يوسف لهلالي: قمة دولية بباريس لإبراز غنى الثقافة العربية

يوسف لهلالي: قمة دولية بباريس لإبراز غنى الثقافة العربية يوسف لهلالي

شهدت باريس الأسبوع الماضي (14-15 نونبر) الدورة الأولى للقمة الدولية للفكر العربي، التي نظمت بمبادرة من معهد العالم العربي، تحت رعاية الفيلسوف وعالم الاجتماع، إدغار موران، وبالتعاون مع المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية بباريس والتي دامت يومين كاملين. وهي دورة شهدت نجاحا كبيرا لا من حيث نوعية المتدخلين او من حيث الحضور، حيث ان القاعة الموجودة في الطابق التاسع لم تكن سعتها كافية لجميع الحضور الذي كان من أجيال مختلفة.

تمت هذه القمة للفكر العربي في ضوء الاحداث التي تعرفها المنطقة العربية، في ظل حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني واللبناني والحرب الاهلية التي يعيشها السودان.

"المثقفون العرب غير معروفون في الغرب ومعهد العالم العربي هذا هو دوره الأساسي لتعريف بهذا العالم وبمثقفيه، وبعضهم غير معروف حتى في العالم العربي،" يقول رئيس المعهد العالم العربي جاك لونغ لجريدة الاتحاد الاشتراكي حول مغزى هذه الندوة الفكرية.

وأضاف "هذه الندوة التي سوف ننظمها كل سنتين ستكون فرصة  لإبراز غنى الثقافةالعربية.  

اليوم هناك نوع من التجاهل، او احكام القيمة في التعامل مع هذا الفكر وهذه الثقافة، وإذا اخدنا اليوم الاعلام الفرنسي يتجاهل هذا الفكر ولا يهتم به بتاتا، ما يهتم به هذا الاعلام هو ابطال الشاشة او احداث الاثارة للأسف. هذا دور معهد العالم العربي بباريس العمل على المدى البعيد لتعريف بهذا الفكر، على ترجمة بعض الاعمال العربية والتعريف بها في فرنسا "يقول وزير الثقافة السابق

"ما يحدث اليوم هو تراجع دور الثقافة والتربية والمعرفة ويتم إعطاء الاسبقية للمصالح والحروب " يقول رئيس معهد العالم العربي للحديث عما يحدث بالغرب وعلى دور المعهد في فتح الأبواب نحو هذا الفكر وهذه الثقافة."

 بالنسبة للفيلسوف ادغار موران الذي يرعى هذه القمة هذه القمة هي "نافدة واسعة على تشابك وعمق الفكر العربي، بعيدا عن الفكر الأحادي، التبسيطي والمختزل الذي قاومته طوال حياتي... ورغم ان هذا الفكر قد يبدو أحيانا مختلفا عن فكرنا، الا انه يستكشف المعارف بطرق متميزة ويبنى في سياقات تاريخية ولغوية وثقافية قد تكون اقل معرفة لدينا، ومع ذلك، فقد أثر هذا الفكر بعمق على الفلسفة الغربية."

وبالنسبة للفيلسوف الفرنسي فان هذه القمة فرصة لاستكشاف هذا الفكر، ومناقشته مشاركته من خلال لقاءات متميزة تجمع كبار المثقفين من العالم العربي."

هذه القمة عرفت العديد من الموائد المستديرة التي سادتها شهادات حول أوضاع التي خلفتها الحرب مثل قطع المساعدات على المنظمات النسائية العربية التي لا تشاطر ولا تؤيد حرب الإبادة ضد الفلسطينيين. «الجميع نبه الى الوضع الإعلامي بالغرب الذي تحول اغلبه الى دعم لرواية الرسمية لليمين المتطرف الإسرائيلي الحاكم اليوم في تل ابيب، ومحاربة كل من يخرج عنه واتهامه بمعادات السامية وتأييد الإرهاب وهي تهمة أصبحت جاهزة ضد كل من يخرج عن" الاجماع الغربي "واعلامه المصطف وراء الرواية الرسمية لحكومة الاحتلال. وهي وضعية لم تسلم منها حتى الرياضة حيث تحول المشجعون العنصريون والعنيفون لفريق تل ابيب الى ضحايا وممثلين لذاكرة الضحايا رغم ان هؤلاء الهوليغنز لا علاقة لهم بهذه الذاكرة وربما اغلبهم لا يعرفون تاريخها وغارقون في سلوكيات العنصرية والاعتقاد انهم الأسمى والاقوى بالعالم.

وكان هذ اللقاء الذي استضافه معهد العالم العربي فرصة لتعرف على مثقفين وكتاب برزوا في العقد الأخير، وهي فرصة لاكتشافهم واكتشاف غنى الفكر العربي وحيويته والهامة كما يقول ايدغار موران. ليضيف انه لمواجهة الظلامية والخوف لا بد من التوفر على الأسلحة الحقيقية من معارف سياسية وتاريخية وثقافية.

طبعا من خلال موائد متعددة عرفتها هذه الندوة في مواضيع متعددة منها الاعلام المستقل، الحركات النسائية، التموضع تجاه الفكر العربي الإسلامي، الفكر العربي والاستعمار، الاستشراق والاستغراب والعلوم الإنسانية بالمنطقة.

هذا اللقاء الفكري بالمعهد العالم العربي بباريس شارك فيه العديد من المثقفين من مختلف البلدان العربية ومن المغرب ساهمت العديد من الوجوه المعروفة كالباحثة في الفكر الإسلامي أسماء لمرابط، التي تحدثت عن التجربة المغربية وعن الإسلام السمح ومحاولة المغرب كنموذج للبحث عن طريق خاص به يجمع بين قراءة مستنيرة لتراثه العربي الإسلامي وبين اقتسام قيم الإنسانية التي ليست قيم للغرب وحده بل لكل الحضارات الإنسانية التي استفاد منها الغرب نفسه لبناء نفسه.

 وخلال مداخلتها في جلسة نقاش بعنوان "كيف نحدد موقعنا اليوم تجاه التراث العربي الإسلامي"، نظمت في إطار القمة الدولية للفكر العربي، سلطت السيدة المرابط الضوء على مسألة ازدواجية المرجعيات -بين المرجعية العالمية للمواثيق الدولية والمرجعية الدينية- في الدساتير العربية الإسلامية، وإشكالية التوفيق بين هاتين المرجعيتين.
 وأوضحت السيدة المرابط أن الدستور المغربي أتاح إمكانية "سن تشريعات - لا سيما في مجال حقوق المرأة والأسرة - تتماشى مع واقعنا والتطورات المجتمعية الحالية".
 وشددت عضو أكاديمية المملكة المغربية في هذا السياق على "أهمية قراءة جديدة، أخلاقية وإنسانية وإصلاحية، للمرجعية الدينية، توفر جميع السبل لاجتهاد عقلاني ومستنير".
 وقالت إن توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس للمجلس الأعلى للعلماء لإبداء رأيهم بشأن مقترحات إصلاح مدونة الأسرة تعد "مثالا ملموسا" على الجهود المبذولة لتحديد سياق ومواءمة القوانين ذات المرجعية الدينية مع المعايير القانونية الدولية التي صادق عليها المغرب.

وشارك من المغرب أيضا الانتربولوجي حسن رشيق الذي اعطى لمحة عن العلوم الإنسانية في المغرب وكيف إعادة تأهل علم الاجتماع بالمنطقة.

ويهدف هذا اللقاء او القمة للفكر العربي بباريس حسب معهد العالم العربي تحت رعاية ادغار موران،الى تأكيد حيوية الإنتاج الفكري، ابراز الشخصيات الهامة التي تساهم في انتاج وتطوير الأفكار المعرفة وتعزيز بين الفكر العربي والاوربي من خلال اللقاءات والمناقشات.

وسعى هذا اللقاء حسب المنظمين الى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي، تأكيد حيوية الإنتاج الفكري العربي، وإبراز الشخصيات البارزة التي تسهم في إنتاج وتداول الأفكار والمعارف، وتعزيز الحوار بين الفكرين العربي والأوروبي من خلال لقاءات ونقاشات.