رشيد لبكر: من وحي المسيرة الخضراء

رشيد لبكر: من وحي المسيرة الخضراء رشيد لبكر رفقة المرحوم والده
في احد الايام من السنوات القليلة الماصية...كنت رفقة الوالد...الحاج إسماعيل رحمه الله...نجلس على إبريق من الشاي ..نقرقب الناب ونتبادل الحديث في السياسة والدين وأحوال لعروبية، وامامنا شاشة التلفاز نصوب نحوها الانظار كلما انتهى بنا الحديث حول موضوع قبل الانتقال الى موضوع آخر...بحال ديك القضية ديال فاصل و نواصل...لا اذكر هل ديكودور اللاقط كان مثبتا ساعتها على الجزيرة او فرانس 24...اغلب الظن على اخبار هذه الأخيرة لأنها هي التي دأبت على استضافة وجوه ما وراء الجدار العازل ليخبرونا عن واد الريح...طبعا ألقينا السمع لهدرزة واحد من هؤلاء المداويخ وهو يصف المغرب بالدولة المستعمرة ، بكسر الميم،  يقول كلاما لم يعتد على سماعه الحاج رحمه الله ولا اظن  ان  سيسمعه يوما عبر الشاشة وفي قعر البيت...في لحظة التفت إلي وقال : " ولايني مسخوط هذا...". أجبته: "علاش آ الحاج" . أضاف وعلامات العجب غطت أسارير وجهه المليء بالتجاعيد: "واش اسمعتي آساير يقول"، أجبته : " اعطاوه فرصة خلليه يقول اللي بغا، شكون اسمع ليه". قاطعني : " علاش يقول اللي بغا، وهو عارف آش ساير يقول بعدا"، قلت له : " يقول إن المغرب دولة مستعمرة"، أضاف : " تاي يقول خلا دار باباه...آش عارف هو في الاستعمار ...وهو اصغر من الصغير في ولادي...الاستعمار قال ليك...عاش فيه هو بعدا باش يدوي عليه".. سكت لحظة، ثم وضع كاس الشاي بقوة وغضب حتى سمع دويه وهو يلامس الصينية : " حنا اللي عارفين اشنو الاستعمار ...القهرة والجوع... يجيو ياخذو ليك بهيمتك اللي تكساب من دارك وانت كتشوف ...باش ناكلو نشريو عبرة ديال الشعير بخدام ديال لبلاد وها العار...نمشيو نحصدو في الصمايم والحال سخون وحتى شربة ديال الما ما تذوقها و إلى كنت صايم يفطروك بزز باش تخدم..." ...ثم اكمل : " اسيدي إلى كان هادشي اللي داير المغرب في الصحرا استعمار، الله يعطينا مائة استعمار بحاولو...اويلي العيون كانت ع خيام وفيافي ولات دابا كي جنة ويقولك استعمار...باز والله ينعل اللي مابحشم...سد علي داك الزعتر...وخلليني نوض لعشا قريبة تودن"...نهض الحاج من مكانه واتجه صوب الحمام وهو يتمتم ويلوح برأسه يمينا ويسارا...ما علمت أننا تكلمنا في هذا الموضوع بعد ذلك إلى ان التحق بالرفيق الاعلى ويعلم الله ماذا سيكون رده إذا علم ان المغرب (الدولة المستعمرة قالك؟!) تربط اليوم العيون باطول طريق مزدوج بالمغرب وان الداخلة على موعد مع بناء واحد من اكبر موانئ افريقيا...صحيح لو كان هذا استعمار لتمنت كل الدول ان تستعمر اليوم قبل غذ..ولكن باز...فعلا باز.