من فضائح الزلزال.. إهدار 3 ملايير لبناء سكن مفكك لم يستفد منه منكوبو تارودانت أو الحوز

من فضائح الزلزال.. إهدار 3 ملايير لبناء سكن مفكك لم يستفد منه منكوبو تارودانت أو الحوز المشروع جزء من مبادرة "جماعة تافنكولت"
في قلب جبال الأطلس الصغير، على بعد حوالي 70 كيلومتراً جنوب مدينة تارودانت، تقع قرية تافنكولت، تلك القرية الصغيرة التي كانت شاهدة على مشروع سكني بعد زلزال 8 شتنبر 2023  طموح يهدف إلى تحسين ظروف عيش السكان المحليين.  حيث تم تشييد نحو 102 وحدة سكنية مسبقة الصنع، بتكلفة مالية كبيرة وبأمل أن تصبح ملاذاً لأسر المنطقة التي تعاني من نقص في السكن اللائق بعد فاجعة شتنبر 2023. ومع ذلك، وبعد مرور مدة على اكتمال المشروع، تبقى هذه السكنيات مهجورة، بدون سكان ولا حياة.
 
كان المشروع جزءاً من مبادرة ب"جماعة تافنكولت"، حيث أعطى والي جهة سوس ماسة، الانطلاقة الرسمية لمشروع إقامة مخيم مؤقت لإعادة الإسكان في حالات الكوارث، والذي يضم 102 وحدة سكنية نموذجية مؤقتة، بما فيها كلفة التجهيز وتأهيل البنية التحتية والربط بالماء والكهرباء والصرف الصحي وتوفير مرافق اجتماعية وخدماتية من مسجد ومستوصف ومقرات إدارية وتسوير القرية ومرافق صحية وغيرها، بتكلفة مالية تقدر ب 31 مليون و 169 ألف و510 درهم، بشراكة ما بين عمالة إقليم تارودانت ومجلس جهة سوس ماسة ماسة وإحدى التعاونيات، حيث جرى توطينها كحل مستدام يوفر الوقت والمال، ويتناسب مع الظروف الطبيعية والجغرافية للمنطقة بعد زلزال 8 شتنبر 2023.
 
وعلى الرغم من الإنجاز السريع لهذه السكنيات، إلا أن الواقع الحالي يظهر مشهداً مؤلماً من الإهمال. البيوت المسبقة الصنع تقف على أطراف القرية كأشباح تذكّر الجميع بوعد لم يتحقق. الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع متشابكة، وتعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية، والإدارية، والاجتماعية، حيث ترفض الساكنة الانتقال إليها  والسكن فيها.
أحد الأسباب الرئيسية، وفق إفادات لـ"أنفاس بريس"، يكمن في عدم تهيئة البنية التحتية الأساسية التي تجعل من هذه السكنيات مكاناً قابلاً للسكن. فالطرق غير معبدة، علاوة على تردد من قبل السكان المحليين في الانتقال إلى هذه السكنيات نظراً لموقعها البعيد عن وسط القرية والخدمات الأساسية مثل المدارس والمراكز الصحية.
 ويتساءل مراقبون في حديثهم لـ"أنفاس بريس": من يتحمل المسؤولية؟ ولماذا هدر كل هذا المال من أجل توطين وحدات مسبقة الصنع لم تستعمل ولو ليوم واحد؟.

 الجواب، نقله أحد الفاعلين المحليين بقوله: غياب التواصل الفعّال بين الجهة الممولة والمجتمع المحلي يُعدّ عاملاً آخر ساهم في هذا الإهمال. فالمشروع، على الرغم من أهدافه النبيلة، يبدو وكأنه لم يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الحقيقية للسكان، أو كيفية جعلهم جزءاً من الحل بدلاً من مجرد متلقين له.
 
اليوم، يطرح سكان تافنكولت أسئلة حول مصير هذه السكنيات، وعن المسؤول عن الأموال التي تم صرفها دون تحقيق الفائدة المرجوة. بعضهم يعبّر عن خيبة أمل كبيرة، مطالبين بمحاسبة الجهة المشرفة على المشروع وإعادة تقييم احتياجات المنطقة.

وفي ظل هذا الوضع، تبقى الوحدات المسبقة الصنع رمزاً لفرصة ضائعة. لكنها أيضاً تذكير بأن مشروعات التنمية، مهما كانت نواياها طيبة، تحتاج إلى تخطيط شامل يأخذ في الاعتبار واقع السكان وتحدياتهم اليومية.

تعد قصة الوحدات المسبقة الصنع في تافنكولت (تارودانت) درساً في كيفية أن التنمية لا تتوقف عند بناء هياكل، بل يجب أن تشمل تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان وإشراكهم في صياغة الحلول. فالتنمية ليست مجرد مشاريع يتم تنفيذها من أعلى، بل هي عملية تشاركية تتطلب تفهماً عميقاً للواقع المحلي واحتياجاته، يشرح فاعلون من المنطقة.