يرى د.محسن الندوي، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية، أن تعزيز الشراكة المغربية - الصينية من الناحية الاستراتيجية مهم بالنسبة للصين جغرافيا وأيضا بالنظر لتمتع المغرب بالاستقرار السياسي، بالإضافة إلى بنيته التحتية للنقل في كل من ميناء طنجة المتوسط ومستقبلا ميناء الداخلة الأطلسي، حيث يمكن للمغرب أن يشكل بوابة اقتصادية رئيسية للصين نحو إفريقيا والاتحاد الإفريقي، مشيرا بأن التعاون الاقتصادي الكبير مع الصين ووضع بنيتها التحتية المتنقلة اقتصاديا بالمغرب يشكل مدخلا ناعما لاعتراف الصين بمغربية الصحراء واقتناعها بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء المغربية.
كيف تنظر إلى مسار تطور العلاقات المغربية الصينية؟
بداية لابد من الإشارة الى أن من بين ركائز السياسة الخارجية للمملكة المغربية تطوير التعاون جنوب –جنوب وتنويع الشركاء والانفتاح على المجموعات الإقليمية، حيث تربط المملكة بعدد كبير منها علاقات صداقة وتضامن وتعاون مثمر، وبالخصوص تلك المنتمية لدول الجنوب ومنها الصين.
إن الرباط وبكين تتمتعان بعلاقات دبلوماسية منذ عام 1958، وترتبطان بشراكة قوية، حيث تم التوقيع على إعلان مشترك بشأن إقامة شراكة استراتيجية، خلال الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى الصين عام 2016، ليصير المغرب أول بلد في شمال أفريقيا يرتبط بميثاق تعاون شامل مع الصين باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
لقد أصبحت الصين، عام 2022، ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب والشريك الأول للمغرب في آسيا، ووفقا لتقرير مؤشر الاستثمار الصيني العالمي لعام 2023، الصادر عن وحدة الأبحاث الاقتصادية التابعة لمجلة الإيكونوميست البريطانية، كان المغرب ثالث أكثر البلدان جاذبية للاستثمار الصيني في أفريقيا بعد مصر وجنوب أفريقيا.
فالعلاقات التجارية بين المغرب والصين قد شهدت طفرة خلال السنوات القليلة الماضية، مع زيادة بنسبة 50% في حجم التجارة بين البلدين منذ انضمام المغرب رسميا إلى مبادرة "الحزام والطريق" الصينية عام 2017. للاستثمار في المجالات ذات الأولوية البنية التحتية والصحة والزراعة والصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
فالصين تعتبر المغرب وجهة جذابة للاستثمار الصيني في إنتاج البطاريات، خاصة في ظل توافر أكبر احتياطات الفوسفاط في المغرب، إلى جانب عدد من المعادن الأخرى التي تدخل في صناعة البطاريات وبخصوص تجميع السيارات الكهربائية، بسبب وجود قاعدة كبيرة لتصنيع السيارات في المغرب.وهو ما يمنح المغرب في هذا المجال ميزة لنقل التصنيع المحتمل من الصين إلى المغرب، وهو ما سينعكس إيجابا على المملكة المغربية بالحفاظ على موقعها المتقدم في صناعة السيارات، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير مهارات الموارد البشرية.
ماهي المشاريع التي يراهن المغرب على انجاحها في علاقته مع الصين سواء على الصعيد الوطني أو الافريقي؟
الصين مهتمة بالمغرب و بتجربته المهمة مع الشركات العالمية الكبرى في مجال التصنيع، وهي بيئة جذابة لتشجيع الشركات الصينية بمزاولة الأعمال والاستثمار في المغرب من خلال المشاركة الفعالة في المشاريع الكبرى التي تشمل القطارات الفائقة السرعة والطرق والموانئ والمطارات .
بالإضافة الى المشاريع السابقة الذكر، قد تساهم الصين في تدشين خط الغاز المغربي النيجيري، وبمبادرة تعزيز ولوج بلدان الساحل للمحيط الأطلسي.
كما أن الرباط تهمها استثمارات الصين بالمغرب لإنجاح مشاريع، مثل السيارات الكهربائية، ومشاريع السكك الحديدية، ومشاريع أخرى في إطار استعداد المغرب لتنظيم كأس العالم عام 2030، حيث سبق لوزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أن صرح بأن تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب يمثل خطوة مهمة جدا بالنسبة للمغرب من أجل "الحفاظ على موقعها المتقدم في صناعة السيارات، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير مهارات الموارد البشرية.
كما أشار بأن تزايد الاستثمارات الصينية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المغرب، والاتفاقيات المبرمة بين هواوي ومختلف الجهات المغربية، بما في ذلك الوزارات والمؤسسات التعليمية، تُعد "مساهمة كبيرة في تنمية البلاد.
ماهي المكاسب السياسية والاقتصادية التي سيجنيها المغرب من خلال تطوير علاقاته بالصين؟
أعتقد أن تعزيز الشراكة المغربية - الصينية من الناحية الاستراتيجية مهم بالنسبة للصين جغرافيا وأيضا بالنظر لتمتع المغرب بالاستقرار السياسي، بالإضافة إلى بنيته التحتية للنقل في كل من ميناء طنجة المتوسط ومستقبلا ميناء الداخلة الأطلسي، حيث يمكن للمغرب أن يشكل بوابة اقتصادية رئيسية للصين نحو إفريقيا والاتحاد الإفريقي، إذ بإمكانه أن يمنح وصولا سريعا، فيما يتعلق بمصالح الصين الاقتصادية في اتجاه كل من أفريقيا والاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية.
وإنني أرى أنه قد يكون التعاون الاقتصادي الكبير مع الصين ووضع بنيتها التحتية المتنقلة اقتصاديا بالمغرب نحو القارات الثلاث مدخلا ناعما لاعتراف الصين بمغربية الصحراء واقتناعها بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء المغربية بشكل نهائي.