"أخذنا مسافة من الدخول في شنآن علني مع المحامية كوثر جلال وقلت في نفسي من يبحث عن الانتحار المهني ذاك شأنه، ومن وجد ضالته أمام مرآته في البروز دائما بشكل الواثق من نفسه ولا يعلم كيف يراه المحامون فذاك، كذلك، شأنه، ومن يختلف دائما في التوجه العام والتصور العام، وربما يلقى تطبيل وتزمير الدافعين له في اتجاه الهاوية.. فكذلك هو شأنه.
لكن أن تتجه، كالعادة، الأستاذة المحامية إلى التدوين بصفحتها الخاصة، مع تمكين الصحافة، مما كالته للمحامين ومؤسساتهم قذفا وسبا وإهانة فذاك شأننا الآن.
لقد تجاوزت المحامية موقعها في التعبير عن رأيها، وتجاوزت بذلك المخالفة المهنية الموجبة للتأديب في الاحترام الواجب للمؤسسات، إلى ارتكاب جنح يعاقب عليها القانون الجنائي.
"إهانة هيئة منظمة قانونا " بنعت المحامين ووصفهم "بالبلطجية"، ولا أعتقد أن المحامية المفرنسة تعلم معنى والسياق التاريخي الذي وجد فيه مصطلح البلطجية ومعناه الحالي حسب القانون المغربي هو تكوين عصابة إجرامية.
البلطجي هو حامل السلاح المعترض للمارة في الطرق، وقذف المحامين بهذا وصف هو جنحة، حيث أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 442 من القانون الجنائي والفصل 85 من قانون الصحافة والنشر- فإن المشرع المغربي قد عرف القذف والسب بمايلي: "القذف هو ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليه أو إليها.
السب كل تعبير شائن مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا تتضمن نسبة أي واقعة معينة.
يعاقب على نشر السب أو القذف مباشرة أو عن طريق النقل حتى لو ورد هذا النشر بصيغة الشك أو كان موجها إلى شخص أو هيئة لم يعينها أو لم يحددها هذا النشر بكيفية صريحة ولكن يمكن التعرف عليها من خلال العبارات الواردة في الخطب أو الصياح أو التهديدات أو المكتوبات أو المطبوعات أو الملصقات المجرمة، وكذا المضامين المنشورة أو المبثوثة أو المذاعة.
ولا تعتبر الوقائع المثارة في تعريف القذف موجبة لتحريك دعوى القذف إلا إذا كانت وقائع يعاقب عليها القانون".
وهذا ما أكده القضاء المغربي وعلى رأسه محكمة النقض التي جاء في أحد قراراتها: "العبارات المهينة وغير اللائقة الصادرة في حق بعض الموظفين العموميين وكذا بعض الهيئات المنظمة و المنشورة عبر المقال الصحفي المومأ إليه أعلاه وكذا على صفحات الإنترنت، باعتبارهما وسيلتي نشر عمومية لا يمكن أن تكيف إلا باعتبارهما قذفا" (قرار محكمة النقض عدد 916/1 الصادر بتاريخ 19/11/2008 قرار غير منشور).
تم نأتي إلى السب وخدش الاعتبار، والسب هو المس بشرف شخص دون أن يتضمن في ألفاظه وعباراته إسناد واقعة معينة، و السب باعتباره فعلا مجرما نص عليه الفصل 443 من القانون الجنائي، كما نص عليه الفصل 85 من قانون الصحافة كمايلي: "السب كل تعبير شائن مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا تتضمن نسبة أي واقعة معينة". "لتكون عبارة البلطجية سبا واضحا علنيا يمس ويخدش اعتبار وكرامة وصفة المحامين ومؤسساتهم".
والإهانة هي كل ما من شأنه الانتقاص من الاحترام والتقدير الواجبين للإنسان، ليس بصفته هذه فحسب، ولكن بصفته الوظيفية في المجتمع. حيث يجب أن تحظى المهمة وشاغلها بالاحترام والتقدير اللازمين لتمكين متقلدها من أداء مهامه بكل كرامة واحترام وشرف، سيما وأن المقذوف المهان هنا هم محامون أطر المجتمع.
وحيث أن الألفاظ والجمل والتعابير بتدوينة المحامية تشكل إهانة للمحامين بالبيضاء، وإهانة لمهنة المحاماة بجميع هيئات المحامين بالمغرب، خاصة وأن المحامية ارتكبت عمدا المنسوب إليها رغم أن أخلاقيات وأعراف وتقاليد مهنة المحاماة تلزمها بالتزام قواعد المروءة والشرف والآداب.
ثم نأتي بالتدوينة المنشورة العلنية والموزعة إلى عبارة "تيار هدفه الوحيد زرع الفتنة كما هو معهود فيه" اتهام خطير جدا وكبير جدا ولأول مرة في تاريخ المحاماة يوجه للمحامين، برميهم قذفا بزعزعة الاستقرار العام مع حالة العود؟!
اتهام دون دليل، هدفه الإهانة والتشهير وفي مواجهة المحامين.
لننتقل بذلك إلى نشر وتعميم وتوزيع المقال المنشور في صفحة خاصة بالفايسبوك بخاصية التعميم، وهو جنحة يعاقب عليها القانون، وهو أخطر عنصر تكويني للجريمة، وهو "العلنية".
نعم لا تتم الجريمة-أية جريمة- إلا بتوفر القصد الجنائي، ويعتبر القصد الجنائي متوفرا متى نشر القاذف الخبر المتضمن للقذف علنا، ذلك أن القذف ضار بذاته لأنه يترتب عليه حتما بمجرد وقوعه تعريض سمعة المجني عليه للقيل والقال، وسواء تعمد القاذف الإضرار بسمعة المقذوف، أو لم يتعمده، فقد كان في وسعه أن يدرك أن فعلها نتج الضرر حتما وهو مسؤول عن هذه النتيجة.
وحيث انه بالرجوع إلى المقال العلني المنشور بالفايسبوك وعلى المواقع الالكترونية والمنسوب بصفة مباشرة للمحامين، يتبين للجميع أن هذه العبارات شائنة بمجرد الاطلاع عليها وتفسيرها وفهم مراميها، والحالة أن العبارات أعلاه تتضمن نسبة أفعال غير أخلاقية وغير مهنية للمقذوف، مما يفرض وجود القصد الجنائي في حق المحامية.
المحامون هم منظومة يؤطرهم القانون الخاص الذي يحدد تبعيتهم الإدارية والمالية والأدبية والمعنوية بالنقيب الممارس المنتخب من الجمعية العامة، و بالتالي إهانة المحامين هو جنحة إهانة هيئة منظمة قانونا.
ما استغرب له فعلا، هو أن محامية واحدة وحيدة اختلفت فأعلنت فشنت حربا، وجعلت جميع المحامين بالمغرب خصوما، وكالعادة بتدوينتها تتوجه للنيابة العامة موجهة لهم مقالا نصف عباراته موجبة للمتابعة الجنحية، والنصف الآخر مخالفة للأعراف والتقاليد المهنية وعلاقة المحامين ببعضهم وعدم احترام وإهانة المؤسسات المهنية وهو بذلك موجب للمتابعة التأديبية.
وأخيرا..
السيد النقيب، السادة أعضاء مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء.. أين أنتم من أفعال وأقوال وإهانة وسب وقذف وتوزيع وبث ونشر أقوال محامية مسجلة بجدول هيئة المحامين بالدارالبيضاء في حق جميع المحامين بالبيضاء؟! أنتم من تم تكليفكم من طرف المؤسسة بتدبير مصالح المحامين في وقف الجلسات، انسجاما مع قرار مكتب جمعية هيئات المحامين..
بالمغرب.. أين أنتم؟!"