مسؤول بمجلس حقوق الإنسان يكشف فظاعات لوبي العقار والوداديات السكنية

مسؤول بمجلس حقوق الإنسان يكشف فظاعات لوبي العقار والوداديات السكنية جانب من المائدة المستديرة حول ضحايا الوداديات السكنية والعقار بالمغرب
أكد محمد الهاشمي، مدير الدراسات والتوثيق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن موضوع لوبيات العقار والوداديات السكنية في المغرب، يثير العديد من الإشكالات القانونية والاجتماعية والاقتصادية، التي تؤثر على حقوق مجموعة من المواطنين والمواطنات، من خلال ممارسات منافية للقانون كتزوير الوثائق والعقود والتحايل القانون.
جاء ذلك في كلمة له، الجمعة 25 أكتوبر 2024، بمناسبة تنظيم
سكرتارية التنسيق الوطني لضحايا الوداديات السكنية والعقار بالمغرب، مائدة مستديرة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "أية ضمانات لحقوق ضحايا لوبيات العقار والوداديات السكنية في إطار مشروع المسطرة الجنائية".

وأوضح محمد الهاشمي أن تسيير العديد من الوداديات السكنية، يتم بطريقة غير قانونية، وغير شفافة، مع غياب الرقابة المالية والإدارية، مشيرا أنه في بعض الحالات، يتم تأسيس، وداديات سكنية بغرض الاحتيال على الأفراد، وجمع الأموال دون نية حقيقية في إنجاز المشروع، ويتم جذب الضحايا عبر وعود بمساكن بأسعار مغرية، لكن بعد دفع الأموال، تختفي الودادية، أو يتوقف المشروع تماما.

وأضاف المتحدث ذاته أن التحدي الرئيسي لهذه الظاهرة، يكمن في ضعف الحماية القانونية لحقوق الملاك العقاريين، فرغم اعتماد القانون 16-69 سنة 2017 والذي بموجبه تم تعديل المادة 4 من القانون 39.08 مدونة الحقوق العينية ،بمثابة إدراج الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بموجب عقد رسمي أو من لدن محام مؤهل مقبول لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلا أن الإشكاليات المتعلقة بتطبيقه لاتزال تشوبها بعض الاكراهات التي تتجلى أساسا في صعوبة التصدي لظاهرة تزوير الوكالات العقارية التي تستخدم للاستيلاء على ممتلكات الغير دون علمهم.
وحسب المتحدث ذاته، يظل التنفيذ العملي، لهذا التشريع معقدا بسبب صعوبات الرقابة الفعالة على العقود والوكالات كما أن التأخر في البت في القضايا القضائية المتعلقة بالاستيلاء العقاري يؤدي إلى تعميق معاناة الضحايا، الذين غالبا ما يواجهون مسارا قانونيا طويلا ومعقدا، كما أن ضعف التوعية القانونية بين المواطنين، والمواطنات يجعل الكثيرين عرضة للاستغلال دون معرفتهم الكافية بالإجراءات القانونية ذات الصلة بالملكية العقارية التي تحمي حقوقهم .

وشدد على أن هناك تحديات مرتبطة بالوداديات السكنية، وأدوارها في غياب إطار تشريعي خاص ينظم عملها بشكل دقيق، حاليا، يتم تنظيم هذا النوع من الوداديات بموجب ظهير 15 نوفمبر 1958 الذي ينظم الحق في تأسيس الجمعيات، وهو قانون ذا طابع عام لا يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأنشطة العقارية، مما يخلق ثغرات قانونية يستغلها بعض المسيرين. بما في ذلك، سوء إدارة الموارد المالية داخل الوداديات. وتحرير وعود بالبيع، يتم على أساسها ضخ دفعات متفاوتة، غالبا ما تكون مبنية على أسس غير قانونية ولا تضمن حقوق المنخرطين. وهو ما يزيد من احتمالية تعرضهم للنصب والاحتيال. هذه الممارسات تنتهك الأسس القانونية لصفة الجمعيات غير الربحية، كما تمثل استغلالا غير مشروع لأموال الغير .

وأفاد أن مواجهة هذه الإشكالات وتعزيز حماية حقوق الضحايا، يستدعي اعتماد مجموعة من الإصلاحات عبر مداخل متعددة من بينها:

1. استعجال التحقيق
تتطلب القضايا التزوير، خصوصا المتعلقة بالاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، مقتضيات قانونية تلزم بمجرد الاشتباه في وجود جرائم عقارية. إلى تكوين فرق تحقيق متخصصة في هذا النوع من الجرائم، قادرة على كشف عمليات التزوير بدقة وجمع الأدلة بشكل سريع. كما أن التأخير غير المبرر في الفصل في النزاعات العقارية، تفرض أكثر من أي وقت مضى تحديد آجال زمنية معقولة للمحاكمات العقارية وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها.

2. وضع حلول مبتكرة لتعويض الضحايا.
ومن جهة أخرى، فإن المحاكمات غالبا حينما تنتهي بإدانة المتورطين في جرائم عقارية مثل التزوير أو الاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، مؤكدا أن ذلك لا يضمن للضحايا استرداد حقوقهم المالية بشكل فوري، سواء كانت عقارات أو أموال. ويظل الضحايا عاجزين عن استعادة ممتلكاتهم أو الحصول على تعويضاتهم المالية، خاصة إذا كان الجناة غير قادرين على الدفع أو كانت الإجراءات القضائية تستغرق وقتا طويلا لتنفيذ الأحكام. في هذا الإطار، يمكن اعتماد نظام "صندوق الضمان للضحايا" على غرار النموذج الفرنسي ، الذي يوفر تعويضات مبدئية للضحايا، ثم تتولى الدولة أو هيئة معنية بتحصيل المبلغ من الجناة أو المدانين.

3. الدعم القانوني للضحايا
ويعد الدعم القانوني المجاني أمرا بالغ الأهمية لضمان تمثيل عادل وفعال للضحايا، خاصة وأن الفئات المتضررة غالبا ما تفتقر إلى الموارد المالية والقوة اللازمة لمواجهة الوبيات، وتكون دائما بحاجة إلى مساعدة قانونية مجانية تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم. على سبيل المثال، في السويد، يتم توفير دعم قانوني مجاني للضحايا في القضايا المعقدة، بما في ذلك القضايا العقارية، مما يتيح للضحايا الوصول إلى المحامين والخبراء القانونيين دون أن يشكل العبء المالي عائقا أمامهم لولوج القضاء.

4. تشديد الرقابة على المهنيين
من زاوية أخرى تعتبر الرقابة على المهنيين المتخصصين في تحرير العقود العقارية، مثل الموثقين والعدول والمحامين، أمرا بالغ الأهمية لضمان حماية حقوق الأطراف ومنع التلاعب في العقود. ويتطلب الأمر إجراءات وقائية دقيقة، تتمثل في تفعيل نظام المراقبة الإلكترونية للعقود تسمح بتسجيل وتوثيق العقود بشكل مركزي، بحيث يتم مراقبة جميع العقود والتأكد من صحتها قبل تسجيلها النهائي في مصالح التسجيل العقاري. كما يمكن إدراج آلية التصديق المزدوج حيث يكون توقيع عقد أو وثيقة ملكية يتطلب تصديقا من جهة قانونية محايدة أخرى مثل القاضي أو مفوض قضائي للتقليص من احتمالات إمكانية التلاعب أو التزوير. إضافة إلى ذلك، ينبغي توحيد عقوبة التزوير بين المهنيين والمعنيين بتوثيق المحررات العقارية ، فضلا عن الرقابة المالية على مكاتب المهنيين يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن أي تعاملات مشبوهة.

5. وضع إطار قانوني خاص بالوداديات السكنية ينظم جميع جوانب عملها بشكل أكثر دقة وشمولية. حيث ينبغي أن يتضمن الإطار القانوني المقترح عدة جوانب أساسية: تأسيس الوداديات وإدارتها، وضمان الرقابة المالية الصارمة عبر تقارير دورية للمكاتب المسيرة لها، وفرض إلزامية توثيق العقود العقارية لحماية حقوق المساهمين. إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر إجراءات عقابية صارمة ضد المتورطين في الاحتيال، وتفعيل آليات لحماية حقوق المساهمين، بما يضمن لهم المشاركة في اتخاذ القرارات والطعن في القرارات الإدراية.