هذا العجوز، "غير السعيد"، يعرف أن رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، "مجيدو"؛ لا يملك الجرأة ولا الشجاعة لاتخاذ قرار الحرب، الهجومية وليس الدفاعية، لأنه ومعسكره لا يقتنعان بأن الحرب المباشرة مع المغرب يمكن أن يأتي من ورائها غير الخسران، وغير المزيد من الهزائم... فكيف ذلك؟!
أولاً: لأن المغرب، بعكس الجزائر، ينخرط في تحالفات وشراكات إستراتيجية يمكن أن نخص منها بالذكر نوعَيْن رئيسيَيْن هما على التوالي:
1- تحالفه العسكري الإستراتيجي العُشاري مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو تحالف يُلزم هذه الأخيرة بالدفاع عن حليفها الإستراتيجي، المغرب، على امتداد عشر سنوات تنتهي سنة 2030، وهذا قد يصل إلى تحريك قوات المارينز المرابطة في إسبانيا للتدخل السريع عند الحاجة وبمجرد ما يعبّر المغرب عن رغبته في ذلك... وفي أضعف الأحوال، أن يجعل الحليف الأمريكي من قواعده الأقرب من ساحات المعارك المحتملة مصادرَ لوجيستيكيةً لتمكين القوات المسلحة الملكية من الدعم اللوجيستي اللازم والضروري للحفاظ على تفوّقها النوعي، والأكيد، والذي لا يرقى إليه الشك حتى داخل دواليب العسكر الجزائري ذاته...
وما قيل عن هذه الشراكة العسكرية مع قوات المارينز الأمريكية يسري بالتمام والكمال على القوات العسكرية الإسرائيلية بمقتضى معاهدة أبراهام الثلاثية، وهذا غير خافٍ على أحد من العالمين!!
نفس التحالف، العضوي والميداني، يمكن التعويل عليه بين المغرب من جهة، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة ثانية، بنفس المشاركة بالمال والعتاد والرجال، ولو على سبيل رد جميل المشاركة المغربية الفاعلة في معارك السعودية والإمارات ضد حوثيي اليمن، والأذرع الإيرانية المساندة لهؤلاء، فيما سُمَيَ في إبانه ب"عاصفة الحزم"، مع احتمال انضمام دول شقيقة أخرى، بشكل أو بآخر، مثل الأردن والبحرين والسلطنة، كل منها بحسب تقديراته وإمكاناته؛
2- تحالفات من نوع ثانٍ لن تُؤَمّن دعماً مباشراً للجيوش المغربية، ولكنها قد تُثمِر حياداً إيجابياً، بَدَتْ مظاهرُه واضحةً منذ فترة غير وجيزة، وربما تطوّر ذلك لدى البعض إلى دعم معنوي وإعلامي، وربما أيضاً إلى دعم سياسي ودبلوماسي مواكبٍ للحرب المحتملة داخل دواليب المنتظم الدولي، وهذا ما يمكن أن يصدر عن روسيا والصين، بدليل مواقفهما البراكماتية الأكثر ميلا منذ مدةٍ للأطروحة المغربية، ثم بصورة ربما تكون أكثر وزناً وحسماً لدى فرنسا والمانيا والمملكة للمتحدة ومختلف دول الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، الميّالة في معظمها إلى الطرح المغربي، دونما حاجة منها إلى الانخراط في المواجهات المباشرة المحتملة بين الجارين المتحاربين!!
ثانيا: وهذا قد سبق التأكيد عليه في مقالات سابقة، لأن المغرب وقواته الملكية ومن ورائها جميع المغاربة بلا أدنى استثناء، لديهم "قضية حيوية ومصيرية" يذودون عنها ويستعدون للتضحية بالأنفس من أجل نصرتها، بخلاف الجزائريين نظاما وشعبا وجيشاً، والذين يعلمون حق العلم أنهم أُقحِموا في ملف هذا النزاع للدفاع عن ميليشيات إرهابية خارج إرادتهم ووعيهم... ملف صنعته طغمة كانت من مخلفات الحرب الباردة، ولذلك جاء هذا الملف بفبركةِ معمر القذافي وهواري بومدين، بمباركة من الكريملين وكوبا وبوليفيا والناصرية المصرية، وأمام "صمتٍ يدلّ على الرضا" من لدن الجنرال فرانكو في آخر أيامه، قبل أن تأخذه المسيرة الحسنية الخضراء على حين غفلة فتقلب الطاولة على رأسه قبل أن تُوافِيَهُ المَنِيّةُ بساعات!!
فضلاً عن هذا، وقد سبقت الإشارة ذلك أيضاً بالمناسبة، فإن الجزائريين بجيشهم الشعبي البالغ أقصى مراتب الهواية، سيُلفون أنفسهم بإزاء جيش مغربي شديدِ الاحترافية، رفيعِ التجهيز والتدريب، متمرّسٍ بميادين القتال، لم يَتَعَوَّدْ على قضاء سحابة أيامه في مناورات هي أشبه بالألعاب النارية رغم استغلالها في تبذير الذخائر الحية، بمئات الملايين من الدولارات، في نوعٍ من السَّفَه ليس له آخِر!!
أمام هكذا معطيات، نصّب الفريق أول "غير السعيد شنقريحة" نفسَه وزيراً منتدباً لدى وزير الدفاع لا لشيء إلا لتكون له الكلمة الفصل في إعلان حرب مباشِرة يتمتّع عادةً بإشعال فتيلها في أحلام يقظته كلما لمس بأصابع يده موقع ذلك الريال المؤلِم، المنحوت بالنار واللهب في مؤخّرته، منذ وقوعه أسيراً لدى القوات المغربية في إحدى معركتَيْ أمغالا، وكل ذلك ربما لن يغادر ساحة حُلم اليَقظة، إذا أخذنا في الحسبان شلالات التحذير والوعيد التي تهاطلت عليه طوال السنوات الأخيرة من المسؤولين الأمريكيين، سواء في إدارة ترامب الأولى، أو إدارة بايدن التي تلتها، أو في عهدة ترامب الثانية هذه، والتي يغلب الظن أنها ستضع حداً نهائياً لأحلام الفريق أول حتى بعد أن أضاف إلى خِلقته الهجينة والمثيرة للرثاء منصب "وزيرٍ منتدب في الدفاع"، الحامل مجازاً لوصف "وزير منتدب في الهجوم"... والأيام بيننا!!!