواسم يجب أن تدفع بالنظام الجزائري لإستخلاص الدروس والعبر منه، وأن أولى العبر هي أن سياسة معاداة الجيران لن تؤدي إلا إلى عزلته وتقويض نفسه بنفسه خاصة مع غياب رؤية ديموقراطية داخلية و بناء مؤسسات داخلية تستند على إرادة الشعب الجزائري، وهو درس على الجيش أن يتلقفه بسرعة ويشرع في إحداث التغيير المطلوب قبل أن يلقى نفس مصير نظام بشار الأسد!!!