فؤاد زويريق: فيلم ''ذاكرة للنسيان'' للهواري غباري.. ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان طنجة

فؤاد زويريق: فيلم ''ذاكرة للنسيان'' للهواري غباري.. ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان طنجة فؤاد زويريق وملصق فيلم ''ذاكرة للنسيان'
يستند المخرج في فيلمه هذا على ثنائية المقدس والمدنس، الطهارة والنجاسة، والمسجد هنا هو فضاء تضارب هذه الثنائية، التي لم يتم اعتمادها للكشف عن جوهر وعمق الفكرة إيديولوجيا أو فكريا بل لرسم صورة بأبعاد اجتماعية مبسطة لوضعية المرأة ومعانتها في المجتمع الذكوري، من الطفولة إلى الكبر مرورا بالمراهقة. ابتعد المخرج عن الخطاب المباشر في تناوله لهذه الزاوية، واعتمد على اللغة البصرية والرمز لإيصال فكرته؛ الأحداث في الفيلم ليست أحداثا بمفهومها الدرامي بقدر ما هي صور من عمق المجتمع القروي تعكس لنا بوضوح وضعية المرأة فيه؛ وهي وضعية حسب الفيلم بها الكثير من المعاناة والمأساة، فتبعيتها للرجل بشكل مطلق، بالإضافة إلى الجهل والفقر، كلها أمور جعلت منها كائنا مهمشا لا شخصية له، فهي الحلقة الأضعف داخل هذا المجتمع...لامس الفيلم وضعية المرأة فنيا من خلال إنجاز الكثير من اللوحات السينمائية رَسمت بألوانها الخافتة ولغتها المتمكنة وسردها السلس ملامح المجتمع الذكوري، فالمرأة هنا مجرد عنصر من بين العديد من العناصر التي شكّلت في عمقها الصورة الأكبر وهي المجتمع ككل.

فيلم ”ذاكرة للنسيان” هو فيلم قصير لم يتجاوز 23 دقيقة، ورغم ذلك نجح في بناء عقدة خاصة به معتمدا على التكثيف والإيجاز، وهي تطور شخصية المرأة من بنت مستسلمة خاضعة إلى بنت متمردة ثائرة، ثم إلى امرأة قادرة مستقلة بكيانها وشخصيتها الخاصة، وقد ساعد على ذلك التشخيص الجيد للممثلين الذي أجادوا نقل الانفعالات الداخلية والنفسية للشخصيات بشكل سهّل الوصول إلى رؤية المخرج بشكل سلس.

“ذاكرة للنسيان” ليس أول فيلم للمخرج المغربي الهواري غباري، فقد سبقته أعمال روائية قصيرة أخرى هي (البزطام، تفاحة، بوخنشة، طفل الحب، النشبة)؛ لكن هذا الفيلم بالذات يختزل بعمق فني جمالي متمكن وناضج التيمة التي اعتمد عليها في تجاربه وهي المرأة.