بن الماحي: محكمة العدل الأوروبية.. قرارات متناقضة وانتهاكات للقانون وغياب الاختصاص

بن الماحي: محكمة العدل الأوروبية.. قرارات متناقضة وانتهاكات للقانون وغياب الاختصاص محمد بن الماحي
في قرار غير مسبوق يناقض قواعدها الداخلية، قضت محكمة العدل الأوروبية (CJUE) يوم الجمعة 4 أكتوبر 2024 بإلغاء  الاتفاقيتين التجاريتين التي سبق توقيعهما بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي في عام 2019.
 
- محكمة العدل الأوروبية: تناقضات، انتهاكات وغياب الاختصاص 
قضت المحكمة، بنية سيئة، بأن “الاتفاقيتين الموقعتين في عام 2019 والمتعلقتين بالصيد البحري والزراعة، قد تم توقيعهما بتجاهل مبادئ تقرير المصير لشعب الصحراء”، متجاهلة سيادة المملكة على أراضيها كلها وضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات التى أبرمتها بعض حكومات الدول الأوروبية مع المملكة المغربية. 

هذه المحكمة المنحازة، والتي  ليست مختصة للبت في مثل هذه القضايا، لم تكلف نفسها عناء التحقق من الحقائق أو الوسائل التي استندت إليها في إصدار حكمها. لم تقم بالتواصل مع الممثلين الشرعيين لسكان الأقاليم الصحراوية المغربية لتكوين قناعة مبنية على اليقين والواقع.

وهكذا، فإن المحكمة التي يقع مقرها في لوكسمبورغ، والتي ليست مختصة من الأصل، قد أصدرت قراراً يشوبه العيب في الشكل، دون احترام الوضع القانوني للأطراف الموقعة على الاتفاق وفقاً لاختصاصاتها. 

- غياب اختصاص المحكمة الأوروبية 
يتمثل دور محكمة العدل الأوروبية في:
* تفسير القانون (الأحكام التمهيدية): يجب على المحاكم الوطنية في دول الاتحاد الأوروبي ضمان التطبيق السليم لقانون الاتحاد. ومع ذلك، قد تفسره المحاكم في بلدان مختلفة بطرق مختلفة. في حال وجود شك لدى محكمة وطنية حول تفسير أو صحة قانون أوروبي، يمكنها طلب توضيح من المحكمة.

* تطبيق القانون (الإجراءات المتعلقة بالتقصير): يتم رفع هذه القضايا ضد حكومة وطنية لعدم احترام قانون الاتحاد الأوروبي. قد تُبادر بها المفوضية الأوروبية أو دولة عضو أخرى. إذا تم الحكم ضد دولة، يجب عليها تصحيح الوضع فوراً تحت طائلة العقوبات.

* إلغاء القوانين الأوروبية (الطعون بالإلغاء): إذا تم الحكم على قانون أوروبي بأنه مخالف للمعاهدات الأوروبية أو للحقوق الأساسية، يمكن للمحكمة إلغاؤه بناءً على طلب إحدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي أو، في بعض الحالات، البرلمان الأوروبي. يمكن أيضاً للمواطنين الأوروبيين طلب إلغاء قانون يمسهم بشكل مباشر.

* ضمان اتخاذ الاتحاد الأوروبي للإجراءات اللازمة (الإجراءات المتعلقة بالتقصير في الأداء): يجب على البرلمان والمجلس والمفوضية اتخاذ قرارات في ظروف معينة. إذا لم يتم ذلك، يمكن لحكومات الاتحاد الأوروبي أو مؤسسات أخرى تقديم شكوى إلى المحكمة.

* فرض عقوبات على مؤسسات الاتحاد الأوروبي (الدعاوى المتعلقة بالأضرار): يمكن لأي شخص أو شركة تضررت من فعل أو تقصير صادر عن الاتحاد الأوروبي رفع دعوى أمام المحكمة للحصول على تعويض. 
من المهم الإشارة إلى أن محكمة العدل الأوروبية ليست محكمة العدل الدولية التي لها صلاحية النظر في النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. 

المحكمة الاوروبية المصدرة لقرار باطل، هي فقط مختصة بالفضاء الجغرافي للاتحاد الأوروبي ورعاياه فقط. 
وبالتالي، فإن الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مع ملاحقه المتعلقة بتبادل الرسائل (البروتوكولات رقم 1 ورقم 4)، الذي دخل حيز التنفيذ في 6 يوليو 2019 بعد توقيعه في بروكسيل، يقع خارج اختصاصها، سيما وانه لم يسبق لاية دولة اوروبية، صاحبة الصفة والمصلحة، ان تقدمت بالطعن. 

- هيئات المحكمة 
تنقسم محكمة العدل الأوروبية إلى محكمتين:
* محكمة العدل: تتناول الطلبات التمهيدية من المحاكم الوطنية وكذلك بعض الطعون بالإلغاء والاستئناف.
* المحكمة العامة: تبت في الدعاوى المقدمة من الأفراد والشركات، وفي بعض الحالات، من حكومات الاتحاد الأوروبي. تختص هذه المحكمة أساساً في قضايا المنافسة، ودعم الدولة، والتجارة، والزراعة، والعلامات التجارية. 
تختص المحكمة بتسوية النزاعات بين الدول الأعضاء فيما يتعلق بتفسير القوانين والمعاهدات، والفصل في المسائل المقدمة من المحاكم الوطنية، وتقييم شرعية تصرفات مؤسسات الاتحاد الأوروبي. 

مناقشة: غياب مزدوج للاختصاص 
لا تستند قرارات  المحكمة الاوروبية بشأن اتفاقيتي الصيد البحري والزراعة لعام 2019 بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى أي أساس قانوني في القانون الدولي فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.

في الواقع، أدرجت المحكمة مفاهيم ذات تحيز سياسي في قرارها الصادر في 4 أكتوبر 2024، مما يدل بوضوح على أن هذا الحكم تأثر بالاعتبارات السياسية ويضر بسيادة شريك للاتحاد الأوروبي.
 
تناقضات المحكمة الأوروبية في أوجها 
قبلت محكمة العدل الأوروبية عمداً طلباً مقدماً من “البوليساريو”، وهو كيان لا يمتلك الأهلية القانونية  للتقاضي او لرفع دعاوى، للطعن في اتفاق لم يكن طرفاً فيه، في تناقض صارخ مع قراراتها الصادرة في 2015 و2019. 
إن العنصر الأساسي في شرعية أي قرار قضائي هو احترام القوانين والسوابق القضائية.

ومع ذلك، أصدرت المحكمة قراراً غير متسق في 2024، حيث اعترفت بالبوليساريو كـ”ممثل للشعب المغربي”، رغم غياب أي أساس قانوني وضاربة بعرض الحائط السيادة المغربية على اراضيها كاملة .

ومن أغرب الأمور، أن المحكمة نفسها ذاتها قد اقرت سابقاً في عام 2015 بعدم وجود أي وضع قانوني لهذا الكيان، مما يجعل قرار 2024  متناقض مع قرارها السابق وغير منطقي وبدون أساس. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن بروتوكول اتفاقية الصيد البحري، الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي توفر كمية كبيرة من الأسماك للدول الأعضاء، انتهت صلاحيتها في 17 يوليو 2024.

ومما يثبت أن هناك "إن" فإن ثلاثة قضاة ممن "كلفوا "بإصدار القرار الباطل، غادروا مناصبهم مباشرة بعد "فعلتهم" التي لاتعني المملكة المغربية والتي لم تكن طرفا فيها.
 
محمد بن الماحي/ محامٍ لدى محكمة النقض