ليس بالسهل أن تبصم على مسار استثنائي دون أن تتملك جاهزية ملائمة لوضعية تستلزم موقفا مبدئيا ولكفاءة مشروطة وقدرات ممكنة لتحتل هذه المرتبة في قلوب الناس قبل عيونهم .الأحداث الراسخة التي تبقى في الذاكرة يصنعها الرجال وهم قلة ، حكيم زياش لا يخرج عن هذه الدائرة ولهذا المعطى الأساسي استحق على الأقل لقب سقراطيس المغرب وبلا منازع. ليس صدفة أن أسميه بهذا الإسم بكل مايحمله من سمات ثقافية وفلسفية وفنية كذلك. بل هناك حيثيات أخرى تجعل من هذا اللاعب الذي انحاز لوطنيته وانتمائه المغربي عوض الانتساب لبلد الإقامة هولاندا .اللاعب الذي أدخل الفرحة إلى بيوت المغاربة وهو يصنع الحدث بتوقيعه على مواقف جريئة ومشرفة توضح بالملموس ان هذا النجم ليس عاديا. فكما يقتنص بذكاء أهدافا في مرمى الخصوم عاينا كيف يسجل في اللحظة الحاسمة رأيا وتعبيرا ينسجم مع قضايانا المصيرية رغم تباين كثير من المقومات مقارنة مع البرازيلي سقراطيس أوكما يحلو لمتابعي كرةالقدم تسميته فهو حكيمها الطبيب برازيليرو سامبايو دي سوزا فييرا إي أوليفيرا والذي ضحى بمساره الكروي الإحترافي رغم تألقه من أجل قضية أسمى هي التعبئة للانتخابات كآلية لتحقيق الديمقراطية من أجل النهوض باوضاع المجتمع وكيف استطاع ان يحول انتصار كروي لفريق عادي بالدوري البرازيلي إلى انتصار ديمقراطي لوطن .ان ينقل لعبة كرة القدم من الترفيه إلى التأطير السياسي .
المغريي حكيم زياش لايخرج عن هذا النطاق باعلانه مساندة الشعب الفلسطيني وقلب الطاولة على جناح التطبيع مع كيان غاصب غاشم .موقف مشرف لاسيما ونحن نعلم أن متابعي صفحة هذا النجم تفوق الميلون متابع وهو امرله بالغ التأثير.
لقد أراد حكيم زياش بموقفه هذا أن يبلغ الرأي العام المحلي والدولي أن السكوت عن همجية الطغيان لم تعد محتملة مع قساوة المشاهد الآتية من هناك وهو امر يفوق التصور والتحمل النجمان يلتقيان على الأقل في قيمة اساسية تخرج اللعبة من الترفيه والتسلية إلى حمل هموم الأمة والوطن. نحن نناقش هذه الظاهرة دون أن نغفل دورالجماهير كذلك في تبني ملفات وطنية وفضح الفساد السياسي والتضامن مع القضاياالوطنية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لقد انتزعت الجماهير الكروية على وجه الخصوص زمام الأمورمن الساسة والفاعلين كما هم اللاعبين على رقعة الملعب، بل استطاعت ان توصل رسائلها بأبلغ الطرق لمن يهمه الأمر ولم نعد نكتفي بمشاهدة مباراة ونتائجها بقدرماننتبه للوحات الفنية التي تنجزعلى المدرجات.
حكيم زياش لم يكن لاعبا عاديا يداعب الكرة في الملعب ليؤدي دوراعاديا فالملاحظ ان مساره بالمنتخب على الأقل صاحبته زوابع وانتفاضات ففي كل مرة نتابع نقاشا حول سلوك اللاعب الكروي وخارج رقعة الملعب.موقفه الأخير يعلم كثيرون جيدا امتداده ومخرجاته وبالتالي اذا كانت جهات معلومة قد ازاحته من لائحة المنتخب في المقابلتين الأخيرتين تحت مبررات ودواعي واهية فان وجوده في قلوب محبيه قد ازداد بأعداد مضاعفة دون أن يدرك مدبرو هذه العملية انهم ساهموا بدون وعي مسبق في رفع اسهم هذا اللاعب الاستثنائي لدى الراي العام الوطني والدولي كلاعب حامل لقضية وليس رقما عاديا كالباقي .
سيحتفظ التاريخ بهذا الإسم اللامع والمشرق. ولن ينساه على الأقل محبوه . دعونا نرفع القبعة لهذا الرجل الذي لم تغره كل الامتيازات من أجل التخلي عن موقفه المبدئي اتجاه قضيتنا الفلسطينية فتحية لسقراطيس المغرب حكيم زياش...