دخلت شهرها العاشر من الإضراب.. هل وصلت أزمة كليات الطب للباب المسدود؟

دخلت شهرها العاشر من الإضراب.. هل وصلت أزمة كليات الطب للباب المسدود؟ جانب من الوقفة الاحتجاجية
أججت‭ ‬الاعتقالات‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬بعض‭ ‬أوساط‭ ‬طلبة‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬بالرباط،‭ ‬احتجاج‭ ‬باقي‭ ‬زملائهم‭ ‬وزميلاتهم‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬برز‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬خلال‭ ‬الإنزال‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬مدينة‭ ‬الرباط،‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬5‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬أمام‭ ‬مقر‭ ‬البرلمان‭..‬

لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح،‭ ‬ماذا‭ ‬بعد؟‭ ‬هو‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬همه‭ ‬ليس‭ ‬الطلبة‭ ‬المعنيون‭ ‬بهذا‭ ‬الإضراب‭ ‬عن‭ ‬الدراسة‭ ‬والتداريب‭ ‬الاستشفائية‭ ‬للشهر‭ ‬العاشر‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬الذين‭ ‬اختاروا‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬الاحتجاج،‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬بأيامها‭ ‬ولياليها،‭ ‬بخريفها‭ ‬وشتائها‭ ‬وربيعها‭ ‬وصيفها،‭ ‬وهاهو‭ ‬الخريف‭ ‬يعود‭ ‬دون‭ ‬حل،‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الغبن‭ ‬والتجاهل،‭ ‬والاحتجاج‭ ‬أيضا،‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬اللقاءات‭ ‬والوساطات‭ ‬والاجتماعات،‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام،‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الاستنفار‭ ‬الأمني‭ ‬المرافق‭ ‬لكل‭ ‬وقفة‭ ‬ومسيرة‭ ‬واعتصام،‭ ‬وما‭ ‬يستتبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كلفة‭ ‬أمنية‭ ‬وحقوقية‭ ‬وسياسية،‭ ‬وهدر‭ ‬للزمن‭ ‬الجامعي‭ ‬والتكويني‭.. ‬

بعد‭ ‬10‭ ‬أشهر‭ ‬هل‭ ‬وصل‭ ‬ملف‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬والصيدلة‭ ‬وطب‭ ‬الأسنان‭ ‬للباب‭ ‬المسدود؟‭ ‬هل‭ ‬ننتظر‭ ‬لتعلن‭ ‬الوزارة‭ ‬المعنية‭ ‬سنة‭ ‬بيضاء،‭ ‬بما‭ ‬تعنيه‭ ‬من‭ ‬ضياع‭ ‬للتكوين‭ ‬وارتباك‭ ‬للدراسة؟‭ ‬ثم‭ ‬هل‭ ‬أخطأ‭ ‬الطلبة‭ ‬التقدير‭ ‬في‭ ‬خوض‭ ‬مقاطعة‭ ‬مفتوحة؟‭ ‬هم‭ ‬يجيبون‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬الاحتجاجي‭ ‬كان‭ ‬ضمن‭ ‬آخر‭ ‬أساليب‭ ‬الاحتجاج،‭ ‬بدء‭ ‬من‭ ‬طلبات‭ ‬الحوار‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬الشارات،‭ ‬إلى‭ ‬الوقفات‭ ‬لساعات،‮ ‬‭ ‬إلى‭ ‬الوقفات‭ ‬لأيام،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬الأمور‭ ‬لما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬اليوم،‭ ‬بالمقابل،‭ ‬هل‭ ‬فشلت‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬ومعها‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬مخرج‭ ‬للأزمة؟‭ ‬ألم‭ ‬تطلق‭ ‬حكومة‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬حكومة‭ ‬الكفاءات،‭ ‬فأين‭ ‬هي‭ ‬تجليات‭ ‬هذه‭ ‬الكفاءات‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬مشكل‭ ‬بيداغوجي،‭ ‬قرر‭ ‬فيه‭ ‬الوزير‭ ‬الميراوي‭ ‬تخفيض‭ ‬فترة‭ ‬التكوين‭ ‬الطبي‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬سنوات؟‭ ‬وهو‭ ‬المشكل‭ ‬الرئيسي‭ ‬ضمن‭ ‬الملف‭ ‬المطلبي‭ ‬للطلاب‭. ‬ألم‭ ‬يعدم‭ ‬الوزير‭ ‬نفسه‭ ‬نظام‭ ‬البكالوريوس‭ ‬الذي‭ ‬أقره‭ ‬سابقه؟‭ ‬ألم‭ ‬يلغي‭ ‬الوزير‭ ‬نفسه‭ ‬قرار‭ ‬بناء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الكليات‭ ‬متعددة‭ ‬الاختصاصات،‭ ‬أقرها‭ ‬سابقه؟‭ ‬فلماذا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التعنت‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تخفيض‭ ‬فترة‭ ‬التكوين،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الجامعة‭ ‬عموما‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬فضاء‭ ‬مواتيا‭ ‬لتخريج‭ ‬الأطر‭ ‬بنفس‭ ‬التكوين‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬بدليل‭ ‬أسواق‭ ‬الشغل‭ ‬التي‭ ‬يضطر‭ ‬فيها‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬الشغل‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬فرص‭ ‬التكوين‭ ‬والتكوين‭ ‬المستمر؟‭ ‬والأقرب‭ ‬لهذا‭ ‬التخصصات‭ ‬الدقيقة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الدراسات‭ ‬الطبية،‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬تطورات‭ ‬متسارعة‭ ‬في‭ ‬الاكتشافات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬العموم‭ ‬وكليات‭ ‬الطب‭ ‬والصيدلة‭ ‬وطب‭ ‬الأسنان‭ ‬على‭ ‬الخصوص،‭ ‬تواكب‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬وكان‭ ‬عوض‭ ‬تقليص‭ ‬فترة‭ ‬التكوين،‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬إجابة‭ ‬لسؤال‭ ‬غياب‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ ‬العالمي‭ ‬للجامعات‭..‬

هي‭ ‬إذن‭ ‬أزمة‭ ‬مترابطة‭ ‬وبنيوية،‭ ‬أظهرت‭ ‬مدى‭ ‬استحقاق‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬لوصف‭ ‬«الكفاءات‭ ‬الوزارية»،‭ ‬ومدى‭ ‬تشبث‭ ‬طلبة‭ ‬في‭ ‬ريعان‭ ‬شبابهم‭ ‬بأحقيتهم‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬طبي‭ ‬يواكب‭ ‬نظام‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬ملكي‭ ‬رائد‭.‬
اليوم‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬أشهر،‭ ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬أفق‭ ‬لهذا‭ ‬المشكل،‭ ‬يطرح‭ ‬دور‭ ‬الوساطات‭ ‬المدنية،‭ ‬أحزاب،‭ ‬نقابات،‭ ‬جمعيات‭.. ‬فعلا‭ ‬هناك‭ ‬هيئات‭ ‬حاولت‭ ‬الوساطة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬لكن‭ ‬إصرار‭ ‬الطلبة‭ ‬وتجاهل‭ ‬الحكومة،‭ ‬جعل‭ ‬الهوة‭ ‬تزداد‭ ‬اتساعا‭. ‬

بالمقابل،‭ ‬استطاع‭ ‬وسيط‭ ‬المملكة‭ ‬كمؤسسة‭ ‬دستورية‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬المياه‭ ‬الراكدة،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬تجربة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬ملف‭ ‬المحامين‭ ‬المرسبين،‭ ‬بعد‭ ‬أشهر‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الاحتجاج،‭ ‬وكاد‭ ‬المغرب‭ ‬يفجع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬شبابه،‭ ‬بعد‭ ‬الإضراب‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬خوضه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعنيين،‭ ‬فعلا‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشكل‭ ‬بالتراضي‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬وإنهاء‭ ‬ملف‭ ‬شائك‭.‬

اليوم‭ ‬يدخل‭ ‬طلبة‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬الحوار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمت‭ ‬تسوية‭ ‬ملف‭ ‬طلبة‭ ‬الصيدلة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬معنيين‭ ‬بالسنة‭ ‬السابعة،‭ ‬جولة‭ ‬أولى‭ ‬انتهت‭ ‬بعودة‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬لمدرجاتهم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬فئة‭ ‬عريضة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تحتج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العودة‭ ‬للنظام‭ ‬الدراسي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬أكدت‭ ‬اللجنة‭ ‬الوطنية‭ ‬لطلبة‭ ‬الطب‭ ‬وطب‭ ‬الأسنان‭ ‬والصيدلة‭ ‬بالمغرب‭ ‬تشبثها‭ ‬بمبدأ‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬وقالت‭ ‬أنها‭ ‬ساهمت‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬ومسؤولية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬الوساطة‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬وسيط‭ ‬المملكة‭ ‬المحترم‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬إيجاد‭ ‬مقترحات‭ ‬واقعية‭ ‬وسريعة‭ ‬تعجل‭ ‬بالحل‭. ‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬اجتماعا‭ ‬ضمن‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية،‭ ‬اسْتُدعي‭ ‬له‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجنة‭ ‬للقاء‭ ‬وسيط‭ ‬المملكة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوقوف‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬النقط‭ ‬الخلافية‭ ‬وتقريب‭ ‬الهوة،‭ ‬والتشبث‭ ‬بالنقط‭ ‬الأخرى‭..‬
وبهذا‭ ‬يسجل‭ ‬لوسيط‭ ‬المملكة،‭ ‬السبق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طرفا‭ ‬جادا‭ ‬ومسؤولا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوساطة‭.‬