كيف ينقاد الرجل والمرأة إلى سرير الخيانة الزوجية بالمغرب؟

كيف ينقاد الرجل والمرأة إلى سرير الخيانة الزوجية بالمغرب؟

يطلب الزوج من زوجته أن يكون لها "صدر" هيفاء وهبي، و"خصر" نانسي عجرم، و"عيون" باسكال مشعلاني، ولأن هذه التفاصيل يصعب اجتماعها في امرأة واحدة، يصبح البحث عن خليلة يمكن تشكيل تمظهراتها الجسدية وفق "النمودج الإيروتيكي"، المسلك المؤدي إلى خيانة زوجته مع سبق الإصرار والترصد. يقع الزوج في فخ العلاقة غير الشرعية مدفوعاً بهوس اسمه "الإشباع الوهمي"، بينما تنقاد المرأة إلى سرير الخيانة بمحض أوهامها العاطفية، والاثنان معاً يعكسان خللاً في العلاقة الحميمة، وتدهوراً في البناء العاطفي. وإذا كانت الزوجة "جحيماً لابد منه"، فإن الخليلة لا تمثل سوى وعاء قابلا لاحتضان كتلة من التناقضات الجنسية اسمها الرجل، وفي المسافة الفاصلة بينهما، ينشب نزاع بين عقل "يخدر" ورغبة تشجع، ليتحول الجسد ، رجلاً كان أو امرأة، إلى زلزال يهز أركان بين الزوجية، ويهدم المعبد على رؤوس الجميع.

تخطت الخيانة الزوجية في المغرب دائرة الظاهرة العابرة، لتصبح فعلاً يجري اقترافه على أوسع نطاق، نتيجة التحولات التي طرأت على بنية الزواج، والتحرر الذي أخذ ينعكس على السلوكات والممارسات وقيم العصر المنفتح على كل شيء. صحيح أنه ليست هناك دراسات نستطيع من خلالها أن نقرأ الظاهرة في تشكلاتها المختلفة، لكن تسجيل 1000 (ألف) حالة حمل يومياً في المغرب نتيجة علاقات غير شرعية وخارج إطار الزواج ، تعكس أن الخيانة الزوجية آخذة في الانتشار، ومرشحة لتوسعات أكثر. الخيانة الزوجية جرم متعدد الهويات، فهي عند البعض "جريمة لا تغتقر"، وعند آخرين "مجرد متعة عابرة"، وعند صنف ثالث "نزوة لها ما يبررها"، لكن الانسياق وراء "النموذج الأنثوي الجاهز"، وليس تحكيم العقل والضمير، هو الذي يؤسس لعلاقة غير طبيعية بين زوج لم يعد يرى في زوجته "فتنتها السابقة"، وخليلة تنخرط في التحام جسدي محرم مدفوعة برفض واقعها. وإذا كان من المبالغة القول إن لكل زوج خليلة، فإن نسبة كبيرة من الأزواج مختلفي الأعمار والمستويات الاجتماعية،، تربطهم علاقات جسدية مع خليلات، ونفس الأمر بالنسبة للزوجات وإن كان بنسبة أقل كثيراً.

يجمع المختصون في علم النفس الأسري والباحثون الاجتماعيون على أنه من العبث العثور على أسباب الخيانة الزوجية من خارج الذات، لأن الخيانة تابعة أساساً من الذات التي لا تملك الحصانة ضد خطأ من هذا النوع شديد التجريم. وهنا لا يمكن القول إن الخيانة صفة مرتبطة بالمرأة، والنزوات الجنسية صفة لصيقة بالرجل. صحيح أن "شهر العواطف الحارة" بين الزوجين ينتهي قبل موعده، وأن الزوجة تصبح أقل سحراً بمرور الأيام، إلا أنه ليس هناك "اتفاق"، على عدم الخيانة، لأن احتياجيات الرجل الجنسية لا تخضع لـ "مساطير"، مثلما أن متطلبات المرأة العاطفية لا تخضع لـ "جهاز رصد". إن في قلب كل رجل يكمن "صياد ماهر"، والمرأة التي تمتلك صفات الجاذبية الشبقية المطلوبة، تتحول دائما إلى فريسة سهلة الوقوع في الشباك، وعندما يظن الرجل أنه قد "اصطاد فريسته"، يكون هو نفسه تحول إلى "فريسة". هذا يفسر كيف أن الخليلة تصبح "ضرة" للزوجة التي هي آخر من يعلم، وكيف أن العاشق يتحول إلى أكثر من زوج بالنسبة لتلك التي تجعل سرير الزوجية "ملكاً مشاعاً" يتقاسمه أكثر من جسد وأكثر من آهة. في رواية "الحرف القرمزي" لناثانيال هوثورن، تم إلزام الخائنة "هيستر" بارتداء الحرف القرمزي "ء" على كل قطعة من ملابسها ليعرف كل الناس أنها لطخت سرير الزوجية بجريمة "الزنا".

إن شيئاً من ذلك يصاحب المرأة المغربية الخائنة لميثاق الزوجية، حيث يتم التشهير بها، بينما لا تعتبر خيانة الزوج سوى "تصرف طائش"، علماً أن الخيانة واحدة ولا يمكن فصلها إلى فعلين أحدهما (المرأة) مدان، والثاني (الرجل) مبرر. من دون شك، إن استغلال الجسد الأنثوي وتصريف ممتلكاته الظاهر منها والباطن، عبر وسائل الإعلام المعلومة، شكل العلامات الأبرز على الطرق المؤدي إلى تهريب السرير خارج بيت الزوجية. لقد صنع الإعلام العابر للقارات، والداخل إلى غرفة النوم، "نموذجاً" للمرأة/ الدامية، عندما يبحث عنه الرجل المغربي داخل بيته، لا يعتبر له على أثر، فيتوهم أن الخليلة تملك من صفات "النمودج" ما يشبع عطشه للاستهلاك الجسدي. هكذا تواصل الدائرة دورانها، وعلى إيقاعها ذي الطابع الإيروتيكي الصرف، يواصل الرجل، مثلما تواصل المرأة، ملاحقة وهم صاغه سماسرة دوليون، حولوا المرأة إلى مجرد حرف قرمزي "ء".