يبدو أن قرار مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب خوض المقاطعة المفتوحة والشاملة لكل الإجراءات القضائية في المحاكم، سواء المتعلقة بالجلسات المدنية والجنائية والتجارية والإدارية، أو باقي المتعلقة بصناديق الأداءات، سيجد صعوبة كبيرة في الالتزام به من قبل قرابة 16 ألف محاميا.
فمن خلال تواصل جريدة "أنفاس بريس" مع عدد من المحامين والمحاميات، كشفوا تحفظهم على هذا الشكل الاحتجاجي الذي سيشرع في تنزيله ابتداء من فاتح نونبر 2024، إلى أجل غير معلوم، "لقد اتخذت جمعية هيئات المحامين بالمغرب هذا القرار التصعيدي، وهو ما أيدته بلاغات نقباء 17 هيئة، ونحن ليس بوسعنا سوى تنفيد القرار، لكن بشروط، من بينها: اتخاذ خطوات أكثر جرأة وذلك بربط اتصالات وعقد اجتماعات على أعلى مستوى، ونحن من سيعنيهم الالتزام بهذه المقاطعة الشاملة، ونحن من سيتحمل تبعات هذا الشكل الاحتجاجي، وهو ما يفرض تضامنا جماعيا للمحامين على مستوى جميع الدوائر القضائية، لأنه بدون تضامن الزميلات والزملاء سيبقى قرار الجمعية هو والعدم سيان"، يقول أحد المحامين، متسائلا في نفس الوقت، "ماذا أعدت الجمعية والهيئات معها لوضع توازن مع المقاطعة المقررة؟ من حيث الجانب المادي للزميلات والزملاء، ومن حيث الشكايات التي قد تتقاطر على الوكلاء العامون من قبل موكليهم، هل هناك تنسيق مع هذه الجهات أم أن هناك لقاءات مرتقبة معها؟ وهل هناك ضمانات لتجنيبنا متابعات تأديبية؟".
هيئة الدار البيضاء الذي تضم أكثر من ثلث عدد المحامين على الصعيد الوطني، علمت جريدة "أنفاس بريس"، أن نقاشات واسعة تدور عبر منصات التواصل الاجتماعي، من حيث كيفية التوازن بين الاحتجاج وحفظ مصالح الموكلين، وأيضا حفظ مصالح المحامين، ما دام أن المهنة حرة، وكل توقف عن العمل سيؤثر سلبا على مدخول هذا المكتب أو ذاك، وبالأخص، خوض شكل احتجاجي مفتوح، لايعرف سقفه الزمني في ظل تجاهل ولا مبالاة وزارة العدل والحكومة ككل.
ومن المنتظر أن يشكل اللقاء التواصلي لنقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، محمد حيسي، عصر يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2024، اختبارا كبيرا لمدى التزام أكبر هيئة بقرار مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب والتي هي جزء منه.
وقبل ذلك علمت جريدة "أنفاس بريس"، أن عددا من الرسائل توصل بها النقيب حيسي، من مكاتب المحاماة، تشعره بأنها لن تلتزم بقرار الجمعية حول التوقف الكلي والشامل عن ممارسة مهام الدفاع، بما يشكله ذلك من مساس لمصالح المتقاضين، وكذا مصالح هذه المكاتب.
ومقابل هذا التوجه الذي يتحفظ على التوقف الكلي والشامل عن ممارسة مهام الدفاع، فإن غالبية رواد فضاء التواصل الذي يضم جميع محاميي المغرب يؤكد على تبني هذا الشكل الاحتجاجي، بدليل أن جميع نقباء الهيئات 17 اصدروا بلاغات مؤيدة لقرار مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بل إن بعض النقباء دعوا للالتزام بالمقاطعة الشاملة تحت طائلة تأديب كل مخالف للقرار.
ووفق بعض المحامين، فإن قرار المقاطعة الشاملة لمهام الدفاع لم يكن باختيار مكتب الجمعية، وإنما هو استجابة لطلب القواعد بمختلف الهيآت، خصوصا الشبابية.
وحول المساس بمصالح المتهمين، أكدت محامية أن الدستور حمل مسؤولية الحفاظ على مصالح المواطنين للقضاء وليس للمحامين، وأن ما يعتبر مخالفة مهنية هو التواطؤ على عرقلة سير العدالة، والعرقلة تكون بمنع انعقاد الجلسات ومنع القضاة من دخول القاعات، أما والحال أن المحامين من سيمتنعون عن دخول القاعات وعدم ممارسة باقي الإجراءات في المؤسسات العمومية من قبيل المحافظة العقارية أو غيرها، فهو حق دستوري في الاضراب لا علاقة للسلطة القضائية به.
يذكر أن خوض مقاطعة شاملة لمهام الدفاع، يعد فريدا من نوعه في تاريخ المحاماة بالمغرب، إذ لم يسبق خوضه في عز المواجهة بين جمعية هيئات المحامين بالمغرب ووزارة العدل وغيرها في زمن الرصاص.. فهل يسعى الوزير وهبي للعودة بالمحامين لهذا الزمن السابق؟