وأخيرا أفرج عن التعديل الوزاري وظهرت الحكومة في طبعتها الثانية تحيط بجلالة الملك في صورة جماعية بقية العرش. انتظر الناس هذا التعديل وتكهن الكثيرون بأسماء الوزراء، المغادرين أو المنتسبين إلى التشكيلة الجديدة... خلال فترة الانتظار برز العديد من المدونين في سباق عمن ينشر اللائحة الحقيقية للحكومة ... الآن... انتهى السباق وأمامنا اللائحة الكاملة لحكومة أخنوش الثانية.
التعليم أولا
أود التركيز بعجالة عى وزارتي التعليم وما رافقها من تعديل وما واجهته من مشاكل مازالت تداعياتها مستمرة رغم انخفاض درجة التوتر.
لقد خرج مئات الآلاف من المعلمين والطلبة في مظاهرات عارمة احتجاجا على قرارات الوزيرين السابقين ... أقفلت المدارس أبوابها لعدة أسابيع وظهر وكأننا نعيش الشوط الثاني لجائحة «كورونا».
ورغم طول مدة الإضراب ظلت الحكومة عاجزة على معالجة المشاكل التي تثيرها موجة احتجاج غير مسبوقة في تاريخ المغرب ..... لقد عشنا أطول إضراب المنظومة التعليم منذ بداية الاستقلال.
إعلام صامت
أمام العجز الواضح على فهم ما يجري، والإسراع في فتح مفاوضات مكثفة مع ممثلي المضربين اختارت الحكومة الصمت والانتظار....
ولما كان مئات الآلاف يصيحون في شوارع العاصمة وساحات معظم المدن ظل الإعلام العمومي لا يرى... لا يسمع.... لا يتكلم.... لذلك أصبح الرأي العام أسيرا لعدد من النشطاء، على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر الآلاف من الصور والأشرطة التي ينشرها المحتجون.
غيبت الحكومة الرأي العام، وتجاهلت حقه في معرفة أسباب ودوافع الإضرابات واقتراحاتها لحل الأزمة.... وعوض ذلك برزت خلافات بين المسؤولين حول أنجع الطرق للتغلب على مشاكل التعليم المستعصية.
تدهور الأوضاع
من خلال هذه الحيرة بدا أن الحكومة عاجزة عن الدفاع عن سياستها أو على الأقل تقديم وجهة نظرها.. سادت لغة الخشب وتوقف التعليم وتوترت الأوضاع الاجتماعية وتعددت المطالب... وأمام التباطؤ والحيرة ظهرت التنسيقيات على ظهر النقابات وتعقدت الأمور. حاصرت الأسر المغربية المدارس وهاجمت المعلمين وتعالت الأصوات المتضررة وظل الأطفال في الشوارع رهائن وضعية ساهم التباطؤ في استفحالها.... لذلك كان ضروريا وضع حد لهذه الكارثة، فسارع رئيس الحكومة إلى إبعاد الوزيرين المسؤولين عن قطاع التعليم وانتظر الرأي العالم لمن ستسند هذه المهمة الصعبة وهذه الهدية المسمومة.
مهمة صعبة
وضع رئيس الحكومة مصير ثمانية ملايين من التلاميذ والطلبة ومئات الآلاف من المعلمين والموظفين بين أيدي وزيرين جديدين اكتشفهما الرأي العام وهما ينحينان أمام جلالة الملك ويرددان القسم بين يديه.. فوجئ المغاربة لأنهم لم يسمعوا عنهما أنهما عالجا مهمات وقضايا التعليم.... لم يقرأ أحد مؤلفات أو دراسات أو مقالات تعكس رأي الوزيرين في مجال المسؤولية الملقاة على عاتقهما.
تساءل الناس هل الوزيران الجديدان على علم أن الحكومات السابقة فشلت في بناء القواعد الأساسية لمدرسة وطنية تروم بناء إنسان مغربي قادر على المساهمة في بناء دولة مغربية قوية وموحدة... ديمقراطية ومتقدمة ؟
غير أنه لاشك أنهما على علم أن هاتين الوزارتين تحمل مسؤوليتهما أشخاص وشخصيات تنتمي إلى كل الأطياف والأحزاب السياسية... يمين... وسط ويسار. وأن لا أحد يذكر اليوم أسمائهم فأحرى إنجازاتهم....
أسئلة أخرى
هل الوزيران الجديدان على علم بأن منظومة التربية والتعليم تنتج سنويا مئات الآلاف من الأطفال الأميين الفاشلين.... مئات الآلاف من اليافعين التائهين بدون بوصلة وبدون أمل يكونون الحطب الصالح لكل
احتجاج أو انتفاضة؟ هم حطب الفتنة بامتياز هل الوزيران على علم أن هذه المنظومة تحكمها لوبيات مالية ونقابية ومصلحية، تقاوم كل محاولة إصلاح عاملة على إفشال كل مشروع جاد؟
هل هما على دراية بانعدام وجود خارطة طريق واضحة وسليمة وقادرة على تغيير الوضع التعليمي نحو الأفضل؟
والآن
ما العمل إذن؟ وماذا يمكن انتظاره بعد التعديل الحكومي؟ ما هو بارز للعيان هو أن رئيس الحكومة استطاع التخلص ممن لم ينجحوا في الامتحان وعين عوضهم في التعليم وغيره وزراء جدد من حزبه والأقربين وبذلك أصبح يتحكم في مفاصل الدولة... هو في نهاية المطاف أقوى رئيس حكومة منذ بداية الاستقلال... إلى جانب ذلك استطاع التخلص بقدرة قادر من شخصيات لم تقاسمه تفائله و نتائج سياسيته وأرقام مصالحه... هي قصة جرت في صمت أبعد خلالها من كان إلى الأمس القريب يحاجج الحكومة، وبذلك أصبح رئيس الحكومة في الواجهة، بدون غطاء وبدون حجاب يواجه تراكما لأوضاع قاسية انطلاقا من «كورونا» مروراً على أزمة زلزال الحوز وقوفا عند أطول سنوات الجفاف... لذلك أردد اليوم حفظ الله
المغرب وحظ سعيد للحكومة في طبعتها الثانية.