أنور اعبي: أزمة القانون الدولي.. "المقاومة الفلسطينية وعلاقات القوة التي تحكم الهياكل الستة في الأمم المتحدة"

أنور اعبي: أزمة القانون الدولي.. "المقاومة الفلسطينية وعلاقات القوة التي تحكم الهياكل الستة في الأمم المتحدة" أنور اعبي
انطلقت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 بقيادة كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أكبر هجوم على دولة الاحتلال إسرائيل، فسيطرت على مجموعة من المستوطنات وأسرت العديد من المستوطنين فخلفت ورائها هلعا في نظام المحتل الغازي للأراضي الفلسطينية.

وتأتي هذه العملية استجابة طبيعية لعمق الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة المد الاستيطاني الذي تنهجه دولة الاحتلال اتجاه الشعب الفلسطيني منذ حوالي 75 سنة، وممارسته لحقه بشرعية المقاومة المسلحة والسعي وراء تحقيق مصيره بنص القانون الدولي والقرارات الأممية كما يؤكد على ذلك كل من القرار رقم 2649 الصادر في29 نونبر 1970 الذي ينص على شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقها في تقرير المصير لكي تستعيد ذلك الحق بأي وسيلة في متناولها والقرار رقم 3240  الصادر في 29 نونبر1974 الذي يؤكد على شرعية المقاومة المسلحة من قبل الشعوب المضطهدة سعيا وراء حق تقرير المصير، ويدين الحكومات التي لا تدعم هذا الحق.

وذلك ما دفع برئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الإعلان عن حالة الحرب بشن قصف انتقامي بالطائرات الحربية ودمر أحياء آمنة على رؤوس ساكنيها المدنيين في غزة.

فشاع عالميا دعم غربي لا محدود إعلاميا وعسكريا ودبلوماسيا للموقف الإسرائيلي بالحق في الرد على عملية طوفان الأقصى انتهت بمشاركة صمت المجتمع الدولي في جرائم حرب وإبادة جماعية مستمرة في قطاع غزة وتدمير المستشفيات والمدارس والجامعات والمعابد والمنازل والمخيمات ...
قبل أن ينتبه الرأي العام العالمي إلى كل الجرائم ضد الإنسانية التي استمر الاحتلال في ارتكابها خلال 76 سنة الماضية، وأقام احتجاجات داعمة في مختلف مدن العالم والمنصات والمنتديات والملاعب الرياضية... لوقف إطلاق النار في غزة.

فبعد 416   يوما من الطوفان والصمود للمقاومة الفلسطينية أمام كل هذه الجرائم السريالية المستمرة والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في القطاع والتي خلفت حوالي 44.235 شهيد و104.638 مصاب، نسأل بأي قانون تصدح به هيئة الأمم المتحدة!

فبالرغم من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرارات تدعو الى هدنة إنسانية ووقف فوري لإطلاق النار في غزة بتاريخ 27 أكتوبر 2023 بأغلبية 120 عضو، ثم قرار 377بتاريخ 12 دجنبر 2023  بتأييد 153 عضو،كما اعتمدت الجمعية العامة قرارا بأغلبية 124 عضو تدعوا فيه لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال 12 شهرا، إلا أنها تبقى عاجزة أمام سطوة مجلس الأمن حيث استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض في 4 مناسبات ضد قرارات في مجلس الأمن الدولي كانت تدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة أخرها كان في 20 نونبر 2024 والذي حصل على تأييد 14 عضو من أعضاء    المجلس الخمسة عشر.

فيما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية  بتاريخ 21 نونبر 2024  مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .

 وتستمر أزمة هيئة الأمم المتحدة بهياكلها الستة في تدبير الصراع الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي منذ حوالي 76 سنة وفشل هذه المنظمة في منع الحرب وحفظ السلم الدولي في المنطقة الذي يقضي بأزمة إنسانية في قطاع غزة، وغياب قوة تنفيذية تلزم دولة الاحتلال بالالتزام بالشرائع والمواثيق والاتفاقيات الدولية بما فيها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي وقوانين الحرب واتفاقية جنيف 1949 واتفاقية لاهاي 1954 والبرتوكول الأول والثاني. فدولة الاحتلال إسرائيل لم تترك قانونا إلا وخرقته.

والآن وقد بدا واضحا الصدع الذي يهز الهياكل الأممية خاصة ما يتعلق بمجلس الأمن باعتباره اليد التنفيذية لكل القرارات الأممية والذي يخضع للعلاقات ومصالح القوى على قوة القانون والتغول في اتخاذ القرارات بشكل احادي لا يستجيب للإرادة العامة لجميع الدول الأعضاء  بوقف فوري وشامل لإطلاق النار على قطاع غزة ،الأمر الذي  يستدعي تعديل ميثاق هيئة الأمم المتحدة بما يوافق الديناميكية العالمية والتغيرات السياسية و الاقتصادية  ويمكنه من تعزيز دور الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم والأمن الدولي خارج علاقات القوة والمصالح .

 
أنور اعبي، حاصل على شهادة الماستر في العلوم السياسية والتواصل السياسي