أنور الشرقاوي: التلميذة.. البغل والكسـر المُـقعِـد في المرفق

أنور الشرقاوي: التلميذة.. البغل والكسـر المُـقعِـد في المرفق الدكتور أنور الشرقاوي
يحدث هذا في مغرب أكتوبر 2024 
في منطقة قاحلة ومنسية من "واد زم"، تصعد طالبة ضعيفة كل يوم على ظهر بغل عجوز لتصل إلى مدرستها.
في صباحٍ ما، اختل توازن البغل فجأة، فسقطت الطفلة على الأرض.
صوت ارتطام مرفقها بالأرض كان كافياً ليخبرنا بأن الألم الذي شعرت به لن يفارقها أبدًا. 
والداها، المرهقان من الفقر والتقاليد القديمة، لجآ إلى معالجي القرية التقليديين. 
كانت تلك هي الخطوة الخاطئة. 
بضع حركات غير محسوبة أدت إلى كسر معيب، والتواء في ذراعها سيظل معها للأبد، ليصبح عائقاً دائماً بعد أن كان مجرد إصابة عابرة.
في هذه المنطقة المهملة، المستشفى العام يشبه كثيرًا غيره من مستشفيات الوطن: قشرة فارغة. لا معدات، ولا أطباء مؤهلين، ولا موارد لإصلاح الأخطاء التي خلفتها الطرق التقليدية. 
هكذا تحولت الطفلة إلى رمزٍ لمأساة أكبر، مأساة نظام صحي عاجز وسياسات غافلة عن آلام المواطنين الأكثر بؤسًا.
أمام هذا العجز العام، علم أحد الجراحين في عيادة خاصة بالقصة. وبرغم تعقيد الحالة، قبل الجراح، بدافع من الشفقة أكثر من الأمل، أن يحاول المستحيل. 
ولكن ما الذي يمكنه فعله حقًا في وجه هذه المظالم التي تتجاوز قدراته كجراح؟ 
وكم من الأطفال مثل هذه الطفلة يجب أن يتحملوا تلك اللامبالاة، بينما يظل الساسة منشغلين عنهم، غارقين في غفلتهم وأنانيتهم؟