محمد عزيز الوكيلي: تقسيم الصحراء المغربية.. هل يريد دي ميستورا العودة بالملف إلى نقطة الصفر!!

محمد عزيز الوكيلي: تقسيم الصحراء المغربية.. هل يريد دي ميستورا العودة بالملف إلى نقطة الصفر!! محمد عزيز الوكيلي
الفكرة التي طرحها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دي ميستورا، لم تأتِ بأي جديد إلى هذا النزاع المفتعل، الذي يُفترَض أن يأتي إليه هذا المبعوث بقيمة مضافة كيفما كان نوعها، بما يمكن أن ينم عن فهمه العميق لهذا الملف، بعد أن قضى ردحاً من الزمن الدولي وأنفق من المال الدولي في دراسته، وفي الاتصال بأطرافه، وأيضاً بغير أطرافه كما فعل عند زيارته المُريبة لجنوب إفريقيا... بدلاً من أن يَجيءَ باقتراح رجعي وماضوي لا ينم سوى عن شيء واحد، هو أنه قد يكون غَرَفَ، كما غرف سابقوه، من محفظات السفه الجزائري في تدبير أموال الغاز والنفط، ونال نصيبه كثمن لإعادة مضغ ما لفظه، أو بالأحرى ما "تقيّأه" الرئيس بوتفليقة قبل نحو اثنتين وعشرين سنة، في عهد المبعوث الشخصي جيمس بيكر، والقول بالتالي بمقترح تقسيم الصحراء المغربية بين الجزائر، المتوارية من جرّاء جبنها التاريخي والمعتاد خلف مُسمّى الجمهورية الوهمية اللقيطة، ومحاولة تبرير هذا المقترح العَبَثي بالقول إنّ المغرب سبق له أن قبل تقسيم نفس الأقاليم مع موريتانيا بعد المسيرة الخضراء مباشرة!!
 
لسنا هنا، ومعنا كل العالم من حولنا، من البلادة والغباء ما يجعلنا لا نميّز بين قسمتين: 
- إحداهما مع موريتانيا التي ستظل تجمعنا بها نفس الحدود بغض النظر عن الخريطة التي ستنتج عن تلك القسمة؛ 
- وثانيتهما مع الجزائر مرتديةً جُبّةَ البولبساريو، وهي القسمة التي ستفصلنا عن جارتنا الجنوبية الغربية، موريتانيا، وتفصلنا بتحصيل الحاصل عن امتدادنا الإفريقي، وتشكّل بالتالي تطوبقاً لترابنا الوطني، واقتصادنا، واختراقاً لسيادتنا، وتحجيماً لكل ما بنيناه بالدماء والأنفس والأموال طوال نصف قرن، وتحويل جنوبنا إلى سياجات من الحديد والنار تعزلنا عن كل العالم، وهذا هو الحلم الذي تعيش الجزائر على أمل تحقيقه منذ 1962وإلى غاية لحظة كتابة هذه الأسطر!!
 
أيُّ غباءٍ هذا الذي ضرب يافوخ دي ميستورا؟! وأي مُقابل ماليّ، هذا الذي قدمه له نظام الجزائر، الأشد غباءً، حتى يقبل بوضع نفسه وسمعته ووزنه الاعتباري في هذا الموقف المثير للرثاء والسخرية الزرقاء، رغم أنه يعلم أن مبعوثا سابقاً، هو جيمس بيكر، سبق له أن غرف من ذات المحفظة، وسبق له أن تبنّى المقترح ذاته للرئيس الجزائري السابق، كما سبق له أن ووجه برفضٍ مغربيٍّ قاطع لا يتزعزع؟!
 
كيف نسي هذا المبعوث المضروب في رأسه هذه المعطيات التاريخية رغم قربها الزمني من لحظة تعيينه ومجيئه؟! وكيف لعب "الغازودولار" الجزائري برأسه وفكره وسلوكه إلى هذه الدرجة؟! 
 
هل هي نفس الرغبة التي طوّحت به قبل أشهر إلى أدغال جنوب إفريقيا في رحلة قنصٍ لم يصطد فيها سوى الفراغ والعبث، على أمل الحصول على تقاعد مريح يحقق له ولأسرته ما عجز عن تحقيقه رغم رَاتبه المالي الخيالي، زيادةً على التعويضات والمكافآت والإكراميات الملحقة بذاك الراتب... كما فعل قبله المبعوثون السابقون وموظفو الأمانة العامة لهيأة الأمم المتحدة، من المرتشين، الذين اتسخت أيديهم بغاز الجزائر ونفطها وعطاءاتها القَذِرة الظاهرة والخفية؟!
 
حسناً... ألا يُدرك هذا المبعوث أن فعله الدنيء هذا يمس بالسيادة المغربية ويلحق بملفها المشروع كل الضرر بمحاولته الرجوع به إلى ما قبل اثنتين وعشرين سنة بالتمام والكمال، وكأن المغرب لم يخرج من مسيرته الخضراء ولم يَطرُد قواتِ الاستعمار الإسباني من صحرائه إلا بالأمس فقط؟!
 
هل يعتبر هذا المبعوث أن وقت الدول وجهدها ومالها يمكن أن تذهب كلُّها سُدًى، وأنّ دماءَها يمكن أن تُراق هدراً، إكراماً لسواد عيونه، واحتراماً لطموحه غير المشروع إلى التمتع بتقاعد يحتفظ له عند المغادرة بكل امتيازاته وأكثر؟!!
 
وهذه الجزائر، المُنِمّة بين كل سلوك وآخر عن غباء قياسي لا نظير له في تاريخ السياسة والدبلوماسيا، هل تعتقد جادَّةً بأن المجتمع الدولي يمكن أن يُصدّقَ تَظاهُرَها بتجاهُل مقترح ديميستورا المضحك، ويُصدّقَ بالتالي ذلك الرفض الذي أبداه زعيم ميليشياتها الجنوبية إبراهيم الرخيص للمقترح "الديميستوري" ذاته، رغم علم المجتمع الدولي بكونه مجرد فكرة جزائرية رعناء سبق أن طرحها بوتفليقة بكل جُبن من وراء جُبّة جيمس بيكر، وأن المملكة المغربية سبق لها أن ردّت عليه بِلاءاتٍ شديدةِ القوّة صاغتها في إبّانها بكل اللغات؟!!
 
نهايته... نحن هنا أمام عَبَثٍ أمميٍّ ينبغي على الأمين العام للأمم المتحدة أن يتبرّأ منه ويغسل يديه من وسخه وقذارته، وإلا فسيصيبه مثل ما أصاب سلفَه "بان كيمون" من السقوط والافتضاح... وليس موعد صدور قرار مجلس الأمن المرتقب ببعيد!!! 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي.