"الخبز الذي يُطهى في محلات الأفرنة التي انتشرت كالنار في الهشيم لا يلتزم بأي معايير صحية، والسبب هو أن درجات الحرارة التي يُطهى فيها الخبز لا تسمح بأن يكون صحياً."
"كل ما يُقال حول عدم توفر الخبز الصحي في محلات الأفرنة غير صحيح، لأنه يُطهى بشكل صحي وفق درجات حرارة مناسبة."
الاختلاف في وجهات النظر بين صاحب الرأي الأول، الذي يمثل بعض أرباب المخابز في الدار البيضاء، وصاحب الرأي الثاني، الذي يدافع عن أصحاب محلات الأفرنة، يبرز بشكل واضح الأزمة التي اندلعت مؤخرًا بين الطرفين حول مدى الحرص على جودة طهي الخبز في هذه المحلات، التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة في العديد من الأحياء البيضاوية.
فقد أصبحت محلات الأفرنة مصدر رزق للعديد من الشباب، حيث يُعجن الخبز ويُطهى في نفس المكان ويُباع بأسعار منخفضة، إذ يكفي دفع خمسون سنتيمًا لشراء خبزة من الحجم الصغير.
هذا الوضع لاقى استحسان العديد من المواطنين الذين أقبلوا على هذه المحلات بشكل كبير.
ولا تقتصر هذه المحلات على بيع الخبز فحسب، بل تعدّ أيضًا أنواعًا مختلفة من "الكرواسان"، مما خلق منافسة قوية لأرباب المخابز التقليدية والعصرية.
وفي تصريح لصاحب محل أفرنة الخبز ل "أنفاس بريس"، قال: "الخبز الذي نعده صحي ولا يحمل أي رائحة للغاز، الله يهدي أرباب المخابز، لا يستطيعون القيام بهذه الخدمة. أنا أعمل في هذه الحرفة منذ 40 عامًا، والتكاليف مرتفعة جدًا، أستأجر المحل بـ 1500 درهم، وأتحمل تكاليف الدقيق، الغاز، الماء، والكهرباء".
يدافع صاحب المحل بشدة عن حقه في ممارسة هذا النشاط التجاري، مؤكدًا أن هذا القطاع يقدم خدمة للمواطنين طوال أيام السنة دون توقف، سواء في المناسبات أو الأعياد الدينية، كما يحدث في عيد الأضحى.
وأضاف: "في الأعياد، يجد الناس فقط محلات الأفرنة مفتوحة بسبب إغلاق العديد من المخابز، والله يهدي أرباب المخابز."
على الرغم من هذه الدفوعات، لا يقتنع العديد من أرباب المخابز، الذين بدأوا في التحرك ضد هذه المحلات، مؤكدين أن هذا القطاع غير المنظم يشكل خطرًا على صحة المواطنين، بالإضافة إلى كونه منافسًا شرسًا لقطاع المخابز الذي يتحمل العديد من الالتزامات.
وقال رشيد جبالي، الناطق الإعلامي للحركة الاحتجاجية لأرباب المخابز، في تصريح ل "أنفاس بريس": "قطاع المخابز يعاني من كساد أدى إلى إغلاق نسبة تصل إلى 70٪ من المخابز التقليدية، ويعود ذلك بشكل كبير إلى ظهور قطاع عشوائي لا يحترم معايير طهي الخبز. فعملية الطهي تتطلب درجة حرارة تتراوح بين 200 و300 درجة مئوية، وهذا لا يتوفر في محلات الأفرنة التي انتشرت مؤخرًا، حيث تتراوح درجات الحرارة التي يُطهى فيها الخبز بين 80 و100 درجة مئوية، ما قد يسبب مشاكل صحية للمستهلكين سواء على المدى المتوسط أو البعيد".
ويطالب العديد من أرباب المخابز بالتحرك العاجل لوقف نشاط محلات الأفرنة، مؤكدين أن استمرار هذا القطاع يشكل تهديدًا لصحة المواطنين وضربة قاضية للقطاع المنظم.
وإذا كان قطاع محلات الأفرنة يشكل قضية تؤرق العديد من أرباب المخابز، فإنه ليس القضية الوحيدة التي تشغلهم، بل هناك ملفات أخرى من أبرزها البرنامج التعاقدي.
الكاتب العام لوزارة الفلاحة، أكد في اللقاء الأخير الذي عقده مع الجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، أن الحكومة مستعدة لتوقيع وتفعيل مشروع البرنامج التعاقدي المتوافق عليه، وأن الحكومة والجامعة مدعوتان للشروع في التداول حول السبل والخطوات العملية لتنزيله على أرض الواقع في أقرب الآجال.
من جهته الحسين أزاز، الرئيس المنتدب للجامعة الوطنية للمخابز والحلويات بالمغرب، أكد خلال هذا الاجتماع، على ضرورة البحث عن الإجراءات الكفيلة بإنجاح هذا المشروع، وتهيئة الأرضية المناسبة للنهوض بالقطاع وإخراجه من الأزمة التي يعاني منها منذ سنوات.
وأضاف الحسين أزاز، أن تحقيق هذا الهدف لن يتم إلا من خلال إيجاد حلول مناسبة للقضايا التي تشغل المهنيين، وتتعلق أساسًا بمعالجة مشكلة المنافسة التي وصفها بغير الشريفة، الناجمة عن تفشي ظاهرة المنتجات غير المنظمة وهيمنتها على السوق. كما طالب بسن القانون المنظم لمهنة الخبازة والحلويات لحماية القطاع من المزاولين غير القانونيين وضمان جودة وسلامة منتجاته.
فهل سيدخل المسؤولون لإيجاد حل للأزمة الحالية بين أرباب المخابز وأصحاب محلات الأفرنة؟ أم سيكتفون بالتفرج وانتظار الجهة التي ستنتصر في هذه المعركة الوجودية؟!