مصطفى الخياط: تنمية الصناعة البحرية هي مفتاح السيادة الاقتصادية للمغرب

مصطفى الخياط: تنمية الصناعة البحرية هي مفتاح السيادة الاقتصادية للمغرب مصطفى الخياط، مستشار الفدرالية العربية للغرف البحرية
يرى مصطفى الخياط، مستشار الفدرالية العربية للغرف البحرية أن تطوير الصناعة البحرية المغربية سيؤدي إلى إنشاء خطوط نقل بحري جديدة، خاصة إلى البلدان الإفريقية والأوروبية والأمريكية، وهو ما سيؤدي إلى خلق سوق مزدهر للأسطول البحري المغربي، وجذب الاستثمار الأجنبي في بناء السفن وإصلاح السفن، وإنشاء العديد من شركات النقل البحري.



صدر تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي حول صناعة السفن في المغرب فماهي قراءتك لمضامين هذا التقرير ؟
إن العرض الذي قدمه رئيس اللجنة الاقتصادية والاجتماعية مهم للغاية فيما يتعلق بمستقبل صناعة بناء وإصلاح السفن في المغرب. لقد أهمل السياسيون هذه الصناعة والنقل البحري لفترة طويلة. ولحسن الحظ، أفلت قطاع الموانئ من هذا التهميش ليصبح من بين أنجح القطاعات في منطقة البحر الأبيض المتوسط (مشروع طنجة المتوسط ومشروعي الناظور والداخلة). صناعة بناء السفن وإصلاحها هي صناعة تشمل العديد من صفقات الموردين لبناء السفن وإصلاحها. إنها تنافسية. حيث يهيمن العمالقة على السوق. ولهذا السبب، فإن إدخال هذه الصناعة بالنسبة لبلادنا يعتبر منطقيا أولوية وضرورة. لكن هذا يتطلب سياسة واضحة وشاملة تشمل الصناعة البحرية بأكملها: البناء والإصلاح والنقل البحري (الأساطيل والموانئ)، وأن يسمح لنا الوافدون الجدد إلى هذه الصناعة البحرية المعقدة بالتعلم من نجاحاتهم والتحديات التي يواجهونها.


في نظرك، ماهي أسباب ضعف صناعة السفن في المغرب ؟ ولماذا فشل المغرب في جذب المستثمرين في القطاع على غرار صناعة السيارات والطائرة ؟
لا أعتبر أن المغرب قد أعطى ظهره للبحر تاريخيا، فقد أثبتت الأبحاث التاريخية أهمية القطاع البحري في التاريخ البحري للمغرب. المفارقة في ظل الحماية كانت هناك سياسة بحرية تشمل الأسطول البحري وحوض بناء السفن. حتى بداية الثمانينات كانت هناك سياسة بحرية، ولكن للأسف منذ التسعينات دخل القطاع في أزمة هيكلية، وقد اقترحت دراسة وضع استراتيجية جديدة للأسطول البحري المغربي والبحرية التجارية والموانئ، لكن للأسف لم يتن تنفيذ الإصلاح، نحن بحاجة الى منفذ فقط .

هناك من يرى أن المغرب نجح في كسب رهان تطوير بنياته التحتية وضمنها الموانئ حيث يتوفر المغرب على أكبر ميناء في إفريقيا، فلماذا لم يوازي هذا المجهود تطوير أسطول مستقل كفيل بضمان استقلاله الاقتصادي وبقائه رهينة بيد الأساطيل الأجنبية ؟
المغرب تمكن من إنجاز أكبر ميناء في البحر المتوسط طنجة المتوسط، ولم يوازي تلك الجهود تطوير مشروع بحري مستقل كفيل بضمان استقلاله الاقتصادي، كما تم إهمال النقل البحري والصناعة البحرية عندما تم اختيار الخيارات الاستراتيجية للصناعات الكبرى، وهذا حقًا خطأ لا يغتفر بالنسبة لبلد بحري، حيث اخترنا الدخول العميق في القطاعات الصناعية (السيارات، الطيران، الإلكترونيات، المواد الكيميائية، الصناعات الغذائية الزراعية، إلخ) ونسينا أهمية توفير النقل البحري، ولحسن الحظ، وبعد خطاب الملك، عادت الصناعة البحرية كخيار ذو أولوية لدى السلطات العمومية في المغرب. إن غزو الأسواق العالمية وتأمين الإمدادات للمغرب يتطلب تنمية حقيقية للقطاع البحري بأكمله.

ماهي الأسواق المتوقعة التي يمكن للمغرب تعزيز موقعه داخلها في حالة تطوير أسطوله التجاري الخاص ؟
نحن بحاجة الى تحقيق السيادة الوطنية في جميع الأنشطة البحرية، ولا سيما في حركة الركاب التي تخص فئتين هما RME والسياح الأجانب. دون أن ننسى شعار" البضاعة تتبع السفينة". ولا يمكن السيطرة على السلاسل اللوجستية البحرية إلا من خلال وجود أسطول بحري مغربي تنافسي وإدارة بحرية مبتكرة. إن جميع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص مدعوون إلى العمل معا لإنجاح الصناعة البحرية المغربية.

ماهي المكاسب التي سيجنيها المغرب من تطوير صناعة السفن وتوفير أسطول مستقل؟
من المؤكد أن تطوير الصناعة البحرية المغربية سيؤدي إلى إنشاء خطوط نقل بحري جديدة، خاصة إلى البلدان الإفريقية والأوروبية والأمريكية، حيث ستؤدي هذه الخطوط البحرية إلى خلق سوق مزدهر للأسطول البحري المغربي. كما سيؤدي هذا التطور المتكامل للصناعة البحرية إلى جذب الاستثمار الأجنبي في بناء السفن وإصلاح السفن، وإنشاء العديد من شركات النقل البحري.

من المعلوم أن عدد من البلدان الأسيوية كانت إلى عهد قريب لا تتوفر على صناعات بحرية إلى عهد قريب مثل كوريا والهند والصين فماهي الوصفة التي جعلت هذه البلدان رائدة في مجال الصناعات البحرية ؟
بدأت الدول الآسيوية مثل كوريا الجنوبية وتايوان والصين وفيتنام والهند وغيرها من لا شيء تقريبًا منذ الستينيات لتصبح الدولة القوية في جميع الأنشطة البحرية. لقد قمت بعمل متعمق حول هذا السؤال وتمكنت من العثور على إجابة مفادها أن الدولة لعبت في هذه البلدان دورًا حاسمًا في التنمية المستدامة للأنشطة الصناعية بشكل عام والأنشطة البحرية بشكل خاص. لقد أدركت الدولة أنه بدون صناعة بحرية متطورة فإن بقية النسيج الصناعي يخاطر بفقدان ثقله في الاقتصاد الوطني وقدرته التنافسية على المستوى الدولي. إن السيطرة على الصناعة البحرية هي مفتاح الاستقلال الاقتصادي وتأمين السيادة الاقتصادية.