فيما تنشغل الدول التي تحترم شعوبها بإيجاد حلول مبتكرة لتحسين حياة مواطنيها، يشهد الإقليم صراعًا بين المفسدين حول المناصب والمكاسب الشخصية، تاركين المواطن يرزح تحت وطأة ظروف معيشية صعبة.
الغريب أن هؤلاء المفسدين لا يكتفون بصراعاتهم الداخلية، بل يتحدون أحيانًا مع مسؤولين آخرين، ولكن فقط لتقاسم "الغنائم الانتخابية" أو لممارسة الضغوط على الفئات الضعيفة والشريفة من المجتمع.
المال الفاسد، كما هو معروف، لا يمكنه إنتاج ثقافة أو خلق سياسات ناجحة. فلم ينجح هؤلاء الأثرياء في تقديم فكرة سياسية واحدة، أو تأطير مناضل حقيقي، أو تنفيذ مشروع تنموي فعّال. بدلاً من ذلك، دمروا كل شيء في طريقهم نحو الهيمنة على السلطة وتكديس الثروات.
نظرة سريعة على نتائج عملهم في الجماعات المحلية والبرلمان تظهر بوضوح التدهور الكبير في الطرقات، والمستشفيات، والمدارس. أما الشباب، فقد وجد نفسه ضحية للبطالة والبؤس، في وقت أهدر فيه المال العام وضاعت سنوات من التنمية دون تحقيق أي تقدم يُذكر، وكل ذلك نتيجة غياب المحاسبة والمراقبة.
ضعف أداء بعض ممثلي مؤسسات الرقابة، وأحيانًا تواطؤ بعضهم مع المفسدين، ساهم في تفاقم الوضع. أما السلطات، التي يُقال إن أعينها لا تنام، فقد اختارت التغاضي حين تعلق الأمر بهؤلاء "الديناصورات السياسية" التي أتت على الأخضر واليابس.
لقد أفسد هؤلاء الجشعون العمل السياسي، وضربوا القيم الأخلاقية، وأهدروا المال العام، ودمروا مؤسسات الإقليم. في المقابل، العظماء الذين ألهموا الشعوب وغيّروا المجتمعات لم يعتمدوا سوى على الأخلاق النبيلة والمبادئ الراسخة، وليس على المال الفاسد.
إن الفساد هو العدو الأخطر للمجتمعات، فهو كمرض خبيث يدمر القيم والاقتصادات ويزرع اليأس. وما يعيشه إقليم سيدي بنور خير دليل على ذلك، حيث أفقد المفسدون الثقة في العمل العمومي ونشروا الإحباط بين الشباب.
من هنا، ندعو الدولة إلى إطلاق حملة تطهير شاملة وحقيقية تشمل عزل ومحاسبة كل مسؤول أو موظف أو منتخب ثبت تورطه في الفساد أو تواطؤه مع المفسدين. كما نطالب بتطبيق القوانين بصرامة، وتجريم الإثراء غير المشروع، وسن تشريعات لعزل السياسيين والاقتصاديين الفاسدين، واسترجاع الأموال المنهوبة، وإعادة تأهيل المشهد الحزبي والجمعوي والإعلامي.
موسى مريد، فاعل حقوقي