مرصد يفكك التحديات الكبرى المطروحة أمام حكومة أخنوش

مرصد يفكك التحديات الكبرى المطروحة أمام حكومة أخنوش عزيز أخنوش
أصدر مرصد العمل الحكومي، التابع لمركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، ورقة سياسية حول تحديات الدخول السياسي في ظل السنة الرابعة من ولاية حكومة عزيز أخنوش.

وأبرزت الورقة أن تفشي الفساد يأتي في مقدمة هذه التحديات، الذي يُعتبر من أبرز المعيقات أمام التنمية، حيث تشير التقارير إلى أن كلفة الفساد في المغرب تتجاوز 50 مليار درهم سنويًا، مما يؤثر سلبًا على الموارد المالية للدولة وفرص تحسين مستوى معيشة المواطنين.

علاوة على ذلك، تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا يتعلق بتوفير الموارد المالية اللازمة لمشاريع الإصلاح والتنمية، في ظل ارتفاع النفقات الحكومية وضغوط الالتزامات الاجتماعية، ما يتطلب تحقيق توازن دقيق بين الوفاء بالتزامات التنمية والحفاظ على الانضباط المالي، مع ضرورة تعزيز العائدات الضريبية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.

وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، يُعد ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقته الحكومة طموحًا كبيرا، إلا أنه يواجه تحديات تتعلق بالاستدامة المالية وفعالية آليات تحصيل الاشتراكات، ما يُشكل ملف إصلاح التقاعد أزمة معقدة تستلزم حلولاً عاجلة، إذ يواجه نظام المعاشات خطر الإفلاس بحلول عام 2028، مما يتطلب إصلاحات جذرية تضمن حقوق المتقاعدين وتوازن النظام المالي.

لا تقتصر التحديات على الجوانب المالية والإصلاحية، بل تشمل أيضا قطاع الطاقة والماء، حيث يُعد التحول الطاقي ضرورة ملحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية، ويتطلب ذلك استثمارات ضخمة وتطوير بنية تحتية فعالة، بينما تزداد أزمة المياه تعقيدًا في ظل التغيرات المناخية.

في خضم هذه التحديات، يبقى التشغيل من أبرز النقاط الضعيفة، إذ تسجل البلاد مستويات مقلقة من البطالة، تتجاوز 13.7%، مما يستدعي تدخلا عاجلا لتعزيز التشغيل وتحسين الظروف المعيشية للفئات الهشة. ويُعد تعزيز القوانين الاجتماعية ضرورة حيوية لتوفير بيئة عمل مناسبة تُحفز الاستثمارات وتضمن حقوق العمال.


1- غول الفساد
يُعتبر الفساد في المغرب من أبرز التحديات التي تواجه حكومة عزيز أخنوش في عامها الرابع، حيث وصل إلى مستويات خطيرة تهدد الاقتصاد الوطني واستقرار المجتمع. فقد بلغت كلفة الفساد في المغرب ما يزيد عن 50 مليار درهم سنويًا، وهو ما يشكل نزيفًا حقيقيًا لموارد الدولة، ويؤثر بشكل مباشر على فرص التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وازداد الوضع تعقيدا مع تراجع تصنيف المغرب في مؤشر إدراك الفساد العالمي، حيث انخفض ترتيبه من المرتبة 73 إلى المرتبة 97 عالميا في غضون خمس سنوات، مما يعكس انتشارا متزايدا للفساد في مختلف القطاعات وضعف الجهود الرامية إلى محاربته.

ورغم خطورة هذه الظاهرة، فإن حكومة أخنوش لم تتمكن حتى الآن من تقديم تصور واضح وفعّال لمواجهة الفساد والحد من تداعياته، بل على العكس من ذلك، أشار تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023 إلى عدم انخراط المؤسسات الحكومية والإدارية بالشكل المطلوب في تفعيل استراتيجية محاربة الفساد التي تم وضعها منذ سنوات، حيث يظهر التقرير غياب الالتزام الفعلي من طرف الجهات المسؤولة في تنفيذ التدابير والإجراءات الموصي بها، مما يُفاقم من انتشار الفساد ويُضعف من فعالية السياسات الرامية إلى تحسين الحكامة، ما يزيد من التحديات التي تواجهها الحكومة، حيث يضعها تحت ضغط متزايد لإيجاد حلول سريعة وملموسة تعيد الثقة للمواطنين وتساهم في تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات.

2- الحاجة الى الموارد المالية.. والحفاظ على التوازنات
زيادة النفقات الحكومية نتيجة لمشاريع الإصلاح والتنمية التي أطلقتها الحكومة تتطلب تمويلا أكبر، مما يضعها أمام تحدي كبير يتعلق بإيجاد مصادر تمويل مستدامة للحفاظ على وتيرة تنفيذ هذه المشاريع دون التأثير سلبا على استقرار الميزانية العامة، حيث تواجه الحكومة ضغوطا لتحقيق توازن بين الوفاء بالتزاماتها التنموية، مثل تحسين البنية التحتية و مشاريع الطاقة و الماء وتطوير قطاعي الصحة والتعليم والقدرة الشرائية للمواطنين و تحسين الدخل ، وبين الحفاظ على الانضباط المالي وخفض العجز، حيث يصبح البحث عن موارد جديدة مسألة ضرورية، سواء من خلال تعزيز العائدات الضريبية بطرق أكثر فعالية وعدالة، أو عبر تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي يمكن أن تساهم في تمويل المشاريع الكبرى ، والاستفادة من التمويلات الدولية، سواء من خلال القروض الميسرة أو الشراكات مع مؤسسات مالية عالمية.

ومع ذلك، فإن هذه الخيارات تتطلب إدارة حذرة لضمان عدم ارتفاع مستويات الديون إلى مستويات غير قابلة للاستدامة (تصل نسبة الاستدانة في المغرب الى 69 في المئة من الناتج الداخلي الخام)، مما قد يؤثر على التصنيف الائتماني للبلاد ويحد من قدرتها على الاقتراض في المستقبل بشروط ميسرة، كل ذلك يجعل من الضروري تحسين فعالية الإنفاق العمومي وضمان توجيهه نحو القطاعات الأكثر أولوية وتأثيرا على التنمية، مما يساهم في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي دون الإخلال بالتوازن المالي.

3- ورش الحماية الاجتماعية ...رهان الاستدامة المالية
يواجه ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقه المغرب تحديا كبيرا يتعلق بضمان الاستدامة المالية، حيث تصل كلفة هذا المشروع إلى حوالي 51 مليار درهم سنويًا، تُمول من خلال مساهمات الدولة إلى جانب اشتراكات المنخرطين، إلا أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات كشف عن وجود خلل كبير في آلية تحصيل الاشتراكات، إذ أن إيرادات الاشتراكات لم تتجاوز نسبة 27 في المئة من إجمالي المشتركين المستهدفين. هذا الواقع يثير تساؤلات جوهرية حول مدى انخراط المغاربة في هذا المشروع الوطني، ومدى فعالية السياسات المتبعة لضمان مشاركة أوسع وشاملة، فضعف الإقبال على الاشتراك يعكس غياب الثقة لدى فئات واسعة من المجتمع، خاصة في ظل غياب إصلاحات مرافقة تزيد من جاذبية الورش وعدالته، وهو ما لم تعالجه حكومة عزيز أخنوش بشكل كاف، حيث أن تحسين جاذبية هذا المشروع يتطلب إجراءات فعالة تسهم في تحسين التواصل حول فوائده وتعزيز العدالة الاجتماعية بين مختلف الفئات، مما يشجع المواطنين على الانخراط والمساهمة بشكل أكبر في هذا النظام، فمن دون هذه الإصلاحات، يبقى المشروع معرضا لضغوط مالية متزايدة قد تؤثر على استدامته، وهو ما يهدد بتحقيق أهدافه في تحسين الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها ليشمل الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.

4- اصلاح التقاعد.. خطر الإفلاس
يشكل ملف إصلاح التقاعد في المغرب أزمة معقدة تتطلب حلولا عاجلة ومستدامة، حيث يواجه نظام المعاشات المدنية خطر الإفلاس بحلول سنة 2028، إذ من المتوقع أن يستنفد هذا النظام كامل احتياطاته، مما سيجبر الدولة على ضخ ما يقرب من 14 مليار درهم سنويا للحفاظ على استمرارية صرف المعاشات لفائدة المتقاعدين.

تدرك الحكومة خطورة هذا الوضع، لذا أكدت من خلال اتفاق الحوار الاجتماعي أنها ستسعى إلى التوصل إلى اتفاق لإصلاح منظومة التقاعد مع الفرقاء الاجتماعيين خلال هذه السنة، ومع ذلك، فإن الإصلاح المطروح من طرف الحكومة يرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية، هي: الزيادة في قيمة الاشتراكات، والرفع في سن التقاعد إلى 65 سنة، وخفض قيمة المعاشات، هذا التوجه يعني أن الاجراء سيتحملون بشكل شبه كامل عبء تكاليف هذا الإصلاح، وهو ما أثار رفضا واسعًا من النقابات التي ترى أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على العمال والموظفين، دون تقديم ضمانات كافية بشأن تحسين جودة التقاعد على المدى البعيد.

ويزيد من تعقيد هذا الملف عدم التوافق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين، مما يعزز المخاوف حول قدرة الحكومة على المضي قدمًا في إصلاح يحقق التوازن بين استدامة النظام وحماية حقوق المتقاعدين والعاملين على حد سواء، في ظل هذا الوضع، يبقى ملف إصلاح التقاعد ورشا شائكا وحساسا يفرض على الحكومة التعامل بحذر وتقديم تنازلات تضمن استدامة النظام دون تحميل العاملين وحدهم كلفة هذا الإصلاح.

5- الطاقة والماء ... الطموح الأبرز
تواجه حكومة عزيز أخنوش تحديات متعددة تتعلق بملف الطاقة والماء، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة للتغلب عليها، ففي مجال الطاقة، يُعتبر التحول الطاقي أحد أبرز التحديات، حيث يجب على الحكومة تقليص الاعتماد على الطاقة الأحفورية التي تساهم في عجز الميزانية، حيث تشير التقديرات إلى أن تكاليف الطاقة التقليدية تمثل حوالي 50% من إجمالي العجز في الميزان التجاري، و لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة، يتوجب على الحكومة العمل على هدف بلوغ 52% من المزيج الطاقي الوطني بحلول عام 2030، وهو ما يستلزم استثمارات ضخمة تُقدر بحوالي 143 مليار درهم. تحقيق هذا الهدف يتطلب تحسين البنية التحتية، بما في ذلك تطوير محطات الطاقة الشمسية والريحية وتطوير عرض المغرب (الهيدروجين الأخضر)، إلى جانب توفير التمويلات اللازمة من القطاع الخاص والجهات الدولية، حيث يُعتبر جذب الاستثمارات أحد العناصر الأساسية لنجاح هذا التحول.

أما في مجال الماء، فإن الأزمة تزداد تعقيدا بسبب التغيرات المناخية ونقص الموارد المائية. وفقا للتقديرات ، يُتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في المغرب بنسبة 30% بحلول عام 2030، مما يفرض ضغطا إضافيا على الموارد المائية المتاحة، ولمواجهة هذه التحديات، تسعى الحكومة إلى إنشاء 36 محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030، والتي تتطلب استثمارات ضخمة تقدر بحوالي 10 مليارات درهم، هذا بالإضافة إلى مشاريع الربط المائي بين الأحواض المائية، التي تتطلب استثمارًا إضافيًا قدره 20 مليار درهم، ويُعتبر التنسيق بين القطاعات المختلفة تحديا كبيرا في هذا السياق، إذ أن عدم التنسيق بين الوزارات المعنية يؤثر سلبا على فعالية البرامج والمشاريع المائية والطاقية، مما يستلزم ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وفي إطار تعزيز الوعي العام، يُعتبر تحسين ثقافة الحفاظ على الموارد الطبيعية أمرا حيويا، حيث يتطلب الأمر جهودا حثيثة لزيادة الوعي حول أهمية الترشيد في استهلاك الطاقة والماء. تشير الدراسات إلى أن 60% من المغاربة لا يمتلكون المعرفة الكافية حول كيفية ترشيد استهلاك المياه والطاقة، مما يُظهر الحاجة الماسة لتكثيف الحملات التوعوية. إن تفعيل هذه الجهود سيساهم في تعزيز الانخراط المجتمعي ودعم الحكومة في تحقيق أهدافها الطموحة.

في المجمل، تواجه حكومة أخنوش تحديات مالية ولوجستية كبيرة تتعلق بتوفير الطاقة والماء، تتطلب استجابة سريعة وفعالة لمواجهة هذه القضايا الحيوية وضمان استدامة الموارد الطبيعية في المستقبل. فالنجاح في التغلب على هذه التحديات سيُعتبر مؤشرًا على فعالية الحكومة في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة حياة المواطنين.


6- التشغيل ... الحلقة الأضعف
يُعد التشغيل من أبرز نقاط ضعف حكومة عزيز أخنوش، حيث تُسجل البلاد مستويات مقلقة من نسبة البطالة، إذ وصلت هذه النسبة إلى 13.7% كرقم قياسي، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن القدرة على توفير فرص الشغل للشباب، بالإضافة إلى ذلك، يواجه المغرب تحديا آخر يتمثل في تزايد أعداد الشباب الذين لا يعملون ولا يتلقون التعليم أو التدريب (NEET) الذين بلغوا ازيد من مليون ونصف، مما يعكس فشل المنظومة في تلبية احتياجات فئة حيوية من المجتمع.

في ظل توالي الأزمات الاقتصادية الدولية والجفاف الذي أثر بشكل كبير على الأنشطة الاقتصادية، وخاصة في القطاع الفلاحي ، فقد انخفض عدد مناصب الشغل في المجال القروي بأكثر من 160 ألف منصب، مما يزيد من حدة أزمة البطالة، وبناءً على هذه المعطيات، تبرز ضرورة اشتغال الحكومة على التحول الاقتصادي نحو الاعتماد على الصناعة، مما يتطلب بلورة برامج إرادية جديدة للتشغيل تستجيب فعليا للإشكاليات التي يواجهها سوق الشغل، كما يتعين كذلك على الحكومة تطوير استراتيجيات تتضمن تحفيز الاستثمارات في القطاعات الصناعية والخدمية، وتعزيز التكوين المهني وتوفير الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث أن هذه الخطوات ستكون ضرورية لخلق فرص العمل المستدامة وتحسين الأوضاع الاقتصادية للشباب المغربي، والتغلب على أزمة البطالة يتطلب أيضا تنسيقًا فعالً بين مختلف القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، لضمان خلق بيئة مواتية للنمو والتشغيل ، وهو ما يُعتبر من أبرز التحديات المطروحة أمام الحكومة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

7- القوانين الاجتماعية ... الإخفاق او النجاح
تُواجه حكومة عزيز أخنوش مجموعة من التحديات البارزة المتعلقة بالقوانين الاجتماعية، والتي تمثل عوامل حاسمة في تعزيز مناخ الأعمال وتحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب، حيث تعتبر قضايا مثل قانون الإضراب، وتعديل مدونة الشغل، وتنظيم عمل النقابات من الملفات الحيوية التي تعكس التزام الحكومة بتحسين ظروف العمل وتعزيز حقوق العمال، ورغم تضمين هذه القضايا في اتفاق الحوار الاجتماعي، فإن الحكومة لم تُحرز تقدما ملموسا في معالجتها، مما يُثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على تنفيذ هذه الالتزامات.

فكما هو معلوم فإن المغرب يسعى حاليا إلى قلب معادلة الاستثمار بحيث تُصبح الثلثين من الاستثمارات خاصة، بينما يُخصص الثلث فقط للاستثمارات العامة، وهذا التحول يتطلب بيئة قانونية مستقرة وشفافة تشجع على استقطاب الاستثمارات الخاصة وتعزيز الثقة بين المستثمرين والحكومة، وبالتالي، يصبح تطوير القوانين الاجتماعية ضرورة ملحة لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية، سواء من العمال أو أصحاب العمل.

إضافةً إلى ذلك، يبرز ضرورة تطوير برامج تأهيلية وتدريبية تساهم في رفع مستوى كفاءة العمال، حيث يواجه سوق العمل تحديات جديدة مثل التحول الرقمي والتغيرات التكنولوجية السريعة. إن دعم التكوين المهني وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص سيكون له تأثير إيجابي على خلق فرص العمل وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.

في المجمل، يتضح أن معالجة القضايا الاجتماعية والتقدم في التشريعات ذات الصلة تُعتبر من التحديات الرئيسية التي تواجه حكومة أخنوش، والتي تتطلب استجابة سريعة وفعالة لضمان تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في البلاد، فالنجاح في تحقيق هذه الأهداف سيكون له أثر إيجابي على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يعزز من قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المستقبلية.


8- الاحتقان الاجتماعي ... التزايد المقلق
تواجه حكومة عزيز أخنوش حالة احتقان اجتماعي غير مسبوقة في مختلف القطاعات، حيث تعكس هذه الأوضاع الصعبة تزايد المطالب الاجتماعية من قبل المواطنين نحو زيادة الأجور، وتحسين مستوى الدخل، والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة.، إذ تتطلب الاستجابة لها زيادة في الميزانيات المخصصة للبرامج الاجتماعية، مما يرفع من مخاطر الالتزامات المالية للحكومة.

يُضاف إلى هذه التحديات تأثير ارتفاع الأسعار ومستويات التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين. فقد شهد المغرب خلال الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في الأسعار، لا سيما في المواد الغذائية والطاقة، مما أثر سلبا على حياة الأسر المغربية. إذ يُعتبر التضخم أحد العوامل الرئيسية التي تُضعف القوة الشرائية، مما يجعل من الصعب على المواطنين تلبية احتياجاتهم الأساسية، وبهذا، يصبح تحقيق الاستقرار الاجتماعي أمرا بالغ الأهمية لضمان تمكين المغاربة من شروط حياة كريمة.

يتطلب ذلك تبني سياسات اقتصادية فعالة تتضمن إصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما ينبغي للحكومة أن تعمل على تحسين الظروف المعيشية للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك الفئات العاملة في القطاعات غير المهيكلة.

بالتالي، يجب على الحكومة أن تُظهر جدية في التعامل مع هذه التحديات، وأن تتبنى مقاربات شاملة تتضمن إشراك جميع الفاعلين الاجتماعيين، بما في ذلك النقابات والهيئات المدنية، من أجل تحقيق التوازن بين مطالب المواطنين وقدرة الدولة على الاستجابة لها، فالنجاح في هذا المجال سيكون له تأثيرات إيجابية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المغرب، مما يعزز من ثقة المواطنين ويحقق أهداف التنمية المستدامة.