ظاهرة انتحار وسطاء التأمين تعود للواجهة من جديد بالمغرب

ظاهرة انتحار وسطاء التأمين تعود للواجهة من جديد بالمغرب الوضع في قطاع التأمين أصبح ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وحقوقية
يتذكر الجميع واقعة حادثة انتحار وكيل تأمين لشركة سند بعد سقوطه من عمارة مقاولة التأمين وإعادة التأمين أطلنطاسند بشارع أنفا بمدينة الدار البيضاء، الذي وقع ضحية ضغوط وابتزازات انتهجتها ضده مقاولة للتأمين وإعادة التأمين، التي يشتغل تحت يافطة علامتها التجارية.. وفي خضم الاحتفالات بذكرى الاستقلال، تفاجأ الرأي العام المحلي بمارتيل، بخبر إقدام شاب أربعيني يشتغل وكيلا للتأمين لشركة "أطلنطاسند"، ينحدر من "باب برد" إقليم شفشاون، حيث أقدم على شنـق نفسه بغابة لاميدا (حي الواد المالح قرب إقامة التعليم) بمارتيل واضعا حدا لحياته.

ووفقا لمصادر من أسرة وسطاء التأمين، فإن الشاب قد زار المقر الاجتماعي لشركة أطلانطاسند يوم الجمعة 15 نونبر 2024، واضطر  مكرها وتحت ضغط رهيب إلى توقيع شيكات لفائدة قسم التحصيل والنزاعات قصد تزويد وكالته ببوليصات التأمين، ووفق بلاغ جمعية وسطاء ومستثمري التأمين، فإنه كانت لضغوطات الشركة المستمرة منذ سنوات، تأثير رهيب على نفسية الراحل، والمقرونة بالتوجس من رجوع الشيك بدون رصيد حيث سدت في وجهه كل أبواب الأمل في الحياة ولم ير سوى الانتحار كخلاص.

وإذ تدق جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب منذ سنوات، ولا تزال ناقوس الخطر، حول المشاكل والضغوطات التي تتعرض لها أسرة الوساطة في التأمين وإعادة التأمين بشكل يومي والإبادة الاقتصادية الممنهجة الي تسلكها لوبيات شركات التأمين، حيث وتيرة الدعاوى والشكايات الكيدية المرفوعة ضد وسطاء ووكلاء التأمين تزداد بشكل يومي وبشكل رهيب، حيث تتصدر مقاولة التأمين "أطلنطاسند"  البوديوم بأكبر عدد من المتابعات والزج بوكلائها في سجون المملكة أو دفعهم للانتحار.

للعلم فإن جل العقود التي تربط مقاولات التأمين وإعادة التأمين بوكلاء وسماسرة التأمين ذات صبغة تجارية، حيث تتضمن هذه العقود بندا يخص الفصل في النزاعات أو الخلافات الناشئة حول تنفيذ أو تفسير أو ﺇلغاء أو صحة أو بطلان بنود هذه العقود أو ما يرتبط بها، عن طريق الوساطة أو عبر المحاكم التجارية، لكن من غرائب الأمور، فإن مقاولات التأمين وإعادة التأمين ترفع دعاوى قضائية ضد وكلاء وسماسرة التأمين أمام القضاء الجنحي عوض المحاكم التجارية في خرق سافر لبنود العقد وللقانون المغربي خاصة مدونة التجارة، بل الأدهى والأمر أن هذه الشركات ترفع دعاوى مزدوجة أمام المحاكم الابتدائية والتجارية في الآن نفسه  مطالبة بتعويض مالي في كل واحدة منهما.

ونبهت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب إلى أنّ استمرار شركات التأمين في "تغليط القضاء"، عبر اللجوء إلى القضاء الجنحي عوض القضاء التجاري المتخصص في النزاعات التجارية، سيُفقد ثقة المستثمرين في المؤسسات القضائية بالمملكة، خصوصا مع ارتفاع الشكايات الكيدية التي تخص تلفيق تهمة خيانة الأمانة وبشكل جماعي في السنوات الأخيرة.

يذكر أن عناصر الشرطة القضائية حلت بمقر شركة سند خلال حادثة الفقيد أمنا عبد الواحد لعام 2013، واستمعت إلى عدد من الموظفين بشركة التأمين، وفتحت تحقيقا في الموضوع من أجل الوصول إلى الأسباب الحقيقية للانتحار، لكن مآل هذه التحقيقات لم تعرف لحد الآن،  على أمل القيام بالمتعين قانونا لكشف ملابسات واقعة مارتيل الأليمة.

ويبقى الأمل في رئاسة النيابة العامة بعد تقديم جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب  لتقريرها حول اختلالات وفساد في قطاع التأمين لوقف هذا العبث والفساد المستشري في قطاع التأمين وداخل الهيئة المشرفة على القطاع، ومحاسبة كل المتورطين في معاناة وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب والتي تدفعهم قسرا نحو الانتحار، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل مبدأ لا للافلات من العقاب في جريمة وفاة وكيل شركة سند سنة 2013.
 
لوقف هيمنة سياسة الجشع والاحتكار والفوضى والتجاوزات والمنافسة غير الشريفة، التي تنهجها بعض شركات التأمين، بتواطؤ ومباركة من هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي لأن الوضع أصبح ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وحقوقية قد يتعدى صداها كل أرجاء الوطن.