نّعناعُ تيزنيت.. رَائحةُ التّاريخ والنّكهة المُميّزة 

نّعناعُ تيزنيت.. رَائحةُ التّاريخ والنّكهة المُميّزة  سي إبراهيم، قيدوم بائعي النعناع، قرب سوق الباشا (خلف المحكمة الابتدائية القديمة) داخل المدينة العتيقة لتيزنيت
لا يتميز إقليم تيزنيت بتراثه الغنيّ وصناعته التّقليدية المُتميزة فقط، با ويحملُ في جُعبته سِرّاً آخر من أسْرار الطّبيعة المغربية، ألا هو "النّعنَاع" المشهور ب" نعناع تيزنيت".
هذا النّباتُ العِطْري الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من ثقافة وتقاليد الشاي المغربي، فضلا عن كونه رمزاً للأصالة والتراث الزراعي.
لنعناع تيزنيت خصوصيات تميزه عن "النعناع" بباقي المناطق المغربية. 
فمن حيث جودة التربة والمناخ، تتسم تربة إقليم تيزنيت بتنوعها وخصوبتها، ما يجعلها بيئة مثالية لنمو النباتات العطرية كالنعناع. كما أن المَناخ المعتدل والمشمس يلعب دوراً كبيراً في إنتاج هذا النعناع ذي النكهة القوية.
   
 تعتمد الكثير من المناطق الزراعية في تيزنيت، وعلى وجه الخصوص دواوير "أولاد جرار" (حدّ الركادة)، و"أيت براييم" (بونعمان)، على مياه الأنهار والينابيع الطبيعية، مما يضفي على النّعناع جودة أعلى ونكهة أكثر نقاءً، مقارنة بالنعناع الذي يُزرع في مناطق تعتمد على الرّي الاصطناعي.
يعتني المزارعون في منطقة تيزنيت، بمحاصيلهم بطرق تقليدية ورثوها عن أجدادهم، معتمدين على خبرات طويلة تضمن حصولهم على نعناع عالي الجودة، الذي يصدر إلى مدن مراكش والدار البيضاء، خاصة كاريال سنطرال ودرب عمر..، وحتى إلى فرنسا عبر حافلات النقل الدولي.
 
ما يميز النعناع التيزنيتي، والذي يجعله مطلوباً في السوق المحلي وحتى الدولي، نكهته المميزة، فهو من  بين أفضل أنواع النعناع في المغرب بفضل نكهته القوية التي تعطي الشاي مذاقاً مميزاً.
وإلى جانب استخدامه في تحضير الشاي، يُستخدم النعناع في الأدوية التقليدية، والطهي، والعلاجات العشبية نظراً لخصائصه الطبية المفيدة.
غير أنه لا توجد إحصاءات دقيقة تبرز إنتاجية النعناع في الإقليم بشكل سنوي. ولكن وفقاً لمزارعين محليين، فإن تيزنيت تنتج كميات كبيرة تُلبّي احتياجات السكان المحليين، مع تصدير كميات منه إلى المدن المجاورة
 
وعلى الرغم من أن النعناع ليس هو المحصول الرئيسي للإقليم، إلا أن دوره يظل بارزاً في دعم الاقتصاد الزراعي بتزنيت، خاصة في الفترات التي تزداد فيها الطلبات، مثل فصل الصّيف حيث يُستهلك الشّاي بكثرة.
ورغم الجهود التي يبذلها المزارعون، تواجه زراعة النّعناع في تيزنيت عدة تحديات، أبرزها تأثيرات تغير المناخ، كارتفاع درجات الحرارة قد تؤثر على جودة الإنتاج، إلا أنه رغم اعتماد الزراعة في تيزنيت على مصادر المياه الطبيعية، إلا أن تزايد الطلب وانخفاض الموارد المائية قد يؤثر على زراعة النعناع.
 
النّعناع في إقليم تيزنيت ليس مجرد نبات، بل هو جزء من هوية المنطقة وتاريخها الزراعي. هذا النّبات العطري الذي يضفي الحياة على أكواب الشاي ويُدخل البهجة إلى القلوب يعكس روح العمل الدؤوب والفخر بالموروث الطبيعي بنكهته المميّزة.